جلال كعوش: الشهيد الفلسطيني الأول على أرض لبنان

*علي بدوان

كان الشهيد جلال كعوش، من بلدة ميرون قضاء صفد المحتلة عام 1948، قوميّ الهوى.

منذ الاحتلال توزعت عائلة كعوش بين مخيم اليرموك ومخيم المية ومية قرب عين الحلوة في صيدا بجنوب لبنان، وكانت غالبية أفراد العائلة تنتمي للبعث (البعث الموحّد، ومن ثم البعثين العراقي والسوري).

الشهيد جلال كعوش، والذي يُطلق اسمه على شارع هام من شوارع مخيم اليرموك قرب دمشق، الذي يصل ضفتيّ المخيم، يضم بين جانبيه ثانوية البنات، وينتهي بالسوق المركزي.

كان الشهيد كعوش من الكتيبة الفدائية الفلسطينية في الجيش العربي السوري (الكتيبة 68) منذ قيامها عام 1949. لكنه، وبعد انطلاق حركة فتح وجناحها العسكري (قوات العاصفة) انضم إليها، وكان في الدفعات الأولى التي أسست ركائز العمل الفدائي الفلسطيني إنطلاقاً من لبنان.

اعتقله الأمن اللبناني أثناء عودته من دورية في شمال فلسطين المحتلة، استشهد تحت التعذيب في سجن اليرزة التابع لمخابرات المكتب الثاني اللبناني في 9/1/1966.

كانت صرخات كعوش في سجن “اليرزة”، وما تعرّض له، قد مهّد لثورة عارمة في الشارعين الفلسطيني واللبناني حينها.

فشهد لبنان على مدى شهرٍ كامل تظاهرات شارك فيها آلاف المواطنين من الفلسطينيين واللبنانيين في كبرى المدن اللبنانية، بيروت وصيدا وطرابلس، منددين بجريمة القتل هذه التي تعرّض لها الشهيد جلال كعوش في سجون المخابرات اللبنانية (المكتب الثاني)، بل وطالبوا الحكومة اللبنانية بإعادة تشريح جثة جلال كعوش والتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن إستشهاده.

وقد شهدت تلك المظاهرات مصادمات عنيفة مع قوى الأمن والجيش اللبناني سقط خلالها العديد من الجرحى من الفلسطينيين واللبنانيين على السواء. وقد شُيّع جثمان كعوش، الشهيد الفلسطيني الأول في لبنان في موكب مَهيب في مدينة صيدا، حيث دُفن في مقبرتها.

وأذكر حينها، حيث لم أكن قد تجاوزت الست سنوات، المُلصق الذي وُزع في اليوم التالي، وغطى جدران مخيم اليرموك، وفيه صورة جلال كعوش، ومطلع قصيدة (المعركة) للشاعر الفلسطيني الراحل معين بسيسو، ذلك الملصق، الذي بقي تحت ركام منزلنا بعد الإحتفاظ به لسنوات طويلة.

ويقول بسيسو:

أنا إنْ سقطتُّ فخذْ مكاني يا رفيقي في الكفاحْ

وانظرْ إلى شفتيّ أطبقتا على هوج الرياحْ

أنا لم أمُت! أنا لم أزلْ أدعوك من خلفِ الجراحْ

واقرعْ طبولك يستجِبْ لك كلّ شعبك للقتالْ

يا أيها الموتى أفيقوا: إنّ عهدَ الموتِ زالْ

يا أيّها الموتى أفيقوا: إنّ عهدَ الموتِ زالْ

*كاتب فلسطيني