ما زال الملف النووي الإيراني على طاولة الاحتلال.. إذاً لا حروب جديدة على غزة!
يناير 6, 2022 10:08 ص*زين المصري
إذا كنت تأمل بعدم وقوع الحرب، فاستعد لها لكي تمنع وقوعها، هذا ما يحدث اليوم على أرض الوقائع الفلسطينية في قطاع غزة، وسط حالة من الغليان بين مُكوّنات المشهد الفلسطيني، ومماطلة إسرائيلية في ملفات القطاع، ومحاولات متعددة للوسيط المصري في امتصاص غضب الفصائل من جهة، وكسب “إسرائيل” من جهة أخرى، والحفاظ على دورها في القطاع دون أن تنازعها أي دولة عربية عليه، لكنّ ما تتهيأ له الفصائل الفلسطينية وسط هذا المشهد لا يمكن تفسيره إلا بالحرب، لأنّ حكومة الاحتلال ما تزال عالقة بالملف النووي الإيراني تحاول إزاحة غزة من طريقها دون أن تحصل حماس على ما تريد، فهل سينجح الاحتلال في مساعيه؟، وهل ستتمكن مصر من خلال التسهيلات التي تحاول تحصيلها من “إسرائيل” أن تحتوي غضب الشعب الفلسطيني؟
نزع فتيل الحرب
يبدو أنّه بات على مصر، الوسيط الوحيد في فلسطين بين غزة والكيان المحتل، التحرك ومسك زمام الأمور قبل زحفها باتجاه أيادٍ أخرى، فعزمها على البدء بتسيير حركة السفر عبر معبر رفح من أجل نقل المسافرين إلى قطاع غزة ومنه للخارج، لا يمكن تفسيره إلا أنّها أدركت خطورة المماطلة التي تعاملت بها حكومة العدو بالنسبة للتعهدات التي قطعتها منذ بدء التهدئة في المنطقة، وتأثير ذلك على الفصائل الفلسطينية، وحماس تحديدا، مما يُنذر بتفجير الموقف من جديد في القطاع، كما أنّ مصر تعهّدت بأن يكون نقل المسافرين هو خطوة أولية وسوف يلحقها خطوات أخرى خلال الفترة المقبلة، ويأتي ذلك بصدد إمتصاص غضب الفلسطينيين نتيجة فشلها كوسيط يعمل لرفع الحصار عن القطاع، فلم تفلح في إقناع قوات الاحتلال بفكّ الحصار، ولم تساعد حماس على قبول معاهدة الأسرى مقابل الإقتصاد والحياة في غزة، فلم يكن أمامها سوى نقل الصورة التي تراها أمامها إلى “إسرائيل”، والمتمثلة ببدء اشتعال فتيل حرب جديدة في القطاع، خصوصاً أنّ الزيارة الأخيرة للوفد المصري إلى غزة وتل أبيب لم تخرج بنتائج تُذكر، وعلى الرغم من سعي مصر لتقديم التسهيلات للقطاع، وطلبها من الاحتلال إنهاء أزمة الأسرى الفلسطينيين، وزيادة عدد تصاريح العمل، إلا أنّ رسائل حماس والعدو الإسرائيلي لا توحي أبداً بأي سلام أو هدوء بين الطرفين، فالجبهتان على إستعداد لها، وإن كانت مصر تلعب دوراً اليوم فما هي إلا “مرسال” بين حكومة الكيان وحماس ليس إلا.
نفخ في قِربة مقطوعة
في بداية شهر كانون الثاني/ديسمبر الجاري، وجّهت كتائب المقاومة الوطنية التابعة للجبهة الديمقراطية رسالة تحذير إلى “إسرائيل” مفادها أنّ “كل الخيارات باتت مفتوحة أمامها”، ونتيجة لحالة الإستياء والغضب التي بات يشعر بها الفلسطينيون في القطاع والضفة الغربية والقدس أيضا، وحتى في مناطق الـ48، أصبح الإقدام على جولة حرب جديدة هو الخيار الأول والأقرب لما يجري في غزة من مماطلة وإستياء، وتنكيل بالأسيرات الفلسطينيات..
لكنّ المحلل السياسي الفلسطيني أحمد أبو زهري في أحد وسائل الإعلام كان رأيه مغايراً لما يُنتجه الواقع من أحداث تدل على أنّ الحرب في غزة واقعة لا محال، بل عقّب على ما جرى في الآونة الأخيرة بأنّ “ما يحدث الغرض منه واضح هو الضغط من أجل تحريك ملف إعادة الإعمار ورفع الحصار وملفات أخرى وليس الحرب”، وبرأيه: “بات من الصعب إحتواء الموقف من قِبل مصر، أو تهدئة الأوضاع في غزة بعيداً عن الضفة والقدس هو أمر مرفوض تماما، أو ربط ملف إعادة الإعمار بملف الأسرى”.
لكن ما يحدث اليوم بين الوسيط المصري وحماس وحكومة الكيان، هو ما رفضه أبو زهري تماما، وكما يُقال “النفخ في قِربة مقطوعة”، فربط ملف الأسرى بإعادة الإعمار مرفوض، وإبعاد وضع غزة عن الضفة والقدس أيضاً مرفوض، والمماطلة بملف رفع الحصار هو ما لا يريده الشعب الفلسطيني، لكن ما يفعله كلّ من العدو والوسيط المصري منذ تثبيت وقف إطلاق النار في أيار/مايو الفائت، هو إعادة الصفقات والمعاهدات ذاتها، اللّهم إلا بعض المساعدات والمشاريع والتسهيلات في القطاع من أجل إمتصاص غضب الفصائل في وقت ما زالت “إسرائيل” تماطل فيه بملفات قطاع غزة.
الملف الإيراني على الطاولة
ما تفعله حكومة الاحتلال من مماطلة في ملفات قطاع غزة، وتحذير الفصائل الفلسطينية، بأنّها على إستعداد لخوض غمار حرب كاملة وعلى نطاق واسع، يبدو جلياً بأنّها تريد تنحية ملف قطاع غزة جانبا، ريثما تنتهي من خلوتها بملف إيران النووي، وهذا الإحتمال الوحيد، أو الأمر الذي قد يمنع “إسرائيل” من إيصال وضع القطاع إلى مرحلة الحرب، وليس لها مصلحة في ذلك بالوقت الراهن، فالملف النووي الإيراني حاضر بقوة على طاولة البحث في “إسرائيل” وعلى كافة المستويات، حيث بات يُشكّل لها نوعاً من “الفوبيا”، مما يدفع حكومتها لتقديم العديد من التسهيلات من أجل الحفاظ على هدوء القطاع، وذلك من مصلحة الكيان ليضع كل جهوده وقوته في الملف الإيراني، ومن مصلحة مصر للحفاظ على دور الوسيط له في ظل دخول الجزائر ودعوتها الفصائل الفلسطينية للجلوس على طاولة الحوار، خصوصاً أنّ الفصائل الفلسطينية قد أبدت تذمُّرها من عدم تنفيذ المطالب التي ما زال الوسيط المصري يحاول تحقيقها
أعطت الفصائل مهلة جديدة للوسطاء تنتهي منتصف شهر يناير الحالي، وحكومة العدو تُوجّه جهودها نحو الملف الإيراني، ولكنّ مصر تحاول جاهدة منع أي دولة عربية أخرى سحب بساط غزة من تحتها، فهل ستنجح الأطراف في تحقيق أهدافها؟ أم أنّ غضب الشعب الفلسطيني سوف يقلب الطاولة ويمضي نحو حرب جديدة؟
*كاتب سوري
وسوم :
الأسيرات الفلسطينيات, الحرب على غزة, السلطة الفلسطينية, الفصائل الفلسطينية, اللاجئون الفلسطينيون, الملف النووي الإيراني, الوسيط الجزائري, الوسيط المصري, حركة حماس, حروب إسرائيل, حكومة الكيان, زين المصري, صمود, طاولة الحوار, طاولة المفاوضات, فلسطين المحتلة, قطاع غزة, محمود عباس, معبر رفح