صنبور الغاز والوقود للبنان يوجد في إسرائيل
أكتوبر 12, 2021 3:16 م*ترجمات – صمود:
“المشروع المقترح لحلّ أزمة الكهرباء في لبنان يشمل نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر سوريا. هذان المشروعان يشُوبهما الغاز الإسرائيلي المُختلط بالغاز المصري الذي سيتم نقله إلى لبنان والغاز الإسرائيلي الذي يشغل محطات التوليد في الأردن”.
محطات توليد الطاقة الكبيرة في لبنان توقفت عن العمل في نهاية الإسبوع الماضي. ولبنان انزلق إلى ظلام يمكن أن يستمر لبضعة أيام. هذا لم يكن مفاجئاً. وزراء وخبراء في لبنان حذروا خلال الشهر بأنّه إذا لم يتم ايجاد مصدر فوري لتمويل الوقود أو الحصول عليه بالمجان فإنّ الظلام في لبنان سيكون مسألة أيام. صحيح أن عدداً كبيرا من المنازل في المدن الكبرى وفي القرى منذ فترة طويلة لم يعد يعتمد على شركة الكهرباء الحكوميّة، الغارقة بالديون بمليارات الدولارات للمزودين. أغلبية السكان أوجدوا في السنوات الماضية شبكة بديلة عن المولدات، لكن إزاء أسعار الوقود التي عادت إلى الارتفاع قبل بضعة أسابيع، يُتوقع أيضا اختفاء هذه الشبكات الخاصة.
المزودون الوحيدون للبنان الذين بقوا هم إيران وروسيا. في شهر أيلول وصلت إلى ميناء بانياس في سوريا ناقلتا نفط من إيران، وقبل حوالي إسبوع وصلت ناقلة أخرى انزلت حمولتها في الميناء، ومن هناك هذه الحمولة يتوقع أن تصل إلى لبنان عن طريق المعابر غير القانونية. الوتيرة وكمية النفط التي تصل من إيران لا يمكنها احياء شبكة الكهرباء في لبنان، أو حتى الاحتياطي القليل الذي بقيّ لدى الجيش اللبناني، الذي ربما سيتم تحويله لشركة الكهرباء في محاولة لتشغيل محطات توليد الطاقة.
يبدو أن النفط الإيراني يخدم حزب الله أكثر مما يخدم الدولة. في الوقت الذي عقد فيه حزب الله الصفقة لإنقاذ لبنان. جزء من النفط تم نقله ليكون تحت سيطرته وإلى نقاط التوزيع التي يسيطر عليها. وحزب الله يمكنه الآن أن يحصل على مكاسب سياسية مهمة باعتباره الجسم الوحيد القادر على تزويد لبنان بالحياة.
إن نقل النفط من إيران إلى سوريا يخرق منظومة العقوبات. الأولى، المفروضة على إيران والتي يُحظّر عليها بيع النفط. الثانية هي التي فُرضت على سوريا من قبل دونالد ترامب عام 2019، والتي تُحظّر عقد الصفقات مع النظام السوري، بما في ذلك نقل النفط من سوريا إلى لبنان أو إلى أية دولة أخرى. ولكن الرئيس الأمريكي جو بايدن والإدارة الأمريكية يحافظون الآن على الصمت إزاء خرق العقوبات. والسبب العلنيّ هو الجانب الإنساني الكامن في نقل النفط، حيث أن واشنطن لا تريد أن تظهر كمن تضرّ بأداء المستشفيات والعيادات والمؤسسات الحيوية الأخرى في لبنان، إذا منعت بالقوة ناقلات النفط القادمة من إيران.
الإدارة الأمريكية تقوم مؤخرا بحياكة مشروع أكبر، هدفه هو أن ينقل بشكل مُنظم وعلني الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان.
في يوم الأربعاء الماضي التقى في عمّان ممثلون عن لبنان وسوريا ومصر والبنك الدولي من أجل التوقيع على اتفاق إطار لتزويد الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، إنبوب غاز سيّمر من مصر عبر الأردن إلى سوريا ومنها إلى لبنان، والأردن سيربط شركة الكهرباء فيه مع شبكة الكهرباء في لبنان عبر سوريا.
هذا ليس حلاّ فورياً وتنفيذه سيستغرق أسابيع أو بضعة أشهر، لكن المشروع أصبح يُثير علامات استفهام. نقل الكهرباء والغاز عبر الإنبوب في سوريا ومنها إلى لبنان يعني خرق العقوبات المفروضة على سوريا. جو بايدن سيحتاج إلى تبرير ذلك أو المبادرة إلى سنّ قانون يُعفي مسألة تزويد الوقود من العقوبات. المشكلة الثانية هي أنّ الغاز المصري “مختلط” بالغاز الاسرائيلي، والكهرباء الأردنية يتم انتاجها بواسطة الغاز الإسرائيلي. ولا توجد أية طريقة للفصل بين الغازين وأن يتم نقل غاز عربي “نقي” إلى لبنان.
قبل إسبوع نشر ماثيو زايس، الذي شغل منصب كبير في وزارة الطاقة الأمريكية، والآن هو باحث في المجلس الأطلسي، مقالاً شرح فيه “العلاقة الإسرائيلية” مع الغاز اللبناني. الحكومة اللبنانية تعرف هذا اللغم الوطني، وحزب الله أيضا يعرف مصدر الغاز الذي سيصل من مصر والكهرباء من الأردن، لكن مثلما سمح لحكومة لبنان باجراء المفاوضات مع إسرائيل حول ترسيم الحدود الاقتصادية بينهما، فإنّه أيضا الآن ما زال يصمت في موضوع الغاز. حزب الله لا يمكنه الآن وضع شروط تُفشل هذا المشروع، حتى لو كان هذا المشروع مدعوماً من قبل الإدارة الأمريكية، وأن يُعرّض للخطر بذلك مكانته الشعبية كعجلة الإنقاذ للدولة.
السؤال سيطرح مرة أخرى، كما يبدو، عندما سيتم التوقيع على الإتفاق النووي الجديد بين الدول الغربية وإيران، الذي في اطاره سيتم رفع العقوبات والسماح بالانتقال الحرّ للنفط والغاز إلى لبنان عبر سوريا. في هذه الأثناء الرابح السياسي الأكبر من المشروع هي سوريا، التي أصبحت شريكة حيوية في المشروع، والتي من غيرها لا يمكن للمشروع أن يكون.
سوريا سبق واخترقت القناة السياسية عندما قامت البحرين ودولة الامارات المتحدة باستئناف نشاط ممثلياتها الدبلوماسية، وأبو ظبي اعلنت أنها تنوّي المشاركة في إعمار سوريا. في الإسبوع الماضي أجرى بشّار الأسد مكالمة هاتفية هي الأولى منذ أكثر من عقد مع ملك الأردن عبد الله، بعد أن زار في الإسبوع الماضي وزير الدفاع السوري الأردن، وقررت المملكة فتح الحدود مع سوريا. مكتب الأسد والمتحدثون باسم عبد الله قالوا بعد المكالمة بأنّهما تحدثا حول “تعزيز التعاون بين الدولتين والشعبين”. من المُثير كيف ستنظر واشنطن إلى التعاون الاقتصادي بين الأردن وسوريا، الذي سيكون متناقضا مع قانون العقوبات، في حين أنّ الإدارة تسمح بنقل الكهرباء والغاز عبر سوريا إلى لبنان.
المفارقة هي أن الأزمة العميقة في لبنان والظلام الذي هبط عليه يمكنهما اعادة سوريا إلى قلب الاجماع العربي الذي طردت منه بعد أن تبيّن حجم المذبحة التي نفذها الأسد ضد المدنيين في سوريا.
*تسفي برئيل
*نشر في “هآرتس” بتاريخ 11/10/2021
وسوم :
إسرائيل, الاحتلال, الغاز, سورية, صمود, فلسطين, لبنان