جواز السفر الدبلوماسي.. أداة سلطة أوسلو الجديدة لابتزاز معارضيها
أبريل 14, 2022 7:35 ص*سنان حسن
لم تدّخر سلطة أوسلو وسيلة لمحاصرة الفصائل المعارضة لسياساتها إلا واستخدمتها، تارة من بوابة التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي، وتارة أخرى عبر هيمنتها على مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ومواردها المالية، فالمهم بالنسبة لقادة السلطة الحفاظ على نفوذهم ومصالحهم ولو كان ذلك على حساب فلسطين وشعبها، وليس أدلّ على ذلك من رفض السلطة المطلق لكل دعوات فصائل العمل الوطني إلى سحب الإعتراف بالكيان والإتفاق على برنامج وطني جامع والعودة إلى الكفاح المسلح من جديد.
وفي جديد التضييق على الفصائل ومحاصرة قادتها ورموزها الوطنية، لجأت السلطة إلى جواز السفر الدبلوماسي ليكون وسيلة إبتزاز جديدة، ففي اليوم الذي عقد فيه المجلس المركزي اجتماعاته ورفضت فيه أربع فصائل “الجبهة الشعبية، الجبهة الشعبية – القيادة العامة، الصاعقة وحزب الشعب” المشاركة في اجتماعاته، أصدر رئيس السلطة الفلسطينية قانوناً وسّع بموجبه الفئات التي تستطيع الحصول على جواز سفر دبلوماسي فلسطيني، الأمر الذي رأته فصائل العمل الوطني ردّاً مباشراً من السلطة على كل من يرفض سياساتها ولا يأتمر بأمرها والدليل التوقيت والشخصيات المستهدفة من ورائه، كما أنّ القرار الذي جاء في ظل غياب المجلس الوطني الذي حلّته المحكمة الدستورية منذ عام 2018، أعطى رئيس السلطة صلاحيات غير مسبوقة في منح الجواز، وبات بإمكانه منحه لمن يريد حتى لو كان من خارج الفئات الـ28 التي حدّدها القانون الذي أصدره، بمعنى أدقّ بات الجواز الدبلوماسي مكافأة وإمتيازاً لكل من يؤيد سياسات السلطة ومشاريعها.
لقد شكّل جواز السفر الدبلوماسي لفترة طويلة إمتيازاً يُمنح للمنضوين في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتالياً أعضاء المجلس التشريعي الذين تمّ انتخابهم بُعيد إتفاق أوسلو، ولكن لفترات طويلة عمدت سلطة أوسلو إلى استخدامه أداة في مواجهة معارضيها، ففي عام 2009 تمّ سحب الجواز من عدد كبير من الذين قد مُنحوا إياه، تحت عنوان إعادة ترتيب أوراق منح الجواز وفق أسس واضحة وصريحة، ولكنّ هذه المبررات لم تقنع أحداً ممّن طاله قرار السحب، فاعتبر بعضهم أنّ ما تقوم به السلطة هو إهانة للمناضلين، في حين تساءل بعضهم الآخر هل بالفعل السلطة تعلم من هم بالفعل يحملون جواز السفر الدبلوماسي مع ورود معلومات عن قيامها بمنح الجواز لشخصيات أجنبية غير سياسية وبعضهم مطلوب وملاحق من الإنتربول الدولي، وبالتالي فإنّ سحب الجواز اليوم تحت عناوين ومسميات الحفاظ على هيبة الجواز ومنحه لمن يستحقّه ما هو إلا ذرّ للرماد في العيون وتبرير لفعل تريد من خلاله السلطة تحقيق مآربها والأهداف التي وُجدت من أجلها.
منذ إتفاق أوسلو المشؤوم تعمل السلطة الفلسطينية على تدجين الشارع الفلسطيني وجعله مطواعاً في يدها بعيداً عن أي فعل يخالف سياساتها، سواء أكان كفاحاً مسلحاً أم نشاطاً سياسياً سلميا، وذلك باستخدام العنف كما حدث مع المعارض نزار بنات من أجهزة السلطة، أو من خلال قطع الإعانات التي يقدّمها الصندوق القومي الفلسطيني (إحدى مؤسسات منظمة التحرير)، ولعل في اجتماعات المجلس الأخيرة والحديث عن صرف إعانة مالية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بقرار من الرئيس عباس ما يؤكد ذلك، أو من بوابة الإتفاقات الثنائية بين فتح وباقي الفصائل التي فتح الباب لتنفيذها وزير التنسيق الأمني حسين الشيخ مؤخراً لكسب المزيد من المؤيدين للسلطة، وعلاوة على ذلك فإنّ السلطة لم تعمل كل ذلك من فكرها وتخطيطها بل قامت بتنفيذ أجندات وبرامج فرضتها عليها “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي في ملفات عديدة، ولا سيما في مسألة المناهج وتغيير المفاهيم الوطنية الفلسطينية تحت ذريعة مواءمة هذه المناهج مع نهج السلام الذي وقّعت عليه السلطة، حيث جرى تغيير المناهج عدة مرات تحت هذه الذريعة، كما تمّ قطع الرواتب التقاعدية للأسرى والشهداء بأوامر مباشرة من “إسرائيل” وأمريكا.. وآخرها، طلب مكتب رئيس حكومة الاحتلال من الإدارة الأمريكية الإيعاز لـ”أبو مازن” بإيقاف الراتب الممنوح لوالد الشهيد رعد حازم مُنفّذ عملية شارع ديزنغوف.
وعليه يمكن القول: إنّ سلطة أوسلو سعت بكل قوّتها إلى الإستفادة من الأدوات التي بحوزتها لحرف الأنظار عن الهدف الرئيس في مقاومة الاحتلال وطرده من الأرض، إلى قضايا ثانوية مستغلّة الواقع الإقتصادي الذي تئنّ منه معظم الفصائل، ولكن هل نجحت؟ بالتأكيد لا. لقد أكدت فصائل العمل الوطني والمقاومة أنّ المغريات والإمتيازات التي توزّعها السلطة على مريديها، لن تمنعهم من متابعة مواجهة العدو الإسرائيلي ومقارعته على كل الجبهات، فجواز السفر الذي يحملونه وجهته واحدة وهي مقاومة الاحتلال حتى الشهادة أو النصر.
*كاتب سوري
وسوم :
"إسرائيل", أبو مازن, إتفاق أوسلو, السلطة الفلسطينية, العدو الصهيوني, الفصائل الفلسطينية, الكفاح المسلح, المجلس الوطني الفلسطيني, جواز السفر الدبلوماسي, سنان حسن, صمود, فلسطين المحتلة