الدواء السوري في مخيّم برج البراجنة: حلّ مؤقّت أم أزمة دائمة؟

التصنيفات : |
أكتوبر 6, 2021 11:02 ص

*سلوى فاضل  – صمود:

يبحث المريض اللبناني عن الدواء، لأن المحتكر يُخبّئه في مستودعاته بانتظار جني الأرباح الطائلة.

لذا، بدأ المريض على الأراضي اللبنانية البحث عن حلول، منها طلب الدواء من أقاربه وأصدقائه في الخارج، أو السفر إلى سوريا لجلب ما يحتاجه للعلاج، أو الانتظار حتى الموت لإفراج المحتكر عن أدويته. لكن ثمة حلّ ظهر في المخيّمات الفلسطينية، يساعد المرضى، وهو بيع الدواء السوري في صيدليات عامة داخل المخيّم.

بدأت القصة مع مريضة لبنانية، لم تجد دواءً لها ولا البديل عنه، كما بات متداولاً في صيدليات لبنان الرسمية، فكان أن أشار عليها طبيبها زيارة مخيم برج البراجنة لتحصل على الدواء. قصدت المخيّم فوجدت ما تبحث عنه وبكمية تكفي لـ3 أشهر وبسعر مناسب.

التقت في “شارع الصيدليات” الشهير، داخل الصيدلية، بزبائن من مختلف الجنسيات يشترون أدويتهم دون أيّ استعطاف للصيدلي، وبالكميات التي يريدون.

ما يطرح السؤال التالي: لمَ لا تسمح السلطات الصحية اللبنانية، وعلى رأسها وزارة الصحة بدخول الدواء السوري إلى الصيدليات رسمياً في السوق اللبناني؟ وتلتفّ حول الموضوع حينما تسمح بدخوله إلى المخيّمات فقط، وتمنعه عن المناطق الأخرى؟ ولماذا تسمح للجمعيات بإدخال الأدوية بإسمها من الخارج ولا تسمح بذلك  في الصيدليات للعموم؟

لاستيضاح الأمر، وفي اتصال مع أحد المعنيين بالأمر الذي رفض الكشف عن هويته، أكد لموقع “صمود” أنّ “الوزارة ليست على علم بالأمر، ولو علمت به لتدخلت”.

أين وزارة الصحة؟

في حين علم موقع “صمود” من مصادر موثوقة أنّ وزير الصحة العامة وافق على إدخال الدواء السوري إلى لبنان عبر التعاقد مع مصنع أدوية سوري، شرط دخوله إلى مراكز الرعاية الصحية والبالغ عددها 250 مركزاً تابعاً لوزارة الصحة، نظراً لسيطرة “كارتيلات” الدواء على السوق في لبنان.

وفي محاولة البحث عن كيفية إدخال هذه الكميات الكبيرة من الأدوية إلى لبنان دون علم السلطات، وكيفية بيعها في السوق اللبناني للمقيمين في أماكن يُقال إنّها “صيدليات”، ربما تكون غير رسمية، بل غير مرخصة لبيع الدواء، فوجئنا بعدم معرفة المعنيين بالأمر في المخيّم، وعدم علمهم بطريقة إدخال هذا الدواء، وطريقة صرفه للمرضى!.

الإيراني أيضاً

هذه الخدمة التي تؤدي إلى تلبية حاجات المرضى، والتي يجب أن تكون مراقبة وصحيّة، لا تمنع من طرح السؤال التالي: هل يتم التخزين بطرق سليمة؟ وهل تُباع كل أنواع الأدوية فيها، ومنها أدوية الأمراض المزمنة؟ وهل أنّ المشرف على الصيدلية مختصّ بعمله؟

كلها وغيرها، أسئلة مشروعة يجب توضيحها، لكن التغاضي عنها يتم بسبب الحاجة إلى هذه السلعة “الأكثر من ضرورية”.

فالدواء الإيراني يُباع في صيدليات “النور” التابعة لأحد الأحزاب، وهو متاح للبعض فقط وليس للكل ضمن شروط محددة. أما الدواء التركي بات يُصرَف بحسب سعر صرف الدولار اليومي.

فلم يعد أمام المرضى الفقراء سوى اللجوء إلى المخيمات للحصول على دوائهم رغماً عن أنف “كارتيلات” الدواء في لبنان (التجار).

ومن المعلوم أنّ اللاجئ السوري- وهو ما لاحظناه من عدد السوريين الذين يلجأون إلى المخيّم بهدف شراء الدواء – بات زبوناً دائماً لهذا الشارع بسبب عدم قدرته على دخول صيدليات لبنان. فهل أنّ التسيّب الحاصل حيال محتكري الدواء أوصلنا إلى ما نحن عليه من استخفاف بصحة المرضى؟

كان اللبنانيون، منذ زمن بعيد، وما يزالون، يشترون الدواء السوري الشبيه أو البديل من صيدليات سورية نظراً لتدني سعره. فهو ليس بجديد عليهم أبدا، ومصانع الأدوية السورية لا تقلّ أهمية عن مصانع لبنان وأوروبا.

إستطلاع رأي الناس

أحد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمّ برج البراجنة تحدّث لـ”صمود”، قائلا: “هذا الموضوع صعب وشائك وليس له حل”.

وعن كيفية دخول الدواء السوري وغير السوري إلى المخيم قال: “لا نعلم، فالمريض يتمسك بقشة لتخفيف آلامه، لأنّ الدواء غير متوفر والمريض يفتش عن بديل، والأطباء ينصحوننا بالدواء السوري ما دامت التركيبة نفسها. والمهم هو الحصول على العلاج”.

وعن كيفية إدخال هذه الكميات، علّق: “هذا يقع على عاتق السلطة، وهذا هو الواقع. فليس فقط في مخيم برج البراجنة، بل في مناطق أخرى تتوفر هذه الأدوية، والناس تستفيد منها خاصة أنّ أسعارها مخفّضة”.

وتمنّى توفّرها في السوق، معبّرا: “لا أعلم ما هي إشكالية عدم بيع الدواء السوري في لبنان”.

“الأونروا” لا تُشفي ولا تُغني!

وعن دور “الأونروا” في تأمين الأدوية، يقول لاجئ من مخيم البارد: “الأونروا لديها عيادات ولا تُعطي أدوية مهمة، بل أدوية بسيطة ورخيصة جداً”. ويضيف: “اللاجىء يستفيد من مساعدات تأتي من المغتربين الفلسطينيين لنا، خاصة بالنسبة للأمراض المستعصية، عبر مبادرات من الهلال الأحمر الفلسطيني”.

وبحسب أحد العارفين في مخيّم عين الحلوة، الذي قال: “يمنعون دخول الدواء ويتمّ إلقاء القبض على من يحمله ولو بكميات بسيطة، وعلى ممرّض في أحد مستشفيات صور كان يحمل كمية أدوية الى المخيّم، ويتم التغاضي عن الأسلحة!”.

ويرى لاجئ صديق في الرشيدية أنّه يبحث “عن الدواء لطفله ليلاً نهاراً فلا يجده، إضافة إلى الحليب”. وهو لم يرَ في المخيّم أية أدوية سورية.

واللافت أنّ هذه الجولة البسيطة اختُتمت بمجموعة طلبات لمرضى لبنانيين، علموا بأمر توفّر الدواء في مخيّم البرج كمن علم بأمر كنز في مكان ما.


وسوم :
, , , , , , , ,