صفقة تبادل الأسرى.. بين شروط “حماس” وقلق بينيت
أكتوبر 26, 2021 10:12 ص*سنان حسن
أعاد هروب الأسرى الستة من “سجن جلبوع” عملية تبادل الأسرى بين حركة حماس و”إسرائيل” إلى التداول الإعلامي من جديد وبقوة، بعد فترة من الفتور بين الطرفين بُعيد وصول حكومة نفتالي بينيت إلى السلطة في كيان الاحتلال.
فقادة “حماس” يصرّون في كل ظهور إعلامي على التأكيد على أنّ عملية جديدة لتبادل الأسرى لن تتمّ الموافقة عليها إلا إذا تضمّنت الأسرى الستة، إضافة إلى الشروط السابقة التي أبلغتها قيادة الحركة سابقاً إلى الوسيط المصري.
لكن السؤال المطروح: هل أنّ “إسرائيل” وقيادتها الحالية قادرة على إبرام صفقة بهذا الحجم، وماذا عن سقف شروط “حماس” العالية؟ وهل الوسيط المصري فقد قدرته على التأثير على الطرفين حتى دخل الوسيط الألماني على خط التفاوض؟.
لا صفقة بدون الأسرى الستة
يُشدّد مسؤولو حركة “حماس” في أيّ ظهور إعلامي على أنّ صفقة تبادل الأسرى مع “إسرائيل” هي ملف وطني بامتياز وليس حزبياً أو فئويا، باعتبار أنّ أيّ أسير في سجون الاحتلال هو أسير للشعب الفلسطيني.
وفي هذا نقطة تُحسب لـ”حماس” وقيادتها في الإستفادة من هذه الورقة لتعزيز حضورها على المستوى الفلسطيني كفصيل قادر على إدارة المواجهة مع العدو، والحفاظ على حقوق الفلسطينيين التي فرّط بها مسؤولو سلطة “أوسلو” وما زالوا. وهي، أيّ “حماس”، تستثمر في أيّ حدث لزيادة تأثيرها في الشارع الفلسطيني كله، لذا كانت عملية الطريق إلى القدس التي قادها الأسرى الستة من سجن جلبوع عاملاً إضافياً في تعزيز ذلك، حيث لم يخلُ تصريح لمسؤول من “حماس” من أيّ مستوى كان، من التأكيد، أنّ أسرى “نفق الحرية” هم جزءٌ لا يتجزأ من أيّة عملية تبادل قادمة، طبعاً دون أن ننسى أنّ قائمة “حماس” تضم القائد الفتحاوي الكبير مروان البرغوثي، وزعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القائد أحمد سعدات.
إذن، ملف صفقة التبادل مهم جداً لـ”حماس” في تأكيد حضورها على الصعيد الوطني الفلسطيني الشعبي والفصائلي، وأنّها جديرة بقيادة سفينة النجاة الفلسطينية، ولكن ماذا عن “إسرائيل”؟.
موقف متشرذم
بعد إنجاز “صفقة شاليط” عام 2008، علّق رئيس مجلس الأمن القومي “الإسرائيلي” السابق اللواء المتقاعد يعقوب عميدرور، الذي كان أحد أشد المعارضين للصفقة، بالقول: “إنّ 90% من القرارات التي يتمّ اتخاذها في هذا المجال ليست مهنية، وإنّما هي سياسية حزبية ومتعلقة باعتبارات مُتخِذها”.
وفي الوضع الذي تعيشه “إسرائيل” حالياً مع ائتلاف حكومي مُهلهل بقيادة نفتالي بينيت ويائير لابيد، فإنّ الحديث عن ثمن سياسي يمكن أن تكسبه الحكومة دون أن تدفع مُقابلاً له، هو قليل جدا، وإن كان أحد الأهداف التي تعهّد بينيت نفسه بتحقيقها، وذلك في ظل تباين الآراء داخل الائتلاف الحكومي من جهة وعدم تطابقها، وفي كثير من الأحيان رفضها من جهة ثانية، هذا ناهيك عن موقف المعارضة الإسرائيلية التي يقودها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي لا يتوانى لحظة عن توجيه الإتهام للحكومة في التساهل بالمفاوضات وإفساح المجال أمام “حماس” لفرض شروطها، ما يعني أنّ قراراً من حكومة بينيت بالموافقة على الصفقة قد يُكلّفها وجودها السياسي برمّته.
وساطة مصرية وألمانية
وعلى الرغم من ذلك، فالعمل على إنجاز الصفقة مستمر برعاية القاهرة التي تقود مفاوضات غير مباشرة بين ممثلي الطرفين، حيث تؤكد “حماس” أنّها سلّمت الجانب المصري تصوّراً كاملاً حول العملية، في حين يصرّ الجانب “الإسرائيلي” على رفض الإفراج عن فلسطينيين شاركوا بعمليات قتلوا فيها إسرائيليين، مع رفض قاطع أيضاً للإفراج عن أسرى “نفق الحرية” الستة الذي هربوا وعن زملائهم الذين ساعدوهم بالعملية.
على ضوء ذلك، برز وبشكل لافت الإعلان عن دخول ألماني على خط الوساطة لإنجاز الصفقة، مما يعني أنّ الجهود لإنجاح الصفقة مستمرة، وهي التي يقول قادة “حماس” إنّهم مستعدون لتنفيذها في أية لحظة متى وافقت “إسرائيل” على دفع الثمن.
الكرة الآن في ملعب حكومة نفتالي بينيت، فقد قالت “حماس” كلمتها، وهي كلمة الفلسطينيين كلّهم في هذا المجال، فهل تُنجز الصفقة أم أنّ الألاعيب السياسية الإسرائيلية ستُعرقلها؟
ذلك سؤال الأيام المقبلة.. لكن، في النهاية سيكون الحلّ لمصلحة الإصرار والحقّ الفلسطيني ولا شيء غيرهما.
*كاتب سوري
وسوم :
أحمد سعدات, الأسرى الستة, الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, الطريق إلى القدس, الكيان الصهيوني, الوسيط الألماني, الوسيط المصري, حركة فتح, حماس, سنان حسن, صفقة تبادل الأسرى, صمود, نفتالي بينيت, نفق الحرية