إنهيار القطاع الزراعي في لبنان يوقف عمل المزارعين الفلسطينيين
ديسمبر 6, 2021 8:34 ص*خاص – صمود:
6/12/2021
لعب اللاجئون الفلسطينيون دوراً أساسياً في إنشاء بساتين الحمضيات في الجنوب اللبناني بعد نكبة عام ١٩٤٨.
كانت الزراعة في الأراضي الفلسطينية أكثر تطوراً من مثيلتها في الأراضي اللبنانية، والبعض يعرف كيف أنّ آلية الرّي للبساتين في منطقة ترشيحا كانت متطورة جداً مقارنة بآلية الرّي في لبنان.
بعد عام النكبة توزّع عدد من العائلات الفلسطينية على مناطق مختلفة من قضائي صيدا وصور، وسكنت العائلات في عدد من الأراضي التي تحولت إلى تجمعات تحوي عائلات امتهنت العمل الزراعي وإنشاء البساتين، كما كانت ورش القص والقطاف والرش تنطلق من مخيّمات الرشيدية، عين الحلوة والبرج الشمالي.
ومع تطور الوضع الإقتصادي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تحول عدد من العمال الزراعيين الفلسطينيين إلى مزارعين يعملون في مجال ضمان البساتين أو استثمارها، في ما تحول أصحاب البساتين اللبنانيين إلى مُلّاك أراضٍ يأخذون إيجار الأرض أو يعتمدون على حصة من الإنتاج يتفقون عليها مع المزارعين الفلسطينيين.
لكنّ الزراعة اللبنانية، ولأسباب تتعلق بالسياسة الإقتصادية بدأت بالتراجع وتدنت أسعار المنتوجات بسبب المنافسة، والعجز عن إيجاد أسواق للتصريف، وجاءت الأزمة الإقتصادية والمالية الأخيرة لتعلن انهيار الزراعة، وخصوصا بعد الغزو العمراني للمناطق الزراعية.
بالتالي، بات اللاجىء الفلسطيني الذي يعمل كعامل زراعي أو مزارع، يعاني من نتائج هذه الأزمة الإقتصادية التي يمر بها لبنان، والتي أثّرت على إستمرارية عمله وخفّضت من مدخوله المحدد بالعملة اللبنانية التي تشهد إنهياراً يوميا، إلى جانب إرتفاع كلفة الزراعة بسبب غياب الوقود وإنقطاع التيار الكهربائي ومشكلة الرّي الناتجة عن غياب التوزيع العادل لمياه الليطاني، وخصوصاً أنّ أصحاب الأراضي اللبنانيين يؤجرون البساتين، بينما يقوم المزارع الفلسطيني بزرعها والإهتمام بها ويتقاسم الربح مع صاحب الأرض.
ديب حسين ديب
هو مزارع فلسطيني يقيم في مخيم البرج الشمالي – جنوب لبنان، بدأ حياته كعامل زراعي قبل أن يتحول إلى مزارع يضمن البساتين ويستأجر أراضٍ زراعية.
يقول ديب :”أعمل بالزراعة منذ نحو ٦٥ سنة، وسابقاً كان نحو ٥٠٪ من عمال الزراعة في قضاء صور، هم من مخيم برج الشمالي، اما اليوم فقد تدنت النسبة إلى نحو ١٠٪ فقط، وأنا كنت أضمن ٤٠ إلى ٥٠ دونماً في السنوات السابقة أيام ازدهار الزراعة. أما اليوم، فلا أستطيع استئجار أكثر من خمسة دونمات ولم يعد بإمكاني تشغيل أكثر من عامل واحد معي، بسبب ارتفاع الكلفة وإنخفاض قيمة المدخول”.
ويضيف ديب: “كان العامل في قطاف الليمون مثلا، يتقاضى ١٢ ألف ليرة لبنانية يوميا، صارت أجرته اليومية ٥٠ ألف ليرة لبنانية. يدفع النسبة الأكبر منها أجرة نقل، والباقي لا يكفيه ثمناً لمواد الغذاء الأساسية، هذا بالإضافة إلى ارتفاع كلفة الطبابة وأسعار الأدوية والإحتياجات الأساسية الأخرى”.
ومع تغير متطلبات السوق اللبناني الداخلي وعدم قدرة الإنتاج الزراعي اللبناني على منافسة الإنتاج السوري والتركي في أسواق الخليج، أقدم عدد كبير من أصحاب الأراضي اللبنانية على إقتلاع أشجار الحمضيات واستبدالها بأشجار الأفوكا والقشطة ما أثّر على عمل المزارع والعامل الزراعي الفلسطيني الذي لا يمكنه زراعة هذه الأراضي. ويُشير ديب إلى عامل آخر لعب دوراً في زيادة نسبة البطالة من العمل عند العمال الزراعيين الفلسطينيين وهو منافسة اليد العاملة السورية، ويوضح بالقول: “بعد الحرب السورية ولجوء سوريين إلى المنطقة، بدأوا العمل مع عائلاتهم وبأجور زهيدة ما دفع أرباب العمل وأصحاب الأراضي إلى تشغيلهم بديلا عن العمال الفلسطينيين”.
ويشير ديب إلى ناحية أخرى شهدها المجتمع الفلسطيني في المخيمات والتجمعات: “إنّ معظم العمال والمزارعين الذين لم يعد بإمكانهم أن يعتاشوا من العمل في الزراعة، أخذوا ينضمون إلى التنظيمات الفلسطينية حيث يمكنهم أن يؤمّنوا دخلاً أفضل يساعدهم على تحمل كلفة المعيشة”. لكنّ مصير بعض المزارعين الفلسطينيين يبقى مجهولا، شأنهم شأن اللبنانيين، لا سيما أنّهم لا يتلقون أي دعم رسمي ويتكبدون الخسائر اليومية في عملهم الزراعي.
وسوم :
الأراضي الصالحة للزراعة, الأزمة الإقتصادية, التنظيمات الفلسطينية, الحرب السورية, الرشيدية, الزراعة في لبنان, المزارع السوري, المزارعون الفلسطينيون, تدني سعر الليرة اللبنانية, ترشيحا, ديب حسين ديب, زراعة الحمضيات, صمود, عين الحلوة, مخيم برج الشمالي, مدينة صور