“تجمّع المعشوق”: من أرضٍ زراعيةٍ إلى خليطٍ سكاني مُهمّش

التصنيفات : |
فبراير 3, 2022 12:15 م

*وفيق هواري – صمود:

إثر نكبة فلسطين عام 1948، لجأ عدد من العائلات الفلسطينية إلى منطقة المعشوق، وهي أراض زراعية تتبع لتلة المعشوق التي تملكها الأوقاف الإسلامية. وتقع تلة المعشوق شرقي مدينة صور، وتبعد عن المدينة نحو 5 كلم.

كان هناك بعض المنازل الفارغة التي سكنها اللاجئون الفلسطينيون القادمون من الغابسية، الدامون، الشيخ داوود، تربيخا وقديتا.

بعد عام 1969 بنى عدد من العائلات اللبنانية منازلاً لهم في الأراضي الزراعية التابعة للدولة اللبنانية.

حاليا، يسكن “المعشوق” أكثر من 6 آلاف نسمة من الفلسطينيين، البعض منهم حصل على الجنسية اللبنانية عام 1994.

في القسم الشرقي من “المعشوق”، تسكن عائلات فلسطينية يبلغ عدد منازلها 503 منزلا، في ما يبلغ عدد العائلات أكثر من 600 عائلة. أما القسم الغربي فتسكنه عائلات لبنانية يبلغ عدد منازلها 308 منزلا، لأكثر من 400 عائلة.

مزارعون وحرفيون

سابقا، كان العمل الزراعي هو الأساس، لكن الآن حصل العديد من الفلسطينيين على وظائف مختلفة، خصوصاً مع وكالة “الأونروا”، ومع المؤسسات الإجتماعية والثقافية المختلفة، إلى جانب أصحاب الحِرف كالحدادة وميكانيك السيارات والأعمال الكهربائية، والمؤسسات التجارية المتوسطة والصغيرة.

وتشهد المنطقة حالياً جموداً إقتصادياً بسبب الإنهيار المالي الذي يعاني منه لبنان. هذا الوضع دفع بعدد من الشباب إلى الهجرة غير القانونية، إضافة إلى وجود حالات بطالة واسعة وسط الشباب.

في “المعشوق” مدرسة إبتدائية تابعة لــ”الأونروا”، وعيادة تعمل يومين أسبوعيا، ومستوصف لـ”جمعية الهلال الأحمر” الفلسطيني، إلى جانب روضة للأطفال، كما يوجد مركز طبي يحمل إسم “مركز الخميني الطبي” الذي يقدّم خدماته للجميع. وفي المنطقة مسجدان، وحُسينيتان في حيّ تربيخا.

المشهد السياسي

في “المعشوق”، أيضاً لجنة شعبية تتبع لـ”منظمة التحرير الفلسطينية”، يدفع لها الفلسطينيون مبلغ 10 آلاف ليرة شهرياً لقاء جمع النفايات من المنازل، وهي لجنة تهتم بشؤون الفلسطينيين، في حين أنّ هناك لجنة تنظيمية تتبع لحزب الله وحركة أمل، ترعى شؤون اللبنانيين.

ولأنّ المنطقة عبارة عن أرض زراعية، فإنّها تحوي عدداً من الآبار الإرتوازية، تضم المياه في خزان كبير تُوزع مياهه على الجميع. كما تحوي المنطقة شبكة صرف صحي لمياه الأمطار والمياه المبتذلة.

متحف محمود دكور

ويحوي تجمّع “المعشوق” ملعب كرة قدم، تُشرف عليه حركة فتح، وهناك نشاط لـ”جمعية المرأة الخيرية”، و”جمعية المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية”، كما نجد في هذا التجمّع مكتبة عامة، ومتحفاً تراثياً أقامهما الفنان الراحل محمود دكور، وهو فلسطيني حصل على الجنسية اللبنانية، كان يعمل في “الأونروا”، ويُعتبر بالنسبة للعديد من أهالي المنطقة “مرجعا”.

لا تتعدّى مساحة منطقة “المعشوق” الكيلومتر المربع الواحد. وهو خارج خدمات “الأونروا”، والتلامذة الذين ينهون الصف السادس يلتحقون بإحدى الثانويات الموجودة خارج التجمّع.

إنّ غياب المدرسة الثانوية عن تجمّع “المعشوق”، وإضطرار التلامذة للذهاب إلى مناطق أخرى للدراسة ساهم في رفع نسبة التسرّب المدرسي، خصوصاً في السنوات الأخيرة بُعيد إنتشار جائحة “كورونا”.

ويُلاحظ أنّ معظم النساء يعملن في تصنيع وبيع المنتجات المنزلية، كالزيتون، والحرّ، والمكدوس، كما تعمل بعضهن في مجاليّ الخياطة والتطريز.

ويُلاحظ أيضا، غياب المؤسسات الدولية عن هذا التجمّع، ما يجعل من أيّ نشاط يحصل في التجمّع أمراً إستثنائيا.

مركز “نون” الثقافي

منذ عام 2016، ينشط مركز “نون” الثقافي بشكل لافت في تجمّع المعشوق، كمبادرة محلية من قبل عدد من الشابات.

عن هذا المركز، تقول إحدى ناشطاته نزهة الروبي: “كنّا مجموعة من الشابات، إجتمعنا في تموز/يوليو 2016، وأطلقنا مبادرة دروس التقوية المدرسية لأطفال “المعشوق”. وفي جلسة حوارية أكدت النساء أهمية وجود مؤسسة ترعى الأطفال، وتتابع إحتياجاتهم التعليمية والترفيهية”.

وتضيف: “في الأول من أب/أغسطس 2016 إنطلق مركز “نون الثقافي” فاستقبلنا 100 طفل في اليوم الأول لدورة التقوية”.

وعرّف المركز عن نفسه، عبر “بروشور”، بأنّه “ينظم نشاطات ثقافية، ورياضية، وترفيهية للأطفال، ومحاضرات توعية للنساء في مجالات تتعلق بحقوقهن وسياسات التمييز التي تُمارس ضدهن”.

كما دفع المركز عدداً من النساء إلى إتقان مهن عديدة، خصوصاً المُتعلقة بالإنتاج المنزلي، ودمج الشباب في برنامج تطوّعي.

وعن رؤية المركز، تُوضح الروبي: “تعتمد رؤية المركز على النهوض بتجمّع “المعشوق” نحو الأفضل، عبر تفعيل دور المرأة، وحماية الأطفال من كلّ المخاطر، ودفع المنظمات الدولية للاهتمام بتجمّع “المعشوق”. من هنا تلّقى المركز مساعدات من جمعيات محلية مختلفة”.

إنطلق فريق مركز “نون” بـ6 معلمات ومنسقة، أما اليوم فقد وصل عدد الفريق إلى 15 شخصاً

فمنذ تأسيسه عام 2016، إستفاد من خدمات المركز 200 طفل في التعليم، و300 طفل في النشاط الترفيهي، و150 إمرأة في مجالي التوعية والتمكين.

وثمة قصص نجاح لمتدّربات متطوّعات في المركز، حيث ينظر الناس إلى المركز بصفته مرجعاً لحلّ النزاعات في التجمّع.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,