بينيت وتسليح المستوطنين.. حلم “إسرائيل” الكبرى يتبدّد

التصنيفات : |
أبريل 28, 2022 9:59 ص

*سنان حسن

أعادت دعوة رئيس وزراء كيان الاحتلال نفتالي بينيت المستوطنين إلى حمل السلاح بعد العمليات الفدائية النوعية في عمق الكيان الأذهان إلى بدايات وجود الكيان الغاصب على أرض فلسطين، والنهج الذي كانت تتبعه العصابات الصهيونية حينها لطرد الفلسطينيين من ديارهم وبيّاراتهم، حيث بات الأمن الذي يتغنّى به الاحتلال عبر المنظومة التي أسّسها من جيش وأمن وشرطة ووحدات خاصة ومستعربين.. في خطر، ويمكن القول أنّه خطر وجودي على “إسرائيل” وحلمها بأن تكون وطناً آمناً لكل اليهود، فالكيان الذي استخدم عصابات الهاجاناه وأخواتها ليغتصب فلسطين ويُنكّل بأهلها، هاهو اليوم يستخدم نفس الوسائل عبر الدعوة لتسليح المستوطنين وتأسيس ميليشيات إرهابية لمواجهة الفلسطينيين.. وما وحدة “بارئيل” في النقب إلا خير دليل على ذلك، فهل بدأت بالفعل منظومة الأمن الإسرائيلي في التفكك والإنهيار؟.

الغرب يُسلّح الهاجاناه

في كل دول العالم على اختلاف تأريخ وجودها وقيامها، يكون الشعب واللغة والتاريخ هم الأسباب الموجبة لقيامها إلا في كيان الاحتلال، فالشعب غير موجود حتى يكون هناك دولة، وإنّما ميليشيات إرهابية قتلت و”فظّعت” بالفلسطينيين ونكّلت بهم وهجّرتهم من قراهم ومدنهم إلى مخيّمات داخل الأرض المحتلة أو خارجها، هذه الميليشيات كانت نواة ما يُسمّى بـ”جيش الدفاع” والذي تمّ تلزيمه بإنشاء الدولة وجلب “مواطنين” إليها. فبعد الإعلان عن قيام دولة “إسرائيل” المزعوم في 14 أيار/مايو من العام 1948، وبالتحديد في السادس والعشرين من الشهر عينه تمّ الإعلان عن تأسيس جيش “الدفاع” الإسرائيلي من إتحاد عدة ميليشيات إسرائيلية إرهابية، كانت عصابات الهاجاناه العمود الرئيسي فيه قبل أن تنضم إليه ميليشيات أخرى على غرار “أرجون” و”شتيرن”، حيث تولّى متزعّمي هذه الميليشيات ومنهم مناحيم بيغن بناء منظومات أمنية متطورة لحماية المستوطنين والمستوطنات، بدعم مباشر من الدول الغربية التي قدّمت كل الأسلحة المتطورة والتقنيات الحديثة، والنتيجة كانت استجلاب عشرات آلاف المهاجرين من كافة أنحاء العالم تحت يافطة الأمن والأمان اللذين ينعم بهما الكيان.

لاحقا، جرت مواجهات كبيرة بين الفلسطينيين والاحتلال، وكانت قوات الاحتلال تلجأ في تلك المواجهات إلى العنف والإجرام لمنع الفدائيين من تحقيق أهدافهم، حتى عند توقيع إتفاق أوسلو المشؤوم مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، شدّد الكيان على ملف رئيسي في التعامل مع السلطة وأجهزتها وهو التنسيق الأمني، وقد رأينا كيف عملت الولايات المتحدة على تدريب قوات أمن السلطة على ما يعرف بـ”خطة دايتون”، ولا يزال هذا الملف الأساس لوجود السلطة ومسؤوليها.

إنّ منظومة الأمن التي كانت تُشكّل بيئة آمنة لجلب المهاجرين باتت بيئة طاردة لهم، وقد تؤدي في حال تطوّرت الأحوال إلى عامل لعودتهم إلى بلدانهم الذين قدموا منها.

إذا، كان الأمن هو الهاجس الأكبر لدى قادة الاحتلال على مدى عقود من وجود الكيان إلى أن جاءت معركة سيف القدس في العام الماضي، التي غيّرت معادلات الأمن التي كان يفرضها العدو، حيث تمكنت المقاومة الفلسطينية من فرض معادلات ردع جديدة تجاوزت حدود قطاع غزة المحاصر، فأي اعتداء على القدس أو أحيائها أو مقدّساتها تكون المقاومة جاهزة للرد والدخول في مواجهة مع المحتل، وهذا ما خلق حالة التفاف كبير حولها، وبدأت الضفة والقدس وأراضي الداخل في 48 بالغليان وتنفيذ العمليات ضد المحتل، عمليات النقب والخضيرة ومواجهات جنين ونابلس وطولكرم مثال، ما يعني أنّ منظومة الأمن التي كانت تُشكّل بيئة آمنة لجلب المهاجرين باتت بيئة طاردة لهم، وقد تؤدي في حال تطوّرت الأحوال إلى عامل لعودتهم إلى بلدانهم الذين قدموا منها.

إنّ ضياع هذا التفوّق النوعي الذي سعت “إسرائيل” لفرضه لعقود ليس فقط على الفلسطينيين بل على الدول العربية المحيطة بفلسطين، يعني بكل تأكيد أنّه بداية زوال الكيان الغاصب..

إنّ دعوة رئيس حكومة الاحتلال المستوطنين إلى حمل السلاح وزيادة الدعم لوحدات المتطوعين “الحرس المدنيّ” وتشكيل ميليشيات جديدة في النقب وغيرها من الميليشيات، قد دقّت ناقوس الخطر حول أكثر من ملف جوهري ووجودي في تاريخ الكيان الغاصب على أرض فلسطين وهو الأمن، فاللجوء إلى الأمن الفردي على حساب الأمن الجماعي الذي كانت تكفله “الدولة ومؤسساتها” يعني أنّ الوضع دقيق جداً وخطير، وعليه، فضياع هذا التفوّق النوعي الذي سعت “إسرائيل” لفرضه لعقود ليس فقط على الفلسطينيين بل على الدول العربية المحيطة بفلسطين، يعني بكل تأكيد أنّه بداية زوال الكيان الغاصب.. ووصفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بـ”أحد السيناريوهات الواقعية و”غير الخيالية”.

تتغيّر ظروف المنطقة لصالح قوى المقاومة. يضعف الأمريكيون. يجمع الإسرائيليون خيباتهم، ويمضون من دون حرب. هذا سيناريو واقعي يختصر كل الكلام ، وليس حلماً أو خيالا، سنرى في القادم من الأيام.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,