التّطعيم في مدراس الأونروا في سوريا.. أثر مدموغ في الذاكرة
سبتمبر 24, 2021 11:24 ص*علي بدوان
كان التّطعيم، أو ما نُسمّيه الآن “التلقيح ” مهمة أساسية تقع على عاتق الجهات الصحية في وكالة “الأونروا”، في عموم مدارسها المنتشرة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية.
وأذكر، ومذ كنتُ في الصف الأول الإبتدائي 1966 – 1967، في مدراس الوكالة بمخيم اليرموك، وإلى حين نيل شهادة الدراسة الإعدادية المسماة بـ(الكفاءة)، والتي كانت تُسمّى في فلسطين شهادة (المترك)، كانت عملية التّطعيم دائمة، وميزتها أنّها كانت تجري بشكلٍ منتظم ودون تأخير، مستهدفة كافة التلاميذ.
لكن الملفت حينها أنّ التّطعيم أو “التّلقيح “، بلغة الواقع الحالي، كان يتمّ بعد غلي الإبرة وتعقيمها بالماء الساخن لنحو عشر دقائق. إذ لم يكن هناك ما يُسمّى بـ”السرنكات” التي تُستخدم مرة واحدة فقط، بل كانت تجري عملية استخدام الإبرة لأكثر من مرة، حيث يتمّ تعقيمها بالماء الساخن إلى حدود الـ99 درجة مئوية على سُلم سيلزيوس (لأنه في الدرجة 100 سلزيوس تبدأ عملية التّبخّر وتَحوُّل الماء إلى بخار).
عملية التّطعيم، كانت تتم بحقن التلامذة بالجرعات المطلوبة على كامل المرحلة الإبتدائية، وتسمّى “الجرع الثلاثية” التي تقي الجيل الجديد من الأطفال من الأوبئة، فتوفر لهم الحماية والوقاية من الجدري والحصبة وغيرهما…
“وكانت كلّ إبرة تترك على قمة الذراع اليمنى التي يتمّ فيها التّطعيم، أثراً يبقى مدى الحياة. وأنا شخصيا، ممن ما زالت آثاره موجودة على قمة ذراعي اليمنى، حيث تمّت عملية التّطعيم”.
إنّ استخدام الإبرة بعد تعقيمها بالماء الساخن لمدة عشر دقائق، يجعل من التّطعيم عملية مؤلمة، تدفع المدارس لتعطيل التلامذة في اليوم التالي، لكنّها كانت حماية جيدة للأجسام الغضّة والطرية، مما كان يؤدي إلى تدني حالات الوفاة بين الأطفال في مجتمع لاجئي فلسطين إلى درجة تدنو من الصفر.
أما الخدمة الثانية المترافقة مع التّطعيم في المدارس، فكانت عملية توزيع حبوب “زيت السمك” و”حبوب الفيتامين” ودفع التلامذة لتناولها مع الماء تحت إشراف المدرّسين في الصفوف، بترتيب: يوم حبة زيت سمك، ويوم حبة فيتامين. إضافة لـ”طاسة” الحليب الساخن يوميّاً لكلّ تلميذ قبل الدخول إلى الصف.
هو تاريخ يُلخِّص مسارات في نكبة شعبنا، ويُلخِّص في الوقت نفسه دور وكالة “الأونروا” الصحي في المدارس، وهي الجهة الأمميّة المسؤولة عن توفير هذه الخدمات، طبقاً للغاية التي أُنشئت لأجلها وفق القرار الأممي 302 لعام 1949.
*كاتب فلسطيني
وسوم :
التطعيم, اللاجئون الفلسطينيون, اللقاح, صمود, علي بدوان