معركة الصراع الدائم.. المسجد الأقصى يستغيث!
أبريل 26, 2022 7:35 ص*منى العمري – صمود:
هناك مشاهد تُعيد للأذهان ما حصل خلال شهر رمضان الماضي خلال عام 2021، حين شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الجمعة 15 نيسان/أبريل الحالي 2022، هجوماً عنيفاً وغير مسبوق على مئات المصلّين داخل مصلّيات المسجد الأقصى، وقامت بعد صلاة الجمعة بتحطيم بوابات المصلّى القبلي ونوافذه وإطلاق قنابل الصوت والغاز والرصاص المطاطي على المرابطين بداخله، قبل أن تنجح بدخوله وتدنيسه وإعتقال الشبّان الفلسطينيين، الذين اشتبكوا مع شرطة الاحتلال وحاولوا منعها من الدخول.
لماذا الإقتحام؟
إنّ إقتحام قوات الاحتلال باحات المسجد الأقصى وتدنيسه، ليست المرة الأولى، إنّما هي واقعة متكررة يشاركهم في تنفيذها المستوطنون الذين يعملون للسيطرة على أولى القبلتين لممارسة طقوسهم وشعائرهم التلمودية الداعية لـ”ذبح القرابين” في باحاته خلال أيام عيد الفصح العبري، التي تبدأ مساء الجمعة وتمتد لثمانية أيام، بهدف إقامة هيكلهم المزعوم الذي نفت كل لجان الآثار وجوده داخل حدود ثالث الحرمين.
وفي هذا الإطار، يوضح الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص، أنّ “كل مقتحمي المسجد الأقصى ينتمون إلى تيار الصهيونية الدينية لمؤسسها الحاخام أبراهام كوك وأنّ الاحتلال شهد عملية تحوّل منذ عام 2000، حيث كانت سلطاته قبل هذا العام تمنع اليهود من دخول الأقصى إلّا بأوامر وتنسيقات محددة، لكن بعده شهد العكس مقابل تقييد دخول المصلّين المسلمين إلى أقصى حد، وفتح المجال للإقتحامات خلال الأعياد اليهودية حتى لو تزامنت مع مناسبات إسلامية دينية كشهر رمضان”. (١)
من جانبه، يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمود مرداوي: “إنّ الإقتحام هذه المرة جاء دون أيّ مبرر أو ذريعة يتذرّع بها الاحتلال إلا منع المصلّين والمعتكفين من التواجد داخل المسجد، وبالتالي فإنّ سلطات الاحتلال تقوم بالتحضير لما تخطط له، لأنّه خالف كل ما تعهّدت به للوسطاء بشكلٍ مستمر حول أنّها لن تقوم بأيّ إجراءات معادية تضيّق على الفلسطينيين في القدس، وأنّها ستمنع المتطرّفين من الإقتحام”. (٢)
وشدّدت الفصائل الفلسطينية، على أنّ “جرائم الإعدام بدمٍ بارد التي يرتكبها جنود الاحتلال بحقّ المواطنين، ستواجَه بتصعيد المواجهة مع المحتل في كل الميادين”، موضحةً أنّ “المعركة مع الاحتلال مفتوحة وشاملة في كل الساحات”.
في حين، يرى أستاذ دراسات بيت المقدس عبد الله معروف أنّ “ما سيحدّد إذا ما كانت المواجهة والحرب التي وقعت في رمضان 2021، ستتكرر هذا العام، هو ما سيُقدم عليه الاحتلال حكومة وجماعات متطرّفة”، وبحسب معروف: “إنّ هذا الأمر سيكون بمثابة إعلان واضح بتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك، وهو ما كانت هذه الجماعات تحاول القيام به بشكلٍ جزئي العام الماضي، مما يعني أنّنا سنكون أمام مواجهة كبيرة جداً في القدس والأراضي المحتلّة، أعتى وأعنف من التي رأيناها العام الماضي”.
تضامن دولي واسع عقب أحداث المسجد الاقصى
أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن “قلقها العميق” بعد إصابة أكثر من 150 شخصاً في الصدامات في باحة المسجد الأقصى.
وقال المتحدّث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيانٍ له: “ندعو الفلسطينيين والمسؤولين “الإسرائيليين” إلى العمل على نحو تعاوني لخفض التوترات وضمان سلامة الجميع”.
وفي هذا الصدد، وقّع 3 آلاف أمريكي على عريضة تطالب الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، بالضغط على كيان الاحتلال الصهيوني من أجل وقف إعتداءات الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس المحتلّة.
وبحسب العريضة التي أطلقتها منظمة “كود بينك” النسائية المؤيّدة للحقوق الفلسطينية، أكَّد الموقّعون على: “ضرورة حماية حقوق الفلسطينيين، ووضع شروط على المساعدات الأمريكية المقدّمة لـ”إسرائيل”.
كما دعا موفد الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط، تور فينيسلاند مسؤولي الجانبين إلى “خفض تصعيد الوضع والحؤول دون حصول إستفزازات جديدة من أوساط متطرّفة”، وهو موقف عبّر عنه أيضاً الإتحاد الأوروبي والجامعة العربية.
وفي هذا الإطار، دعت باريس إلى “أقصى درجات ضبط النفس وتجنّب العنف بكل أشكاله”.
من جهتها، دانت الخارجية السعودية “التصعيد الممنهج” الذي اعتبرته “إعتداءاً صارخاً على حرمة المسجد الأقصى”.(٣)
في حين، عبّرت تونس والجزائر، ومنظمة التعاون الإسلامي عقب الإقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، عن “تضامنها مع فلسطين، ورفضها لإجراءات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى”.
أيضاً، شهدت كلّ من مملكة البحرين ودولة الكويت في الخليج العربي، فعاليات تضامنية وداعمة للمرابطين في القدس والمسجد الأقصى، ضد الهجمة الصهيونية والإعتداءات المتواصلة، وذلك من خلال ندوة تضامنية في البحرين ووقفة شعبية في العاصمة الكويتية، حيث نظّم حشد من النشطاء والمواطنين الكويتيين، وقفة في ساحة الإرادة وسط العاصمة، تنديداً بالعدوان الصهيوني على المسجد الأقصى.
مواقع التواصل الإجتماعي تشتعل مجدداً
أشعلت الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى مواقع التواصل في العالم العربي، وهيمنت وسوم مثل #المسجدالأقصى، #لن_يمر_الاقتحام، #اقتحام_مضان، على ما تمّ تداوله في معظم البلدان العربية.
كم أنّ معظم ردود الفعل العربية عبر مواقع التواصل الإجتماعي جاءت مندّدة بما حدث.
وتداول المستخدمون صوراً ومقاطع فيديو تظهر بحسب وصفهم، إستخدام قوات الكيان القنابل الغازية والعيارات الحية.
في حين، قارنت بعض المنشورات بين ما حدث يوم الجمعة في المسجد الأقصى وما حدث في نفس التوقيت تقريباً العام الماضي. (٤)
المقاومة في المواجهة
فجّرت إعتداءات قوات الاحتلال على المصلين في المسجد الأقصى غضباً في صفوف الفلسطينيين، وقد اعتبرتها السلطة الفلسطينية “إعلان حرب”، بينما حذّرت فصائل المقاومة من تداعياتها.
ولاحقا، إندلعت مواجهات في مناطق في الضفة الغربية، بينها مدينة الخليل وجنين والتي استمرت فيها الإشتباكات بين الشبّان الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
وفي ردود الفعل الداخلية، حذّرت فصائل المقاومة الفلسطينية، من التداعيات المترتبة عن إعتداءات الاحتلال، مؤكدةً أنّ “قرار الشعب الفلسطيني هو الدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته مهما كان الثمن”.
وكانت حركة حماس قد دعت الفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل، للوقوف إلى جانب الأهالي في القدس وإسنادهم.
في حين، أكّدت حركة الجهاد الإسلامي أنّه “ما لم يكف الاحتلال يده عن الأقصى ويوقف عدوانه، فإنّ المواجهة ستكون أقرب وأصعب مما يظن”. (٥)
المصادر المتعلقة:
وسوم :
الأمم المتحدة, الحاخام أبراهام كوك, الدول العربية والإسلامية, القدس, المستوطنون, المسجد الأقصى, المقاومة الفلسطينية, الهبة الشعبية, الولايات المتحدة الأمريكية, جبل الهيكل, ذبح القرابين, صمود, عيد الفصح العبري, فلسطين المحتلة, قوات الاحتلال الصهيوني, كود بينك, منى العمري, مواقع التواصل الإجتماعي