“واشنطن بوست”: على “إسرائيل” أن تختار بين الإنسحاب من الأراضي المحتلة أو منح الفلسطينيين الحقوق الكاملة

التصنيفات : |
يناير 7, 2022 12:46 م

*مايراف زونسزين

عندما أحيا رئيس “إسرائيل” الجديد، إسحاق هرتسوغ، أول ليلة في “هانوكا” في كانون أول/ديسمبر بإضاءة الشموع في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، حيث يعيش حوالي 850 مستوطناً إسرائيلياً تحت الحماية العسكرية بين أكثر من 200 ألف فلسطيني، قدّم تذكيراً مهيناً آخراً للاحتلال الوحشي الإسرائيلي. تحدث هرتسوغ عن الحاجة إلى إدانة “كل أشكال الكراهية والعنف” في مكان يكون فيه العنف المنهجي ضد الفلسطينيين صارخا.

حاول الإئتلاف الإسرائيلي المختلط، الذي أنهى ولاية بنيامين نتنياهو، طي الصفحة من خلال ممارسة دبلوماسية محترمة في الخارج. كوزير للخارجية، كان السياسي الوسطي يائير لابيد يحاول إصلاح علاقات “إسرائيل” مع الديمقراطيين في الولايات المتحدة ومع حكومات الإتحاد الأوروبي، الذين عاملهم نتنياهو بإزدراء، في محاولة لتعزيز صورة “إسرائيل” كدولة ديمقراطية ليبرالية تلعب دوراً جيدا. هذا النهج يروق لكثير من المسؤولين الغربيين، الذين، لأسباب مفهومة، بالنظر إلى تجربتهم مع نتنياهو، يُعلقون الأمل في التغيير. لن نعلن على الفور أنّ كل من لا يتفق معنا هو مُعادٍ للسامية وكاره لـ”إسرائيل”، قال لبيد في يوليو (تموز) الماضي: “ليست هذه هي الطريقة التي تتعامل بها مع العلاقات الخارجية لدولة ما. ولكن في الشهر نفسه، بعد إعلان شركة Ben & Jerry’s أنّها لن تبيع الآيس كريم بعد الآن في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يقيم 670.000 إسرائيلي بشكل غير قانوني، وصف لبيد هذه الخطوة بأنّها “معادية لـ”إسرائيل” ومعادية لليهود”.

 إنّ تقديم مقاطعة المستوطنات على أنّها مقاطعة لـ”إسرائيل” يمحو التمييز بين حدود “إسرائيل” المعترف بها دولياً لعام 1948 والأرض والشعب الخاضعان لاحتلالها منذ عام 1967.

على الرغم من أنّ تحالف نفتالي بينيت – لابيد يدّعي أنّه الترياق لحكم نتنياهو، فإنّه مستمر بنفس سياسات التوسع الإستيطاني وهدم المنازل والتهديد بالإخلاء، وقمع الدولة للفلسطينيين ورفض الإنخراط في حتى ما يشبه العملية السياسية. كما أنّ الحكومة الجديدة قد ضاعفت من قوتها في الخلط بين “إسرائيل” والضفة الغربية.

وأيّدت وزيرة التعليم الإسرائيلية مؤخرا، قرار سلفها بحجب جائزة “إسرائيل” عن أستاذ الرياضيات الإسرائيلي عوديد غولدريتش لأنّه يؤيّد مقاطعة جامعة أرييل، الواقعة في مستوطنة كبيرة بالضفة الغربية. وقالت: “لا يمكنني منح جائزة “إسرائيل” للإنجازات الأكاديمية، رغم أنّها مثيرة للإعجاب لشخص يدعو لمقاطعة “إسرائيل””، مُتّهمة إياه بمقاطعة المؤسسات الأكاديمية في “إسرائيل”، على الرغم من أنّ آرييل ليس في “إسرائيل”.

وألغى نائب وزير الخارجية إيدان رول إجتماعاتٍ مقررة مع المسؤولين البلجيكيين بعد أن أعلنت حكومتهم أنّها ستبدأ في وضع العلامات على المنتجات المُصنّعة في المستوطنات وليس في المقاطعة، ولكن فقط من أجل التعامل بشفافية مع المستهلك. وقال رول: “إنّ قرار تصنيف المنتجات يُقوّي المتطرفين ولا يساعد في تعزيز السلام في المنطقة ويُظهر أنّ بلجيكا لا تساهم في الإستقرار الإقليمي”. وأصدرت وزارة الخارجية بياناً وصفت فيه الخطوة بأنّها “معادية لـ”إسرائيل”” وقالت: “إنّها تتعارض مع سياسة الحكومة الإسرائيلية التي تُركّز على تحسين حياة الفلسطينيين وتقوية السلطة الفلسطينية، ومع تحسين علاقات “إسرائيل” مع الدول الأوروبية”.

ووفقاً لهذا المنطق، حتى في ظل رئيس الوزراء الذي يدّعي “تقليص” الصراع، ووزير الدفاع الذي يسعى إلى تقوية الإقتصاد الفلسطيني ووزير الخارجية الذي يدعم حل الدولتين، فإنّ السياسة الإسرائيلية تحافظ على الضفة الغربية وشرعنة المستوطنات وإبقاء الفلسطينيين تحت الحكم العسكري مع الإدعاء بتحسين حياتهم.

يستمر هذا في الضم الفعلي تبعاً لسياسة الحكومات السابقة ويمكن القول إنّه يرفعها قليلاً من خلال خلق مظهر الضم بحكم القانون. إنّها ليست مجرد مصادرة مستمرة للأراضي مع التهرب من التداعيات القانونية ولكنّ الموقف الذي يُتوقّع من بقية العالم قبول الأراضي المحتلة كما لو كانت “إسرائيل”. وهذا جزء من سبب قيام منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” بإعلانها قبل عام أنّ “إسرائيل” هي نظام فصل عنصري.

يتمّ توبيخ الفلسطينيين ومؤيّديهم بل ومعاقبتهم عندما يطالبون بفلسطين حُرّة “من النهر إلى البحر”. وأظهر إستطلاع حديث للرأي أنّ الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية يُفضّلون الآن دولة واحدة على دولتين. لكنّ سياسات “إسرائيل” اليومية تُطبّق فعلياً دولة واحدة من النهر إلى البحر، حيث يتمتع اليهود بحريات يُحرم منها الفلسطينيون.

إنّ تطبيع المستوطنات الإسرائيلية ومحو الخط الأخضر ليس بالأمر الجديد. لقد كان يحدث بشكل مُطّرد منذ أن بدأت “إسرائيل” في إرسال مواطنيها عبر الخط بعد حرب 1967. لكنّ هذا التحالف الجديد يتابع هذه الأجندة في حين يُقدّم نفسه على أنّه أكثر ودية إلى حد ما وأكثر استساغة، وهو الأمر الذي يفلت منه إلى حد كبير بسبب التقاعس الدولي.

لأنّ “إسرائيل” تتعامل مع الضفة الغربية كما لو كانت بالفعل جزءاً من أراضيها السيادية ينبغي على الحكومات الأخرى أن تبدأ في التصرف وفقاً لذلك. على الرغم من تحوّل السياسة والخطاب في “إسرائيل” بعيداً بشكل كبير عن عملية السلام، إلا أنّ السياسة والخطاب الدوليين لا يزالان عالقين. يحتاج العالم إلى إجبار “إسرائيل” على الإختيار: إما أن تلتزم بسحب وجودها العسكري والمدني من الضفة الغربية إلى حدود ما قبل عام 1967، أو يجب أن تمنح حقّ المواطنة والمساواة الكاملة ومنح حقّ التصويت لجميع أولئك الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية، على الأقل حتى عودة حل تفاوضي حقيقي إلى الطاولة.

*كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية

المصدر: واشنطن بوست


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,