إعمار غزة بين مماطلة “إسرائيل” ونفاذ صبر المقاومة.. هل نشهد جولة جديدة من الحرب؟
فبراير 8, 2022 11:21 ص
*سنان حسن
على الرغم من أنّ أحد الشروط الرئيسية لإتفاق وقف إطلاق النار في معركة سيف القدس، كان واضحاً في إعادة إعمار ما دمّرته آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، إلا أنّ كيان العدو لم يذعن حتى الآن لتطبيق الإتفاق الذي جرى برعاية مصرية حينها، ما يؤكد أنّ جولة جديدة من القتال ستندلع في أي لحظة لتطبيق هذا البند الجوهري والرئيسي وفق ما أكده مسؤولون من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس.. فلماذا تراوغ “إسرائيل” في تطبيق هذا البند، وماذا تريد من وراء ذلك، وماذا ستفعل القاهرة في حال فشلت في الحصول على اعتراف إسرائيلي لفتح المعابر والبدء بإعادة إعمار القطاع المحاصر الذي تعهّدت مصر نفسها بأن تشرف عليه؟.
خلّفت معركة سيف القدس، وفق إحصائيات حكومة حماس، في غزة دماراً كبيراً تسبّب في تدمير 1335 منشأة سكنية تدميراً كاملا، و12886 ألف بناء بشكل متوسط وجزئي، ما يعني تشرّد آلاف الأسر الفلسطينية وحرمانها من المأوى ولا سيما في ظل الظروف المناخية القاسية صيفاً أو شتاء، وبالتالي في ظل الواقع الجديد مشفوعاً بالحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، فإن حكومة الاحتلال ترى في عدم تنفيذ إعادة الإعمار محاولة جديدة منها لتأليب الشارع الغزاوي على “حماس” و”الجهاد” وإظهارهما بأنّهما تسعيان إلى الحرب والقتال على حساب حاضنتهما الشعبية في القطاع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ “إسرائيل” حاولت من خلال ملف إعادة إعمار القطاع ربط ملفات أخرى لم تكن متاحة خلال الإتفاق سابقا، وأبرزها قضية تبادل الأسرى حيث يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أنّه لن تكون هناك موافقة على إعادة الإعمار دون إنجاز إتفاق تبادل الأسرى مع حركة حماس.
وفي هذا السياق يقول تقرير دراسات معهد الأمن القومي الإسرائيلي: “إنّ التوصل لتفاهمات حول تهدئة طويلة الأمد مقابل إعادة الإعمار وتخفيف الإغلاق مصحوبا بزيادة التدخل المصري خيار غير مستقر.. لذا، يتعين على الجيش الإسرائيلي الإستعداد وتحسين الجاهزية لعملية عسكرية تهدف إلى تجريد حماس من قدراتها العسكرية ثم العودة ثانية إلى وضع إدارة الصراع”.
إضافة إلى ذلك عمل الكيان على ربط إعادة الإعمار حصراً بمرور الأموال عبر السلطة الفلسطينية في رام الله، وهذا بحدّ ذاته سبب مفجّر لعدم الإتفاق بسبب الخلاف الكبير بين حماس والسلطة. إذن “إسرائيل” تريد من ملف إعادة الإعمار الحصول على مكاسب سياسية لم تستطع الحصول عليها في معركة سيف القدس، ولكن ماذا عن المقاومة في غزة، هل ستسلّم بما يريده العدو الصهيوني؟.
يؤكد مسؤولون في قيادة المقاومة إستياءهم من مماطلة “إسرائيل” في تنفيذ تفاهمات رفع الحصار عن قطاع غزة والبدء بمرحلة إعادة الإعمار التي تمّ التوافق عليها بعد معركة سيف القدس الأخيرة، محذرين الاحتلال الإسرائيلي من اللعب بالنار ومجدّدين إستعداد المقاومة لبدء جولة جديدة من الحرب لدفع العدو إلى تنفيذ المطلوب، وفي السياق أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في غزة محمد شلح في تصريح لـ”صمود” أنّ الاحتلال الإسرائيلي يريد تحويل ملف إعادة إعمار غزة الذي تمّ التوافق عليه بُعيد عملية سيف القدس الأخيرة بوساطة مصر إلى ورقة ابتزاز بيده لحرمان المقاومة من قطف ثمار إنتصارها، والظهور أمام الشارع الإسرائيلي بمظهر الطرف القوي والمُمسك بكل الخيارات، مبيّناً أنّ صبر المقاومة بدأ ينفد، وقد أخطرت الوسيط المصري بذلك لتفادي الوقوع في المحظور.. الأمر ذاته تكرّره حركة حماس التي أكدت مراراً عدم قبولها بأي مساومة من الاحتلال على ملف إعادة الإعمار تحت أي عنوان، مُعلنةً أنّ صبرها بدأ ينفد وأنّ استمرار الأوضاع على حالها يعني حتماً الإنفجار.
لا شك أنّ ملف إعادة إعمار غزة يشكّل أولوية لفصائل المقاومة الفلسطينية التي ترى أنّه فرصة مهمة لتخفيف الضغط على القطاع المحاصر منذ خمسة عشر عاماً وكسره، والبدء بإعادة بناء ما دمّرته آلة الحرب الإسرائيلية بهمجية على القطاع وقاطنيه، ولكن في المقابل تريد “إسرائيل” من خلال هذا الملف التسويف وزيادة الضغط على المقاومة وابتزازها في ملفات أخرى، وما بين جهوزية المقاومة ومماطلة العدو الإسرائيلي يبدو أنّ المنطقة على موعد مع جولة جديدة من التصعيد على خلفية انسداد الأفق.
*كاتب سوري
وسوم :
إعمار غزة, الاحتلال الإسرائيلي, الحرب على غزة, الفصائل الفلسطينية, الكيان الصهيوني, المقاومة الفلسطينية, الوساطة المصرية, حركة حماس, سنان حسن, صمود, معركة سيف القدس, معهد الأمن القومي