دور مراكز الأبحاث في صنع القرار السياسي الإسرائيلي

التصنيفات : |
يناير 7, 2022 11:45 ص

خاص – صمود:

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات ورقة علمية بعنوان “دور مراكز الأبحاث في صنع القرار السياسي الإسرائيلي”، من إعداد الدكتور وليد عبد الحي.

وقد أشار د. عبد الحي إلى أنّ مراكز الدراسات أو التفكير تُمثّل دوائر بحثية لدراسة الظواهر السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتقنية والبيئية بهدف تقديم المشورة، وترشيد القرار الحكومي أو قرارات هيئات المجتمع المدني، وقد تكون هذه المراكز مستقلة مالياً وإدارياً وغير تابعة لأي جهة، وقد تكون مرتبطة بالهيئات الرسمية أو الحزبية أو بالجامعات الخاصة منها والرسمية. وتعمل هذه المراكز كنقطة تعاون بين “الأكاديميين والخبراء”، وبين هيئات صنع القرار في مختلف المستويات والميادين.

وتحتل “إسرائيل” من حيث عدد مراكز الدراسات فيها، المرتبة الثانية في الشرق الأوسط بعد إيران، فلديها 78 مركز دراسات مقابل 87 في إيران و53 في تركيا، وهو ما يعني أنّ “إسرائيل” تضم 20.9% من مراكز الدراسات في المنطقة، بالرغم من أنّ معدل عدد سكانها إلى إجمالي سكان المنطقة أقل من 1.3%.

وقد قسّم الباحث مراكز الأبحاث في “إسرائيل” من حيث التبعية إلى ثلاثة أنماط؛ مراكز الأبحاث الأكاديمية، أي المرتبطة بالجامعات الإسرائيلية، ومراكز الأبحاث الحكومية، وهي التابعة لمؤسسات رسمية كوزارة الخارجية، أو الأجهزة الأمنية، أو الكنيست، ومراكز الأبحاث غير الحكومية.

ثم عرض الباحث مكانة مراكز الدراسات الإسرائيلية إقليمياً وعالميا، حيث ظهر أنّ معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إستناداً إلى تصنيف جامعة بنسلفانيا (بالرغم مما عليه من ملاحظات)، إحتلّ المكانة الأعلى بين بقية المراكز الإسرائيلية الـ78. وقد حصل هذا المعهد على المرتبة 109 عالميا، وضمن المراتب الأولى بين 373 مركز دراسات في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمرتبة 12 عالمياً من حيث المكانة في ميدان تخصصه، وهو الأمن القومي، والمكانة 86 عالمياً في مجال السياسة الخارجية والعلاقات الدولية.

وطرح الباحث تقييم الباحثين الإسرائيليين لتأثير مراكز الدراسات، وعرض إتجاهين في هذا المجال، الأول ميل عدد من رؤساء مراكز الدراسات خصوصاً غير الحكومية إلى ضرورة الإقرار بتواضع إسهام مراكز الدراسات في صياغة القرار الحكومي، وأنّ هذه البحوث لا يقرأها المسؤولون السياسيون، مما يجعل تأثيرها في صناعة القرار محدودا، واستندوا لضعف دور مراكز الدراسات لعدة أسباب أبرزها: طبيعة النظام السياسي الإسرائيلي القائم على النظام البرلماني، والنظام الإنتخابي النسبي المعمول به، ودرجة إنفتاح النظام السياسي الإسرائيلي في القرارات الإستراتيجية، والقدرات المالية لمراكز الدراسات الإسرائيلية، والنظام الضريبي في “إسرائيل”، الذي لا يعفي مراكز الدراسات ولا الجهات المانحة من الضريبة.

أما الإتجاه الثاني، أنّ دور مراكز الدراسات في صناعة القرار الإسرائيلي خصوصاً في المجال الأمني والدفاعي، أكبر مما يبدو، إستناداً لعدة أسباب أبرزها: تبعية بعض مراكز الأبحاث للمؤسسات الرسمية كوزارة الخارجية، أو الكنيست، أو الأجهزة الأمنية، وهي جزء أساسي في هيكلية دوائر صنع القرار، وتبعية بعض مراكز الدراسات للجامعات التي تتلقى دعماً مالياً من المؤسسات العسكرية والأمنية مقابل ما تقدمه من دراسات لهذه الجهات.

وإستناداً لدراسة سابقة حول دور مراكز الدراسات في عملية صنع القرار، تبيّن للكاتب أنّ المنهجية القائمة على تحليل مضمون أدبيات مراكز الدراسات خصوصاً توصياتها، ثم مقارنة ذلك بالسلوك السياسي للدولة من خلال قراراتها، هي الأكثر دلالة على وزن مراكز الدراسات.

وخلُص الكاتب إلى أنّ درجة التداخل بين العاملين في مراكز الدراسات ومؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية أعلى من الإنطباع السائد، نظراً للتداخل الواضح في الموازنات للمراكز من ناحية، وتلقيها دعماً حكومياً بطريقة أو بأخرى، ونظراً للخلفيات الوظيفية للعاملين في المراكز والذين كانوا موظفين في الدولة، خصوصاً في المؤسسات العسكرية والأمنية والشؤون الخارجية من ناحية أخرى. كما أنّ درجة التطابق بين توصيات مراكز الدراسات الإسرائيلية ذات المكانة الأعلى وبين سياسات الدولة الإستراتيجية عالية بشكل واضح، على الرغم من إنتساب هذه المراكز لتيارات سياسية مختلفة ومتباينة.

وأوصى الكاتب في ختام دراسته بإيلاء عناية خاصة من جهات صنع السياسة والقرار في البلاد العربية وقوى المقاومة الفلسطينية لهذه المراكز، لا سيّما تلك المراكز المتقدمة في التصنيف الدولي من ناحية، والمراكز المتخصصة في موضوعات تَعني المقاومة الفلسطينية وتُمثّل إهتماماتها الإستراتيجية من ناحية ثانية، كما هو الحال في دراسات معهد الأمن القومي الإسرائيلي، ومركز بيجين السادات للدراسات الإستراتيجية، ومركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، و”المعهد الدولي لمقاومة الإرهاب”.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,