“نحن منتذكّر” يا أحمد!
أبريل 14, 2022 11:34 ص*منى العمري – صمود:
وُلد في القدس المحتلة عام 2002، وبعد ثلاثة عشر عاماً حاول تلميذ مدرسة “الجيل الجديد” أحمد مناصرة تنفيذ عملية طعن لأحد جنود الاحتلال، فتعرّض هو وابن عمه أحمد للضرب والإعتداء والتنكيل من قِبل المستوطنين، إعتُقل على أثرها أحمد واستُشهد حسن، وانتشرت فيديوهات توثّق لحظات الإعتداء والإعتقال بوحشية، وتحوّلت قضية الطفل الأسير إلى قضية رأي عام.
ضربوه وكسروا جمجمته وعزلوه ومارسوا عليه شتى أنواع التعذيب الجسدي والترهيب النفسي حتى أصبح جسده مثخناً بالجراح وروحه تعفّنت في الحبس الإنفرادي واستخدموا معه أسلوب التحقيق الطويل دون توقّف، وحرموه من من النوم والراحة.
صرّحت عائلة أحمد عن محاولات إدخال طبيب وأخصائي في العلاج النفسي من خلال محاميها ومؤسسات حقوق الإنسان، وبعد وقت طويل وجهود قانونية وحقوقية، تمّت زيارته من قِبل أخصائية في الطب النفسي، أشارت إلى أنّ “الأدوية التي يتناولها الطفل الأسير غير مناسبة، وتزيد من تفاقم حالته النفسية، وأنّه بحاجة إلى تشخيص مهني سليم ومعالجته بأدوية مناسبة، وإنهاء عزله في الزنازين، وأنّ العلاج الأمثل هو وجود حاضنة إجتماعية في غرف السجن أو في الفضاء الخارجي تساعده في تجاوز الأزمة النفسية “. (1)
“مش متذكّر”.. صدمة اليوم الأسود
قالت ميسون مناصرة والدة الأسير الشاب أحمد مناصرة: “إنّ جملته الشهيرة “مش متذكّر” كان يعنيها إذ إنّه بالفعل لم يتذكّر الواقعة بعد أن فقد الوعي من شدة الصدمة”.
وكل ما تذكّره أحمد -على لسان والدته- أنّ “قلبه كان يخفق بسرعة شديدة من شدة الخوف وأنّ قوات الاحتلال كانت تكيل له الشتائم القبيحة”.
وأضافت: “إنّ قوات الاحتلال عذّبته خلال التحقيق حتى يعترف بجريمة لم يرتكبها، ولم تراعِ أنّه طفل وأنّه كان مصاباً على مستوى الرأس بعد ضربة وجّهها له أحد الجنود الصهاينة”. (2)
من جهته كشف المحامي خالد زبارقة، الموكل بتخفيض ثلث مدة حكم أحمد مناصرة، أنّ حالته النفسية صعبة “رأيته إنساناً بلا روح، حاولت التخفيف عنه فقلت له أنّه لم يتبقَّ سوى القليل، وإنّنا نعمل من أجل إطلاق سراحك”، فأجابني: “أنا لا أنتظر سوى الموت، لا أنتظر شيئاً من هذه الحياة”، ثم سألني قبل أن أغادر: “هل أنت متأكّد أنّ الإنتحار حكمه حرام؟”.
تفاعل عربي وعالمي واسع
حاز أحمد المناصرة تعاطفاً واسعاً بعد إطلاق حملة إعلامية، الشهر الماضي، للمطالبة بالإفراج الفوري عنه، حيث شهدت زخماً كبيراً على مواقع التواصل الإجتماعي مع إقتراب موعد جلسة الإستئناف.
وأطلقت الشبكة العالمية للصحة النفسية في الأراضي الفلسطينية حملة دولية للضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسير الشاب أحمد مناصرة.
وتحت شعار “لا تتركوه وحيدا” و”الحرية لأحمد مناصرة”، أطلقت الشبكة العريضة الإلكترونية، طالبت بتوقيع النشطاء والحقوقيين عليها وكذلك العاملين في مجال الدفاع عن الأطفال والأكاديميين والفنانين والإعلاميين على المستويين المحلي والدولي.
وفي سياق الحملة، شارك فلسطينيون صوراً ومقاطع فيديو ورسومات تشرح الحالة الإنسانية الصعبة التي يعيشها الأسير أحمد مناصرة. (3)
“طفل.. يعني الحجر يبكي عليه”
بهذه الكلمات طالبت والدة الفلسطيني أحمد مناصرة سلطات الكيان بالإفراج عنه في مقطع فيديو شهد تداولاً واسعاً على المنصات العربية.
وقالت الأم في الفيديو: “إبني يريدني، يتشبّث بالزجاج أثناء الزيارة وأقول له: “يا ليتني أستطيع أن أخرجك من الزجاج”. صرت أحضنه في الهواء وهو يبكي، والجنود يستفزّوننا لأقصى حد ويصرخون فينا كي نغادر أنا ووالده”. (4)
وأضافت: “أصبح أحمد كثير الشرود، كما أنّه لا يتجاوب مع أسرته خلال الزيارات بل يمعن النظر كثيراً ثم ينهار باكيا”.
وتعتبر الوالدة الصابرة أنّ جرعة الأمل التي منحتها لأحمد مكّنتها من إنتزاع إبتسامة منه، وأنّ بكاءه لا يخفّف عنها بل يزيدها ألما.
قرار المحكمة
قررت محكمة الاحتلال المركزية في بئر السبع إبطال قرار لجنة الإفراج الإسرائيلية التي رفضت قبل شهرين، البحث في إطلاق سراح الأسير الفلسطيني أحمد مناصرة بعد إنقضاء ثلثي مدة محكوميته بدعوى أنّ الملف ذو صلة بـ”قضية إرهابية”.
وطلبت من اللجنة إعادة النظر في ذلك، والإستماع إلى ادعاءات محامي الدفاع عن مناصرة الذي طلب خفض مدة محكوميته، والإفراج عنه على ضوء تدهور حالته النفسية.
وقال محامي الدفاع خالد زبارقة للصحفيين، عقب إنتهاء جلسة المحكمة أمس: “إنّ الأخيرة قررت إعادة الملف للبحث من لدن لجنة خاصة، كانت قد رفضت قبل شهرين التوصية بالإفراج المبكر عن الأسير” وأسقطت عنه صفة “الإرهاب””.
في حين، شارك عشرات الفلسطينيين في وقفة تضامن مع مناصرة أمام مقر الصليب الأحمر في مدينة الخليل، ورفع المشاركون صوره وردّدوا شعارات الدعم والمساندة. (5)
المراجع المتعلّقة:
وسوم :
الأسير أحمد المناصرة, الحبس الإنفرادي, الحرية لأاحمد مناصرة, العدو الصهيوني, القدس المحتلة, سجون الاحتلال, صمود, فلسطين المحتلة, لا تتركوه وحيدا, مش متذكّر, منى العمري