ملايين الإغاثة.. قنابل موقوتة
يناير 11, 2022 9:33 ص*بسّام جميل
أكثر من مائة مليون دولار صُرفت منذ عشر سنوات إلى الآن ولا يزال فلسطينيو سوريا في لبنان يعانون العوز ويُعتبرون الأضعف بين فئات اللاجئين.
منذ بداية الأزمة في سوريا، ودمار أكبر مخيّمات الفلسطينيين في الشتات “مخيّم اليرموك” كان واضحاً أن لا نية لدى أي جهة لتأمين عودة كريمة وإعادة إعمار ما هدمته الحرب، أي أنّ القائمين والمستفيدين من هذه الحرب، لن يسمحوا بعودة اللاجئين إلى منازلهم وإنقاذ مستقبل أبنائهم.
لا يمكن الأخذ بالتحليل الذي يقول، إنّ المنظمات العاملة في قطاع إغاثة اللاجئين، وحكومات لبنان المتلاحقة، يسعون لإنقاذ أي لاجئ فلسطيني، بل ما أوضحته الأحداث والسنوات التي مرت دون نتيجة إيجابية ملموسة، أنّ هناك إتفاق ضمني على إستمرار هذه الأزمة وإستثمارها بما يناسب كل جهة ومصالحها في ذلك.
بعد صرف الملايين من أموال المانحين ودافعي الضرائب في بلاد عدة، أهمها الأوروبية، نجد أنّ واقع اللاجئين الفلسطينين لا يزال في حدود التأثّر الأولي بالصدمة الأولى، إقتصادياً وإجتماعيا، فلم تستطع كل تلك الأموال أن تُؤمّن الحد الأدنى من الإغاثة والمساعدة الإجتماعية لهذه العوائل المنكوبة.
تعدّدت الأسباب ولعلّ تسمية أهمها ينوب عن الإستفاضة، لنذكر أنّ الفساد الاداري والمالي لمؤسسات كبيرة ساهم في خلق أجواء مُشجّعة لفساد المؤسسات الصغيرة الفاعلة على الأرض، مما جعل أثر ذلك كارثياً على المساعدات المُراد تقديمها للاجئين وأثرها المرصود بينهم. إضافة إلى القرار السياسي المُصادر من عدة جهات، كبعض الفصائل الفلسطينية التي ترى أنّ من مصلحتها بقاء هذه الأزمة، وعدم السماح بإخرج هذه الفئة لتنال حقّها الإنساني بالعيش في بلد ثالث يكفل الحماية والرعاية، ويُعيد إحياء قدرات هذه الفئة لتكون فاعلة في مجتمعاتها الجديدة.
لا يقتصر الأمر على الفصائل الفلسطينية، بل إنّ وكالة الأونروا ومن خلال عملها المستمر على خلق إرباكات وتخفيض المساعدات وتأزيم واقع اللاجئين، إنّما هي تساهم في الدفع نحو تحويل هذه الفئة من شريحة مُتضرّرة وتحتاج إلى عملية إنقاذ طارئ، إلى فئة غاضبة وربما حاقدة لخلق أجواء سلبية تؤدي في نهاية الأمر إلى تحقيق الجاهزية النفسية لإنخراط هذه الفئة المستضعفة في التوترات المحلية، لتصبح جزءاً من منظومة التهديد الأمني التي يمكن أن تستثمرها بعض الجهات الإستخباراتية المحلية والدولية.
لعلّ الأمر لا يحتاج إلى معجزة حقا، لو توفرت الإرادة الصادقة لمساعدة هذه الفئة من اللاجئين الذين خرجوا مُكرهين من بلد لجوئهم الأول بسبب الحرب، مما يجعل من السهل على الجهات الفاعلة أن تستقبلهم في بلد يحترم الإنسان وحقوقه ليقبلهم كأعضاء جدد في نسيجه الإجتماعي.
خلال عشر سنوات، شهدنا على الكثير من الأحداث، ولا نزال نتخوّف من الإندفاع الحاصل لتحقيق ما نخشاه، بأن ينجح المُغرضون من مقرّري السياسات المحلية والدولية، بتحويل هذه الفئة إلى تهديد أمني، تحقيقاً لرغبة الإدارة الأمريكية وأساليب تعاملها مع ملف فلسطين.
حان الوقت لتوضيح هذا الإلتباس الذي يغفل عنه الصديق قبل العدو، ويتغاضى عن معانيه التي ستكون نتائجها كارثية.
إنّ الكيان الصهيوني وبدعم من الإدارات الأمريكية المتلاحقة، يمارس الضغوط السياسية بأدواته المحلية، ليُحقّق مُراده بإعادة لصق صورة الإرهاب بالفلسطيني أين ما كان، فيستهدف أضعف الفئات في مجتمع اللاجئين. إنّ إنقاذ هذه الفئة من براثن المؤامرات الواضحة، يعني إنقاذ اللاجئين الفلسطينين من حلقة دموية بعيدة الأُثر.
*كاتب فلسطيني
وسوم :
الأونروا, الجهات المانحة, الكيان الصهيوني, اللاجئون الفلسطينيون, النسيج الإجتماعي للاجئ الفلسطيني, بسّام جميل, بلاد اللجوء, سوريا, صمود, عاصمة الشتات اليرموك, فلسطين المحتلة, فلسطينيو سوريا, لبنان, منظمات الإغاثة