أهلا “رمضان” في سجون الاحتلال

التصنيفات : |
أبريل 18, 2022 7:36 ص

*منى العمري – صمود:

يأتي شهر رمضان بتنوّع تفاصيله، وأيّامه المصحوبة بالروحانية، كجرعةِ أملٍ لأسرى سجون الاحتلال.

فالجميل بهذا الشهر، أنّه بمثابة نجدةٍ للأسير من أجواء الرتابة وملل التكرار، وليس بفرحة الإفطار وغبطة السحور فحسب. فإنّ الطاقة الروحية تزوّد نفوس الأسرى بالعزيمة والإصرار، وتأتي كحبّة دواءٍ لأرواحهم اليائسة، وأجسادهم المتعبة، في ظلّ بطش الاحتلال الصهيوني.

وتختلف تفاصيل يوميات الأسرى في رمضان بحسب أوضاعهم الحياتية ونمط العيش في قهر الزنازين العادية والفردية، فللمكان إسقاطاته النفسية والجسدية، وينعكس شهر الصوم على أرواح الأسرى المثخنة بآلام فراق الأهل، عبادات وابتهالات وعيون ترحل إلى المستقبل وقلوب تتضرع لله، والذكريات مشبعة بالحنين لقضاء الشهر الفضيل مع العائلة والأصدقاء في جو من الفرح، لأنّه فرصة للتأمل والتعبّد ومراجعة الذات.

الإستعداد للشهر الكريم

يبدأ الإستعداد للشهر قبل قدومه بفترة، وعلى كلّ المستويات. حيث يبدأ الأسرى برصد إحتياجاتهم من الأطعمة والمواد الغذائية لرفعها إلى إدارة السجون والمطالبة بتوفيرها، وعادةً ما تماطل إدارة السجون في توفير هذه الإحتياجات ولا تلتزم بالكميات التي يحتاجها الأسرى.

ويحاول الأسرى تغيير النمط الساري في السجن طوال السنة، وتقليل عدد مرات التفتيش وفحص الجدران والأرضيات، ويسعون إلى تقليل هذه الإقتحامات خلال الشهر المبارك، ويطالبون إدارة السجون باحترام حرمة هذا الشهر، وكعادة الاحتلال، لا يلتزم بأيّ إتفاقيات.

يبدأ شهر رمضان، وتبدأ خلية العمل والنشاط بين الأسرى. (1)

إجراءات العدوّ التعجيزية

تتفاقم معاناة الأسرى خلال هذا الشهر، فتتلاعب إدارة سجون الاحتلال بأوقات إيصال وجبات الطعام للأسرى، خاصةً من هم في مراكز التوقيف والتحقيق، فيحضرون وجبات السحور بعد رفع آذان الفجر، ويُجبر الأسرى على استلام وجبات الإفطار قبل موعد آذان المغرب بفترة زمنية طويلة.

وتتعمّد إدارة السجن التلاعب في ساعة الخروج للفورة (ساحة القسم)، حيث يخرج الأسرى في وقتٍ تشتد فيه الحرارة، مما يدفع الأسرى لرفض الخروج والبقاء في غرفهم، خاصةً في سجن “النقب” الصحراوي.

وفي هذا السياق، أكّد “مركز أسرى فلسطين”، أنّ “الاحتلال يتعمّد في رمضان تقديم طعام سيء للأسرى كمّاً ونوعا، ويرفع الأسعار في كانتين السجن (مكان مخصّص لبيع الحاجيات الغذائية وغيرها) بشكلٍ مبالغ فيه، وذلك لإرهاق الأسرى ماليا، وإستنفاذ مخصّصاتهم المالية، وتفرض عليهم كذلك شراء أصناف محددة قد لا يرغب بها الأسرى، إضافةً إلى رفض إدخال مبلغ إضافي للكانتين في شهر رمضان من أجل تمكينهم من شراء إحتياجاتهم الأساسية، وذلك إمعاناً في التضييق عليهم”. (2)

تفاصيل حياة الأسرى في رمضان

يسلّط “مكتب إعلام الأسرى” الضوء على حياة الأسرى داخل السجون في شهر رمضان، واصفاً السجون بأنّها “خليّة نحل حقيقية”، فرمضان لا يُعتبر شهراً للكسل أو النوم بالنسبة للأسرى، بل على العكس هو شهر للعمل والعبادة.

ولكن، لا يروق لسلطات الاحتلال أن يروا الأسرى سعداء بقدوم هذا الشهرالفضيل، لذا تعمد إلى تصعيد عمليات الإقتحام والتفتيش والإستنفار الدائم بحقّ الأسرى تحت حجج وذرائع واهية.  

 وصف الأسير المحرّر، المختصّ بشؤون الأسرى، تامر سباعنة عادات الشهر الفضيل: “في المساء ومع إقتراب موعد الإفطار، يتجمّع الأسرى في حلقات الذكر والدعاء من جديد، بينما ينشط الإخوة المسؤولون عن الطبخ لإعداد الطعام وخاصة “الشوربة” التي تُعتبر الوجبة الإفتتاحية في الإفطار، ويبدأ بعض الأسرى توزيع التمور على البقيّة، ومع صوت المؤذّن يسارع الجميع إلى تناول حبات التمر وطبق الشوربة المُعدّة لهم، ثم يؤدّون صلاة المغرب جماعة، وبعدها يتناولون وجبة الإفطار”.

كما يوضح سباعنة أنّه “مع إقتراب موعد صلاة التراويح يُحضّر الأسرى الدروس والمواعظ، بالإضافة إلى المسابقات الدينية الهادفة”، ويضيف: “بعد الصلاة يكونوا أحراراً كُلٌ حسب قدرته، يفعلون ما يحبون”. (3)

وفي تفاصيل أخرى، يروي وليد الهودلي، الأسير المحرّر بعد 18 عاماً قضاها في سجون الاحتلال: “تتطوّع مجموعة من الأسرى لتنظيم برنامج الأسرى خلال الـ30 يوما، حيث يتمّ تخصيص وقت للمسابقات الثقافية، ويتابع: “كما يتطوّع آخرون للطبخ، حيث يتمّ التعديل على الطعام المقدّم من إدارة مصلحة السجون، وإعطائه مسحة من فنون الطبخ الفلسطينية. إضافةً إلى إعداد الحلويات من خلال الخبز الموجود لديهم، ثم توضع تحت البلاطة الكهربائية لساعتين أو ثلاث، لتتحمّر، ليعدّوا لنا الكنافة، العوامة والقطايف”.

وقال الأسير المحرّر يوسف نواجعة -من بلدة يطا جنوب الخليل- (قضى 6 أعوام داخل السجون): “يتمّ إعطاء دورات تقوية في شهر رمضان من قِبل أسرى متعلّمين، حيث يقومون بتخصيص وقتٍ لتدريس اللغة العبرية، الإنكليزية والروسية، إضافةً لخدمة الأسرى المرضى”. (4)

شهر التذكّر والتفكّر

يقول الأسير إبراهيم الشاعر: “لن أنسى أبداً أول أيام رمضان في السجن ، كنت محاطاً بذكريات الحرية.  شعرت بالحاجة إلى البكاء لكنّي منعت نفسي خجلاً من زملائي في الزنزانة، لكنّهم فهموا مشاعري وتجمّعوا حولي، وساعدني وجودهم بجانبي في التغلّب على تلك المشاعر”.

وفي حديثه عن أيّامه الأولى في السجن خلال شهر رمضان، قال الشاعر: “بدأنا نعدّ الطعام قبل صلاة العصر، كان علينا أن نبدأ مبكراً بعض الشيء لأنّه لم يكن لدينا سوى موقد واحد داخل الزنزانة وقوات الاحتلال سمحت بدخول بعض المواد المختارة إلى السجن “.

بدوره، قال الأسير المحرّر إيهاب بدير: “إنّ الظروف القاسية المصحوبة بسوء الإمداد الطبي، زادت من معاناة الأسرى خلال شهر رمضان”، مضيفاً أنّ “الإجراءات التعسفية أثّرت على الصحة العقلية والنفسية للأسرى”. (5)

دموعٌ وشوق يغلب الأسيرات في هذا الشهر

ترصد الأسيرة المحرّرة إسراء لافي، الأجواء التي تعتاد الأسيرات أن يعشنها مع بداية شهر رمضان وحتى الإعلان عن نهايته ودخول العيد.

وعلى موائد رمضان في الإفطار والسحور، تنهمر دموع الأمل والرجاء والشوق في ذات الوقت، عندما تتذكر الأسيرات الأهل والأحبة، كما تؤكّد لافي.

وتحدّثت الأسيرة المحرّرة لمى خاطر أيضاً عن تفاصيل الشهر المبارك لدى الأسيرات قائلة: “لا شيء يشبه ذلك الشعور بتفاصيل رمضان الأولى داخل السجن، السحور الأول، شكل الفجر، مذاق دعاء القيام الأول، إقتراب لحظة الإفطار الأولى وأنت مع رفيقات الزنزانة، في ما وجوه أهلك في مكانٍ بعيد، تحاول إستحضارها ووضع إحتمالات لتفاصيل أوقاتها، تداهمك حين تحين لحظة الإفطار وتسرقك من جوّ السجن إليهم، ولا تغادرك إلا حين تكتشف أنّك قد أنهيت إفطارك”. (6)

المصادر المتعلّقة

https://www.alaraby.co.uk/blogs/2020/4/23/%D8%B1%D9%85%D8%B6%D  1-

https://www.almayadeen.net/news/politics/1397419/%D9%85%D8%A4%D  2-

3 https://asramedia.ps/post/9063/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9

 https://ramallah.news/post/126858/%D9%87%D9%83%D8%B0%D8%A7 4

 5 https://www.arabnews.com/node/1667126/middle-east

 6 https://felesteen.news/post/65289/%D9%83%D9%8A%D9%81


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,