رغم الوضع المتفجّر في القدس، الصحف الإسرائيلية تكشف نوايا قادة العدو: “الحلّ بالتهدئة وليس الحرب”

التصنيفات : |
أبريل 21, 2022 10:45 ص

*خاص – صمود:

على الرغم من أنّ المشهد العام في فلسطين المحتلة يوحي بأنّ الإنفجار قادم لا محالة، وأنّ جولة من التصعيد بين كيان الاحتلال وفصائل المقاومة ممكن أن تندلع في أية لحظة، إلا أنّ المكتوم عما يجري من أحداث يؤكد أنّ قادة كيان الاحتلال يسعون على قدمٍ وساق لمنع أي تصعيد على أية جبهة سواءً في القدس أو الضفة المحتلة أو في قطاع غزة، وهذا ما كشفته الصحافة الإسرائيلية التي عنونت في صدر صفحاتها عن المساعي التي يقوم بها وزير الدفاع بني غانتس للحفاظ على التهدئة.

خشية “إسرائيل” من التصعيد على خلفية أحداث الأقصى

حيث أكدت صحيفة “معاريف” في خبرها الرئيس عن المواجهات في الحرم القدسي تحت عنوان “الهدف: تخفيض اللهيب” أنّ “غانتس وفي أعقاب تقويم وضع هاتفي، أجراه مع كبار رجالات جهاز الأمن في أعقاب أحداث العنف في مجال الحرم يوم الجمعة، قرّر بتوصية من محافل الأمن ألا يفرض إغلاقاً على الضفة في أيام أسبوع الفصح وأن تستمر تقويمات الوضع لاحقاً وفقاً للتطورات”، وقد تُرجم هذا الأمر عملياً  في أول أيام عيد الفصح اليهودي الأحد الفائت. أكثر من ذلك، فقد أكدت الصحيفة في مقالها أنّ القيادة الإسرائيلية أجرت إتصالات دولية لاحتواء التصعيد حيث أوردت الصحيفة أنّه: “على مدى كل نهاية الأسبوع، قامت “إسرائيل” بجهود دولية لمنع التصعيد في المواجهات في القدس وفي كل أرجاء الضفة وكذا من انتقالها إلى قطاع غزة. وأفادت مصادر أمنية بأنّ جهود الوساطة بين “إسرائيل” والمنظمات الكبرى في قطاع غزة، “حماس” و”الجهاد الإسلامي” قام بها مسؤولون كبار في المخابرات المصرية؟ وفي القدس أفادوا بأنّ النية هي تحييد التوتر العالي وإعادة الهدوء إلى المنطقة من خلال إعطاء تسهيلات مختلفة للجمهور الفلسطيني”.

بدورها صحيفة “يديعوت أحرونوت” وفي مقال إفتتاحي بتاريخ 17/4/2022 بعنوان “مخاطرة محسوبة”، كتب شمعون شيفر بينيت أنّ “الجانب الإسرائيلي، وأحياناً مع الشد على الأسنان، يحافظ على الوضع الراهن في الحرم. جدير مواصلة التصرف بحذر، وفي نفس الوقت الإيضاح لكل الأطراف في المنطقة بأنّ لنا حقوقاً توجد في هذه المنطقة المتفجرة. إنّ الإمتناع عن الإنجرار إلى حرب دينية، في ظل لجم الجهات المتطرفة التي بيننا، لكن أن نتذكر أنّه محظورٌ الفزع من التهديدات التي تُمطرنا بها حماس والأنظمة حولنا”.

“ليس هناك سبب للقلق، وأنّه مثلما في كل سنة لن تنجح حفنة من نشطاء الهيكل في الوصول إلى الحرم مع جِديٍ حيّ بهدف تقديمه كقربان”

في حين عنونت صحيفة “هآرتس” بتاريخ 17/4/2022 أنّ “الشرطة أعادت الهدوء إلى الحرم بالقوة ولكن مشكوكٌ إذا كان هذا سيستمر” بقلم نير حسون، وذهبت أبعد من ذلك عبر الحديث عن وجود أخبار كاذبة عن نية المستوطنين تقديم قربان الفصح في الأقصى بهدف توتير الأجواء، حيث أورد كاتب المقال أنّ “المواجهات الصعبة التي اندلعت في الحرم كانت تقريباً محتومة. الضجة الإعلامية والأخبار الكاذبة والشائعات في الشبكات الإجتماعية قد انتشرت عن نية اليهود القدوم إلى المكان وتقديم قربان الفصح. “إسرائيل” من ناحيتها حاولت أن تبث للفلسطينيين والأردنيين وحتى لـ”حماس” بأنّه ليس هناك سبب للقلق، وأنّه مثلما في كل سنة لن تنجح حفنة من نشطاء الهيكل في الوصول إلى الحرم مع جِديٍ حيّ بهدف تقديمه كقربان”. ولكنّ “هآرتس” أكدت أنّ المواجهات في الأقصى قد تُعرّض الإئتلاف الحكومي للخطر بالقول: “أوضح منصور عباس بأنّ المسّ بالمسجد الأقصى يُعرّض الإئتلاف للخطر”، وقد تأكد هذا الأمر على أرض الواقع بعد إعلان رئيس القائمة الموحّدة منصور عباس تجميد عمل الكتلة في الحكومة والكنيست بالتنسيق مع بينيت ولابيد.

في حين كتب غادي حيتمان في صحيفة “إسرائيل اليوم” مقالاً بتاريخ  18/4/2022 بعنوان: “مصلحتنا جمعياً منع الإشتعال” ورد فيه أنّه: “إلى جانب التسهيلات للفلسطينيين في رمضان يجب رسم خط واضح بحيث لا يتحوّل الشهر الإسلامي المقدّس إلى شهر فوضى قد تستمر حتى بعد أن ينتهي أيضا. وهذا يُسمّى بالعبرية الحساسية والتصميم”. موضحاً “ماذا يعني هذا في نظرة إلى الأمام؟ هل نحن أمام حارس أسوار أخرى؟ يبدو أن لا. “حماس”، التي شجعت تصعيداً واسعاً في أيار/مايو 2021، تتجلّد في هذا الوقت. كما أنّها منعت “الجهاد الإسلامي” من أن يردّ بالنار من القطاع على حملات الإحباط التي تقوم بها “إسرائيل” ضد رجال التنظيم في منطقة جنين. وحقيقة أنّ الرئيس المصري بعث بنجله كوسيطٍ يوجد فيها، قد يساهم في تهدئة الخواطر. وجهة عرب “إسرائيل”، الذين شجبت أغلبيتهم الساحقة عمليات الإرهاب هي أيضاً ليست نحو التصعيد. فالخطاب السائد في شبكاتهم الإجتماعية هو الشرخ السياسي بين القائمة المشتركة والموحّدة، وواضح أنّ معظمهم يريد أن يرى منصور عباس يدفع الوسط العربي إلى الأمام”.

“إنّهم على حقّ عندما يزعمون أنّ “إسرائيل” لا تحكم في داخل المسجد، طالما أنّ اليهود لا يستطيعون الصلاة فيه كما يحلو لهم”

وعليه، يمكن القول أنّ الوضع دقيق للغاية وأنّ القيادة الإسرائيلية لا تريد التصعيد، ولكن ماذا عن الشارع الإسرائيلي وكيف ينظر إلى تصرفات حكومته اتجاه المسجد الأقصى الذي يرون فيه خطاً أحمراً يجب أن لا يُمسّ نهائياً تحت أي مساومة سياسية لهذا الفريق أو ذلك.

وفي هذا السياق أوردت “هآرتس” مقالاً تحت عنوان: “الحرب على الأقصى هي مسألة وقت، المسجد الأقصى ليس في أيدينا” بقلم تسفي بارئيل، أكد فيه أنّ “المتدينون القوميون اليمينيون على حقّ عندما حاولوا مراراً وتكراراً إقتحام المسجد الأقصى من أجل إثبات “سيادة دولة إسرائيل”، فبالنسبة لهم ليست الصلاة هي المهمة، بل السيادة والسيطرة والملكية والسلطة”. ويضيف كاتب المقال: “إنّهم على حقّ عندما يزعمون أنّ “إسرائيل” لا تحكم في داخل المسجد، طالما أنّ اليهود لا يستطيعون الصلاة فيه كما يحلو لهم، وبالتالي فالمسجد الأقصى ليس في أيدي الدولة، بعد كل شيء، ما الهدف من تعريف الدولة كدولة يهودية إذا وافقت على تقاسم أقدس مكان مع المسلمين، ليس فقط للمشاركة بل للتخلي عن حقّها والإنسحاب مما كان حقّاً لها منذ العصور القديمة وهو مكتوب عن اسمها في أم الكتب”.

وهاجم كاتب المقال الإتفاقات التي وقّع عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو “إتفاقيات كيري” في عام 2015 والتي تشمل إعتراف “إسرائيل” بدور الأردن الخاص في الحفاظ على الأماكن المقدسة، مؤكداً أنّ المواجهة قريباً في الأقصى بالقول: “واليوم عندما يكون بإمكان قادة مثل إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش أن يكونوا أعضاءً في الكنيست وربما حتى وزراء، فإنّ الحرب على الأقصى ليست سوى مسألة وقت”.

بالمحصّلة

أمام هذا الواقع المعقّد الذي يعيشه كيان العدو الإسرائيلي من رغبة عارمة للمتطرفين للمضي قُدماً في المخططات التوراتية والتلموذية في السيطرة على الحرم القدسي وبناء الهيكل المزعوم، وما بين رغبة سياسية إسرائيلية لمنع التصعيد والإكتفاء بإجراءات الحد الأدنى لمنع الإنفجار وحصول أمور لا يمكن السيطرة عليها، يمكن إختصار ما يجري بما قاله المحلّل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل: “إنّ الظروف داخل القدس حساّسة، والتوسلات المتواترة للمتحدثين بإسم الشرطة للمراسلين ببث صور تدل على الهدوء في الحرم، إنّما تُظهر إلى أي درجة تخاف الشرطة والمستوى السياسي في “إسرائيل” من تصعيد غير مسيطر عليه”.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,