القُبّة الحديديّة عاجزة عن رصد عمليات الطّعن الفردية
ديسمبر 22, 2021 9:26 ص*وسام عبد الله
أن تحدُث مواجهة بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، هو أمر متوقع بالنسبة للمستوطنين، لكن حين تتحوّل العمليات الفدائية إلى داخل الأحياء والشوارع، يصبحون في حالة قلق مستمرة من محيطهم، من خلال عملية تستخدم الأدوات الحادة الخفيفة.
السكّين بدل السلاح الناري
المتابع لعمل الفصائل المقاوِمة طوال العقود الماضية، يُدرك دقة وصعوبة تهريب الأسلحة بين المناطق، بسبب إنتشار الحواجز والمعابر، مما يُعيق نقل السلاح إلى الداخل، كما لا يمكن إغفال التكلفة المادية لشراء الأسلحة والذخائر، فكان أحد الحلول هو أداة حادة موجودة في كل بيت، سهلة الإستخدام، يمكن إخفاؤها داخل الثياب والحقائب، والتنقل بها بين المناطق دون لفت الأنظر، وعندما تحين اللحظة المناسبة لتنفيذ العملية، تُسحب دون الحاجة لتحضير الرصاص أو الإبتعاد مسافة معينة، يكفي المرور أمام الشخص المُستهدَف وتوجيه الطعنات له.
خلال السنوات السابقة توجّه فلسطينيون نحو استخدام عمليات الطّعن في مقاومتهم الإحتلال والمستوطنين، فمن العمليات الإستشهادية التي تُنفّذ بالأحزمة الناسفة والأجساد المُفخّخة، إلى السكّين الحادة المُوجهة نحو عدد معين من الأعداء.. الرعب هو نفسه لدى المستوطِن، ضمن سياق الأمور، بُنيت القُبّة الحديدية لمواجهة صواريخ المقاومة، فظهرت الثغرات ونِقاط ضعف خلال المواجهة الأخيرة في سيف القدس من خلال تساقط الصواريخ على المستوطنات. كما زادت مراقبة المعابر لمنع صعود الإستشهاديين إلى الحافلات وتفجيرها، فكانت المفاجأة بتزايد عدد عمليات الطّعن.
في هذه المشهدية، يُكرّس الفلسطيني نفسه كإنسان مُبدع في إسلوب المقاومة وأدواتها، لينعكس على الحياة في المستوطنات والقدس والضفة الغربية ومختلف المدن الفلسطينية، فلم يعد أحد خارج نطاق الإستهداف.
أفراد لا منظمات
تنطلق عمليات الطّعن من قرار فردي في معظمها، لا من قرار حزبي لأحد فصائل المقاومة، أي أنّها غير خاضعة لتسلسل قيادي كما هي وحدات المقاومة التي تتبع لقادة ميدانيين. وهنا نكون أمام قراءتين: الأولى، ترى أنّ خروج العمليات من تحت عباءة الفصائل يحميها من دخولها في الحسابات السياسية، فلا تخضع للتسويات أو الهدنة، وهو ما يضرب العدو من داخله ليهتزّ من خلاله الأمن المجتمعي الذي يحاول تثبيته، ويصعب عليه تحديد أهدافه وإمساكها، فهو في القصف الجوي يملك بنك أهداف محددة، لكن في عمليات الطعن بعد تنفيذها، إلى أين سيتجه؟.
أما القراءة الثانية مختلفة، فهي تتّفق من الحيث المبدأ على ضرورة تنفيذ عمليات المقاومة ولكن ليس بشكل فردي، فالأساس هو بوضع برنامج وطني أو معايير معينة يُراد تحقيقها، والمقاومة تسعى من خلال المواجهات للوصول إليها، أي أنّ العملية الفردية تبقى نتائجها محدودة بلحظتها دون أي مكسب سياسي أقلّه.
الوعي الفلسطيني
في قراءة سريعة لمعظم أسماء مُنفذي عمليات الطعن، هم لا يعلنون إنتسابهم إلى منظمات وفصائل، وفي مراجعة لأعمارهم نجدها مختلفة، مع الإشارة إلى وجود أشخاص هم تحت سن 18 عاما، أي بالحساب، هم ما يُسمّى بجيل الألفية، أي المولودين بعد سنة 2000، والدلالة كبيرة وهامة جدا.
يُصنّف هذا الجيل بأنّه مختلف عن من سبقه، بطريقة تفكيره وتطلعاته وخاصة مع الأدوات والمعارف المتوفرة بين يديه، وهنا عمل العدو على تجفيف وحرف عقول الأجيال الشابة عن قضيتها الأساسية، دون أن ننسى الواقع الفلسطيني السياسي في ما يتعلق بالصراعات والأخطاء بين الفصائل، يلحق بها عملية التطبيع ومحاولة تغليفها بالإبهار بشكل مستمر لجذب الشباب نحوها. فكانت عمليات الطعن، جزءاً من التعبير عن إرتباط هذه الأجيال بأرضها وبيوتها ومجتمعها، وبأنّ العبور إلى المقاومة له سبلٌ عديدة، يمكن أن تمر بطريق الأحزاب والفصائل، أو يكون لها حيثيّتها المختلفة، فكرياً وثقافياً وحتى حياتيا، فمن قال أنّ المقاومة تولَد بعد محاضرة وجلسات تثقيفية فقط، يكفي أن يعتدي جندي الاحتلال على بيت في حيّ الشيخ جرّاح حتى تُقرر فتاة من العائلة، وهي طالبة في المدرسة، أن تُنفّذ عملية طعنٍ ضد مستوطنة، كردٍّ على محاولة إقتلاعهم من منزلهم.
*كاتب لبناني
وسوم :
الضفة الغربية, الفصائل الفلسطينية, القبة الحديدية, القدس المحتلة, الكيان الغاصب, المقاومة الفلسطينية, حي الشيخ جرّاح, صمود, عمليات الطعن الفردية, فلسطين من البحر إلى النهر, مقاومة الاحتلال الصهيوني, وسام عبد الله