“عملية الخضيرة” تُبعثر أوراق قِمّة النقب
مارس 28, 2022 9:07 ص*سنان حسن
في الوقت الذي كان الاحتلال الإسرائيلي وإعلامه يهلّلون لـ”قِمّة النقب التاريخية”، والتي تضم أربعة وزراء عرب (مصر- الإمارات- البحرين– المغرب) إضافة لوزير خارجية الولايات المتحدة، على أّنها تطور كبير في مسار العلاقات في المنطقة مع “إسرائيل”، جاءت عملية الخضيرة الإستشهادية لتبعثر كل أمالهم بالقِمّة، ولتؤكد من جديد أنّ كل المحاولات التطبيعية التي يقوم بها بعض الأنظمة العربية ما هي إلا ذرّ للرماد في العيون في ظل مواصلة القوى الفلسطينية الحيّة، نضالها ومقاومتها لإستعادة أرضها، وأنّ هذه الإجتماعات واللقاءات لن تمنع الفلسطيني سواء في الضفة أو القدس أو القطاع أو في الداخل المحتل من الإستمرار في مقاومة العدو والدليل ما جرى في الخضيرة أمس.
لقد كشفت عملية الخضيرة وقبلها أحداث النقب وباب العامود عن تطور كبير على مستوى التخطيط لتنفيذ العمليات الفدائية، ونقلها لتشمل كافة الأراضي المحتلة، وهذا يؤكد على حالة من الشعور المتنامي بين الفلسطينيين في مواجهة العدو الإسرائيلي ولا سيما بعد معركة سيف القدس، التي كانت أنموذجاً حيّاً في تكاتف وتعاضد كل الساحات لمواجهته، ولا أدلّ على ذلك إلا الإشتباكات المسلحة التي تشهدها مدن وبلدات الضفة الغربية، والتي لم تعد مخفية أو بدون تبنّي رسمي من قِبل قيادة المقاومة كما كان يحدث في السابق لحماية المُنفّذين، بل باتت علنية وفور انتهاء الإشتباك، بيانات كتيبة جنين خير مثال. ويأتي توقيت العملية بالتزامن مع ذكرى يوم الأرض، صرخة مدوّية من عرب 48 في المثلث والجليل في وجه المخططات الصهيونية لتهويد أراضيهم، دليل آخر على مواصلة طريق الكفاح والمقاومة في كل الساحات.
في حين كشفت عملية الخضيرة الهشاشة الأمنية الإسرائيلية في التعامل معها ومع غيرها من العمليات النوعية التي نفّذها الفلسطينيون خلال الفترة الماضية، حيث قُتل ستة إسرائيليين وجُرح قرابة 14 آخرين منذ بداية شهر آذار/مارس الحالي، الأمر الذي عدّته وسائل الإعلام الإسرائيلية تطوراً خطيراً ويُنذر بعواقب كبيرة في المستقبل القريب، وهذا ما عبّر عنه إليئور ليڤي في جريدة يديعوت أحرنوت “شيء ما كبير جداً ومقلق جداً يحصل هنا تحت أنوفنا في الوقت الذي نحن فيه منشغلون بغزة- الضفة- القدس الشرقية”، في ما وصفت القناة 12 الإسرائيلية ما حدث في الخضيرة بـ”هجوم خطير للغاية”.
وهذا يتلاقى أيضاً مع التحذيرات التي تطلقها الأجهزة الأمنية وغيرها من مراكز الأبحاث على أنّ شهر رمضان سيكون قاسياً في المواجهة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، لذا فقد سارع مكتب رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت إلى إصدار تعليمات بعدم ربط غزة بالعملية أو بالتسهيلات المحتملة في شهر رمضان، ما يعني أنّ التخوف الإسرائيلي من تطورات كبيرة في رمضان قائمة وهناك خشية من أن تندلع مواجهات عنيفة في الضفة الغربية والقدس المحتلة لا يمكن التعامل معها، ومن هنا، سارع جيش الاحتلال إلى الدفع بأربعة كتائب على طول خطوط التماس مع الضفة الغربية المحتلة، فهذا الهجوم مختلف وبحاجة لردود مختلفة لمنع وقوع الأسوأ.
أما الحديث عن أنّ “منفذي عملية الخضيرة وعملية الأسبوع الماضي ينتمون لتنظيم داعش، الأمر الذي يوحي بأنّهما مدبّرتان من قِبل الموساد لاستقطاب الشارع السني العربي لمدة قصيرة يُصار بعدها إلى تحويل المسار إلى التناحر الداخلي”.
هذا التحليل هو محض هرطقات، لأنّ أي تحليل يقوم على أساس أنّ الصهاينة يُشكلون أو يسمحون بتشكيل تنظيم يضربهم ويُنزل بهم الدماء ولو مرحليا، هو تحليل أولا، لا يفهم شيئاً عن طبيعة العدو الصهيوني وبالتالي فيه خلل بنيوي بالفهم السياسي والتاريخي.
والنقطة الثانية والأسوأ، هو الطعن بمجاهدي الشعب الفلسطيني الإستشهاديين الذين يُقدّمون حياتهم ودماءهم فداءً لفلسطين ولكل الأمة، بغض النظر عن أي انتماءٍ لهم.
لذا، إنّ عملية الخضيرة وما سبقها من عمليات متنقلة في مدن وبلدات فلسطين المحتلة تؤكد من جديد على الحاجة إلى قيادة موحدة للمقاومة الشعبية المسلحة، وإلى نبذ الخلافات بين الفصائل والأحزاب والتيارات الفلسطينية، والتوحّد على برنامج عمل وطني لكل فلسطين يُعيد التأكيد على الثوابت الوطنية والدفاع عن الحقوق، وليكن الإحتفال بذكرى يوم الأرض الذي انتفض فيه الفلسطينيون في الـ1976 الطريق للتلاقي والإتفاق، أما بيانات الإدانة لوزراء الخارجية العرب الأربعة المجتمعين في النقب بالقرب من قبر بن غوريون، فستبقى وصمة عار على جباههم إلى الأبد.
*كاتب سوري
وسوم :
الثوابت الوطنية, الفصائل الفلسطينية, المقاومة الفلسطينية, تنظيم داعش, سنان حسن, صمود, عرب 48, عملية الخضيرة الإستشهادية, فلسطين المحتلة, قمة النقب التاريخية, وزراء الخارجية العرب, يديعوت أحرونوت, يوم الأرض