جنين في الصحافة الإسرائيلية.. عشّ الدبابير الذي استيقظ من جديد

التصنيفات : |
أبريل 15, 2022 6:03 م

*خاص – صمود:

إستحوذ الحديث عن عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيّمها على حيز واسع من تعليقات الصحف الإسرائيلية الصادرة خلال الأسبوع الفائت، حيث رأت فيها إعادة لعملية السور الواقي التي نفّذها المجرم آرييل شارون منذ 20 عاما، في ما حذّرت صحف أخرى من تبعات هذه العملية على الوضع الأمني في “إسرائيل” ككل، وانعكاسها على باقي جبهات المواجهة مع الفلسطينيين.

“صمود” رصدت أهم المقالات التي تحدثت عن جنين والنقاش حول التدابير الأمنية للجيش الإسرائيلي وقواته الخاصة ووحدات مستعربيه.

في “هآرتس

تحت عنوان “جنين تلوح كالساحة المركزية في موجة الإرهاب، وتُشكّل تحدياً إستخباريا”” كتب عاموس هرئيل مقالاً جاء فيه: “العمليتان الأخيرتان وعملية أخرى تمّ إحباطها خرجت من مدينة جنين ومخيّم جنين، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى عملية عسكرية واسعة هناك. ورغم التحفظ من عقاب جماعي فمن المرجح أن يتمّ فرض إغلاق محدود”، مضيفاً أنّ “المُخرّب في بني براك كان فلسطينياً من منطقة جنين، لكن أيضا أعضاء الخلية الثلاثة الذين قتلتهم الوحدة الخاصة في حرس الحدود قبل أسبوع وهم في الطريق نحو جدار الفصل كانوا من سكان جنين ومحيطها، ومثلهم أيضا المُخرّب الذي عمل في تل أبيب”، موضحاً “هذه هي خلفية قرار إرسال قوات الجيش الإسرائيلي إلى جنين والقرى القريبة. التبرير الرسمي كان عملية إعتقالات وعلى رأسها محاولة لاعتقال والد وشقيق المُخرّب المشتبه فيهما بأنّهما عرّفا مسبقاً عن خطته، ومن أجل أخذ قياسات لبيت العائلة تمهيداً لهدمه. فعليا، في الجيش عرفوا أنّ الدخول الإستثنائي، بالتأكيد في وضح النهار، إلى منطقة يعيش فيها مئات النشطاء الفلسطينيين المسلحين سينتهي باحتكاك عنيف، مبيّناً أنّه “يمكن التخمين أنّه في فترة قريبة سيحاول المزيد من سكان جنين ومحيطها تنفيذ عمليات في “إسرائيل” وفي المستوطنات. نحن في ذروة موجة إرهاب ولا يوجد سبب للإفتراض بأنّه سيتمّ وقفها في القريب. في المقابل، الجيش سيعود إلى العمل في جنين وفي مخيّم اللاجئين هناك، وهي أماكن مستوى سيطرة السلطة الفلسطينية فيها متدنية جداً و”إسرائيل” أيضاً قلّلت من دخولها العسكري إليها في السنوات الأخيرة. هذه العمليات سترافقها مقاومة متزايدة من قبل حماس والجهاد الإسلامي وربما نشطاء محليين من فتح أيضاً (الخطوط الفارقة بين مسلحي التنظيمات غير واضحة كليا، خاصة في مخيّم اللاجئين). الطرفان سيحصلان على ساحة مواجهة محددة، ويُحتمل جداً أن تنتهي هذه المواجهة بعملية عسكرية واسعة في المدينة وفي المخيّم. 

إفتتاحية “هآرتس”   

جاء في إفتتاحية الصحيفة بعنوان “لا تشلّوا جنين”: “إنّ مدينة جنين ومحيطها يشكّلان مجال تسوق مركزي لآلاف العائلات من المجتمع العربي. ومواطنو “إسرائيل” العرب الذين يصلون إلى جنين لأجل التسوق يُشكّلون أكثر من 70% من القوة الشرائية في المدينة”. وأضافت الإفتتاحية: “الإدعاء الإسرائيلي بأنّ إغلاق المدينة هو خطوة موضعية، تمّ بسبب الخوف من أن تكون المدينة ومخيّم اللاجئين فيها أصبحا قاعدة إنطلاق لعمليات في عمق الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لا يمكنه أن يبرر قراراً جارفاً بهذا القدر معناه شلّ المدينة من الناحية الإقتصادية”.

وبيّنت الإفتتاحية أنّ: “الإغلاق لا يميز بين مخيّم اللاجئين والمدينة نفسها. وفي “إسرائيل” إختاروا الطريق السهل للإغلاق العام إنطلاقاً من الفهم بأنّ هذا العقاب سيمارس ضغطاً على المسلحين ويؤدي إلى الهدوء، غير أنّ هذه السياسة أثبتت أنّها عديمة النفع. فالعكس هو الصحيح، شبان كثيرون وجدوا رزقاً وعملاً في المحلات وفي الأعمال التجارية الكثيرة من شأنهم أن يجدوا أنفسهم يتجولون بلا عمل. هذه الحقيقة إلى جانب استمرار الإعتقالات والإجتياحات ليلاً ونهاراً لمخيّم اللاجئين ستزيد فقط الغضب والإحباط اللذين هما أرض خصبة للعنف”.

وختمت الإفتتاحية: “إنّ القرار الإسرائيلي بإغلاق جنين لن يساهم في أمن “إسرائيل”. فاستمرار القمع وخطوات العقاب الجماعي لن تؤديَ بأولئك الشبان لأن يضعوا سلاحهم. هذه الخطوات تزيد فقط العداء وستمحو كل حوار ممكن عن أفق سياسي يؤيده الكثير من وزراء حكومة التغيير، بمن فيهم غانتس منذ نشوء الحكومة. الزعامة تُقاس بقرارات إستراتيجية للمدى البعيد وليس بفعل ثأر وعقاب جماعي يرمي إلى صدّ النقد الجماهيري”.

وفي مقال أخر في “هآرتس” وتحت عنوان  “تجار في جنين: القيود على المدينة ستمسّ بالتجارة وتؤدي إلى التصعيد” كتب جاكي خوري: “إنّ الحظر الذي فرضته “إسرائيل” على دخول المواطنين العرب إلى جنين سيمسّ بشكل شديد بالتجار في المدينة ويمكن أن يؤديَ إلى التوتر والى تصعيد على الأرض. هذا ما قاله للصحيفة عدد كبير من تجار المدينة في أعقاب القيود الجديدة”، مضيفاً “في الغرفة التجارية في جنين قالوا إنّ العرب مواطني “إسرائيل” يُشكّلون نحو 70% من القوة الشرائية في المدينة، وأنّ التجار يمكن أن يخسروا بضائع بملايين الشواكل في أعقاب هذا القرار. قبل شهر رمضان، تزود التجار في المدينة بالطعام والأثاث وكل البضائع التي لها علاقة بالعيد. وحظرُ إدخالها هو ضربة شديدة بالنسبة لهم”.

قال العضو في الغرفة التجارية، عمار أبو بكر، للصحيفة: “يوم السبت يُعتبر دائماً يوماً مفعماً بالنشاط بشكل خاص. وآلاف السيارات تدخل إلى المدينة من “إسرائيل”، معظمها لعرب من منطقة الشمال ووادي عارة. أمس كانت المدينة فارغة تماما، هذا يدلّ على التداعيات الخطيرة للقرار على التجار وعلى مزوّديهم”. وأضاف أبو بكر بأنّ القرار يمكن أن يزيدَ الوضع الأمني خطورة”.

وفي “هآرتس”  أيضاً وفي مقال بعنوان “هكذا عادت جنين إلى ساحة الإرهاب بعد سنوات من الإستقرار والتفتّح الإقتصادي” بقلم: ينيف كوفوفيتش وهاجر شيزافجاء فيه: “المدينة التي كانت رمزاً للسلام الصناعي والأمني تحوّلت منذ اندلاع الكورونا إلى بؤرة لرجال الجهاد الإسلامي وحماس، الذين دخلوا إلى الفراغ الذي تركه الجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية وراءهما. القيود التي تمّ فرضها على جنين في أعقاب موجة العمليات الأخيرة يمكن أن تزيدَ شدة هذا التوجه”.

مضيفان: “بالنسبة لجهاز الأمن الإسرائيلي، حتى سنوات معدودة كانت جنين رمزاً للإستقرار الفلسطيني، مدينة مزدهرة إقتصادية وسكانها يؤيدون بصورة شبه كاسحة حركة فتح وفقط قوة قليلة من الجيش الإسرائيلي مسؤولة عنها، وأنّ المدينة التي كانت رمزاً للسلام الصناعي والأمني بالنسبة لـ”إسرائيل” إحتلت العناوين في الأسابيع الأخيرة في ظروف مختلفة كليا. فهي ومخيّم اللاجئين فيها تحوّلت إلى معقل لأعضاء الجهاد الإسلامي وأعضاء حماس الذين نفّذوا عمليات في “إسرائيل”، أيضاً قرى برقين ويعبد وقباطية المجاورة. في نهاية الأسبوع، أمر منسق أعمال الحكومة في المناطق بمنع دخول مواطني إسرائيل العرب إلى المدينة الذين يُشكّلون 75% من قوة الشراء فيها”.

ويوضح المقال أنّه “في جهاز الأمن يعتقدون أنّ العقاب الإقتصادي سيدفع الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى العمل في جنين ضد المسلحين، بالأساس في مخيّم اللاجئين، سواء بسبب الضغط الذي سيُستخدم من قبل جهات رفيعة في المدينة أو بسبب أنّ عدم السيطرة في المنطقة لن يترك للسلطة أي خيار. ولكن هناك خوف من أنّ استمرار العقوبات سيفيد حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، لذلك ربما يتمّ في الأسبوع القادم فحص إعطاء تسهيلات في هذه العقوبات بهدف منع التصعيد.

وتابع المقال: “في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 جرت في جنين جنازة جماهيرية برعاية حماس. هذا حدث إستثنائي حتى بالنسبة لرجال السلطة الفلسطينية الذين لا يسمحون بإجراء إحتفالات جماهيرية لهذه المنظمة. في تلك الفترة، تمّ إستئناف التنسيق الأمني بين السلطة و”اسرائيل”. وجهات أمنية في “إسرائيل” حذّرت رجال عباس بأنّ حماس تخطط لفرض رعايتها على جنازة رجل حماس والوزير السابق في السلطة الذي توفي متأثرا بالكورونا. وقد حذّروا من أنّهم في حماس يخططون لإجراء حدث إستفزازي، الذي يُشكّل إستعراضاً للقوة أمام عباس وسيشارك فيه عدد من نشطاء حماس المسلحين والملثمين. عباس طلب وقف الجنازة، لكنّ أعضاء مخيّم اللاجئين أظهروا معارضة قاطعة، والأجهزة الأمنية لم تنجح في وقفها. ورداً على ذلك قام عباس بإقالة قادة كبار في منطقة جنين واستبدلهم بأشخاص يرى أنّهم مخلصون أكثر للسلطة الفلسطينية. ولكن بعد بضعة أسابيع خاب أمله. فالقيادة الجديدة أدركت أيضاً قيود القوة أمام المجموعات المسلحة في جنين وفي مخيّم اللاجئين”.

في “معاريف”

وتحت عنوان “جنين جنين” كتب  تل ليف رام: “يجب الإنتقال إلى مبادرة هجومية ذات غاية عملياتية وجنين هي العنوان الممتاز لذلك. إخفاقات وقعت في إدارة المعركة الأخيرة في تل أبيب”، مضيفاً “حملة واسعة النطاق في يهودا والسامرة لا توجد في هذه اللحظة على جدول الأعمال. الوضع والظروف لا تشبه عشية حملة السور الواقي قبل 20 سنة. في حينه، كان للجيش الإسرائيلي الكثير جداً من الأهداف وشبكات الإرهاب ليعمل ضدها، وكذا ضد السلطة الفلسطينية ورموز حكمها. تُستثنى من هذا جنين، وفي السنوات الأخيرة كانت على جدول الأعمال إمكانية لحملة واسعة في مخيّم اللاجئين في المدينة. فاستمرار الإرهاب الإجرامي في مدن “إسرائيل” يستوجب من الجيش الإسرائيلي دفاعاً أقوى بكثير على خط التماس، الذي شكّل حتى الآن نقطة ضعف خطيرة”، مبيناً “لكن لا يقل أهمية عن إحباط الإرهاب والصدّ ينبغي أيضاً الإنتقال إلى المبادرة والعمل الهجومي ذي الغاية العملياتية – وجنين هي عنوان ممتاز لذلك: قربها جغرافيا من خط تماس فالت، مخيّم لاجئين عنيف بخاصة، الكثير جداً من الأسلحة ومصاعب الحكم للسلطة الفلسطينية تجعل المنطقة دفيئة إرهاب. في السنوات الأخيرة برزت مدينة جنين كبؤرة الإرهاب المركزي في يهودا والسامرة. يكاد يكون في كل إعتقال مطلوب نشأت معارك من مسافات قصيرة بين مقاتلي قوات الأمن والمخربين الفلسطينيين”.

العقيد يائير بلاي، أو قائد لواء فرعي مسؤول عن جبهة جنين، قال لـ”معاريف”: “مع نهاية مهام منصبه في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، إنّ إمكانية حملة كبرى في جنين لا تزال قائمة، عملية كهذه لا تتضمن بالضرورة دبابات ومروحيات على نطاق مشابه للسور الواقي، ولكن يحتمل لهذا أن يكون في صيغة أعمال بحجوم كبيرة جداً من القوات التي تبقى في المدينة وتعمل فيها وفقاً لإقرار المخططات ومدرجات العمل المقررة. آمل جدا بالنسبة لسكان جنين”.

أضاف العقيد بلاي: “إذ ينزل المخربون، وأساساً في مخيّم اللاجئين، عن الشجرة العالية التي تسلقوها. وإذا لم يحصل هذا، ففي جنين ستكون “السور الواقي 2″ نحن نعرف كيف نقوم بها”.

صحيفة يديعوت أحرونوت

وفي مقال “في عشّ الدبابير في جنين” قال اليئور ليفي: “في مخيّم اللاجئين جنين الذي يُشكّل رمزاً للمقاومة منذ حملة السور الواقي تتّحد كل القوى للتصدي لإقتحامات الجيش الإسرائيلي. أما السلطة فقد فشلت في حملتها لتنظيف المخيّم من السلاح والمسلحين. ويبدو أنّ حملة إسرائيلية عنيفة هي السبيل الوحيد لذلك مع التخوف من أن يدخل قطاع غزة إلى نطاق المعركة”. مبيناً “لقد كانت مخيّمات اللاجئين في الضفة الغربية دوماً ومنذ الأزل معاقل إرهاب، ومخيّم اللاجئين في جنين الذي وقف دوماً على رأسها، أصبح بالنسبة للفلسطينيين رمز المقاومة في أثناء حملة السور الواقي، قبل عشرين سنة بالضبط”، مضيفاً  “أصبح مخيّم اللاجئين في جنين عمليا، أرضاً خارج السيطرة بالنسبة للسلطة الفلسطينية، التي قلما فرضت فيه حوكمتها. والفراغ السلطوي، الفقر والبطالة كل ذلك أدّى بشبان فلسطينيين كثيرين إلى الإرتباط بالمسلحين”.

مبيناً أنّ: “التعاظم الكبير للمسلحين في مخيّم اللاجئين وقع من خلال تهريبات متصاعدة في السنوات الأخيرة للسلاح من “إسرائيل” إلى الضفة الغربية، عبر الثغرات العديدة في الجدار في هذه المنطقة من خط التماس. وضخّ هذا السلاح أساساً إلى جنين القريبة جغرافياً من أم الفحم، بالتوازي، بدأت حركتي حماس والجهاد الإسلامي تحققان سيطرة في المخيّم، وأقامت نشاط أذرعها العسكرية هناك دون عراقيل تقريبا، وبخاصة عندما أدّت أزمة كورونا في العام 2020 بالجيش الإسرائيلي إلى تقليص أعمال الإعتقال التي كان يقوم بها إلا إذا كان الحديث يدور عن قنابل موقوتة”، مؤكداً أنّ هناك أمر مميز في المخيّم يتمثّل في “ظاهرة مميزة ونادرة أخرى هي شراكة المصير بين الفصائل المختلفة. بخلاف الخصومات في الخارج بين فتح، حماس والجهاد الإسلامي، في داخل مخيّم اللاجئين يقاتل المسلحون كتفاً بكتف ضد قوات الجيش الاسرائيلي. من ناحيتهم، مخيّم اللاجئين جنين الذي هو رمز عزة بالنسبة لهم، يسبق إنتماءهم التنظيمي وفكرهم السياسي. أمر آخر يوحّد الجميع هو الكراهية اللاذعة للسلطة الفلسطينية، لمؤسساتها ولما تمثّله الى جانب الرغبة الشديدة في القتال ضد “إسرائيل” في كل سبيل، ومرغوب فيه بالسلاح الناري”.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,