“إسرائيل” إلى نهايتها: الكيان يقتل ذاته

التصنيفات :
مايو 5, 2022 7:39 ص

*وسام عبد الله

“كل إسرائيلي يولد وفي داخله السكين الذي سيذبحه”

هذه الكلمات ليست لكاتب عربي يتمنى زوال “إسرائيل”، وإنّما هي للشاعر الإسرائيلي حاييم جوري، يعبّر من خلالها أنّ فكرة نهاية “إسرائيل” موجودة في الأذهان الصهيونية، رغم أنّ إتفاقيات التطبيع تترك إنطباعاً بأنّ “إسرائيل” تُثبت وجودها، ليأتيَ الرد من المقاومة بعملية فردية داخل شوارع مدن المستوطنات، لتعطيَ إنطباعاً معاكسا، فبين المشهدين أين هو الداخل الإسرائيلي، وهل يحمل الكيان في جذروه نقاط مقتله؟.  

عقلانية نهاية الكيان

“إسرائيل إلى نهايتها ” هو عنوان كتاب، للصحافي والكاتب اللبناني سركيس أبو زيد، يجمع فيه شواهد من كتّاب وباحثين إسرائيليين يؤكدون إلى حد اليقين أنّ الكيان الذي يعيشون فيه سيأتي يوم ويزول من الوجود، والأدلة على نهايته هي التي تدفع أبو زيد للقول بأنّ نهاية “إسرائيل” هي طرح عقلاني وهذه العقلانية برصد ما يكتبه الإسرائيلون عن نهايتهم، فيقول: “بعض الكتّاب العرب إعتمد على تضخيم الدور الإسرائيلي في العالم، من اللوبي الصهيوني والماسونية، كأنّها أخطبوط يتحكّم في كل شيء، حتى تصل لدرجة تقول إن كان هذا الكلام صحيح، فلمَ أحاربها، التضخيم غير مبرر، البعض استخدمه من زاوية إتهامية لدورها”.

هو صراع وجود، فماذا يفيد “إسرائيل” إذا ربحت كل العرب وخسرت الفلسطينيين بالسيطرة عليهم؟”

يُشير أبو زيد إلى أنّ العصبية التي كانت موجودة لدى الاحتلال في تأسيسه لم تعد كما كانت سابقا، نتيجة تركيبته الإثنية والتناقضات الإقتصادية، ويوضح قائلا: “أكّدت الأحداث الأخيرة، بعد صدور الكتاب (عمليات الطعن الفردية ومعركة سيف القدس)، أنّ الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، لم تستطع قواته السيطرة عليهم وتطويعهم، فهي اعتقدت أنّ الجيل الذي تعلّم بمدارسها ويعمل في أسواقها، يمكن السيطرة عليه، ليثبتَ أنّه متمسّك بهويته وأرضه، يؤكّد أنّ الصراع هو صراع وجود، فماذا يفيد “إسرائيل” إذا ربحت كل العرب وخسرت الفلسطينيين بالسيطرة عليهم؟”. ويتابع: “الفلسطيني المنفرد ليس فصيلاً حتى يتمّ تطويعه، لأنّ كل هذه التنظيمات كان لها دور تدجيني في بعض الأحيان، أما الفرد فيعتمد على نفسه، بأدوات بسيطة استطاع خلق حالة رعب، والإسرائيلي بدأ يشعر بالخطر الوجودي عليه، بدون السلطة والتنظيمات والأنظمة، وعدم شعور الإسرائيلي بالأمان زاد من الهجرة المعاكسة إلى خارج الكيان”.

عناوين نهاية الكيان

يُصنّف سركيس أبو زيد، في كتابه، نقاطاً عديدة تُشكّل الطرق التي يتّجه بها الإسرائيلي إلى نهايته، وهي في معظمها من الدخل وليست فقط من محيطه، منها: “هجرة العقول”، “الأزمة الإقتصادية”، “الخطر الديمغرافي الفلسطيني” وغيرها.

“أساس المشروع اليهودي هو استقدام 15 مليون يهودي، حتى يمتدّ الشعب من النيل إلى الفرات. أما الآن، هم معزولون داخل جدار الفصل العنصري، فأساس المشروع لم يعد موجودا، لم يستطيعوا تأمين العدد الكافي ولا الحدود التي حلموا بها”، يتابع أبو زيد: “النعيم الإقتصادي فشل، ففكرة أنّها جنة عدن انتهى، في زمن الإتحاد السوفياتي كان الكثير من الناس ناقمين على الشيوعية، والدعاية الصهيونية جذبتهم للعيش في الكيان، الكثير منهم جاء بحجة أنّهم يهود ليتبيّنَ في وقت لاحق أنّهم من غير اليهود، من الأرثوذكس المسيحيين.

تغيرت المعادلة اليوم، فروسيا لم تعد شيوعية وعادت للأرثوذكسية، وهم لم يجدوا هذا النعيم، وبدأ الحنين يتملّكهم للعودة، ويُقدّر عدد اليهود من أصل روسي بمليون ونصف، وهذا يُفسّر سبب زيارة القادة الإسرائيلييين لروسيا، بهدف كسب تأييدهم، لأنّهم يؤثّرون على 25 نائب في الكنيست، وهذا الأمر هو ضمن حسابات الروس أيضا، فمن يلومها أنّها لم تتوجه لحرب مع “إسرائيل”، فهي تملك التأثير داخل مؤسسات الكيان، يطلبون منها لعب الدور مكان العرب”.

أنا كأمريكي -وأعتقد أنّ الإسرائيلي يطبّع مع العرب- فما السبب والمبرّر الذي يدفعني لأقدّم له الدعم؟

ومن العوامل الإضافية، يُشير أبو زيد إلى أنّ قوة الكيان الصهيوني كانت قائمة على اعتبارات خاصة بالأنظمة العربية، حتى في حروبها معها، بينما ترعبها مواجهة منظمات شعبية. كما أنّها ليست مؤهّلة للحرب الطويلة، رغم أنّها تملك القدرة على “مسح” لبنان، ولكن هل هي مستعدة لدفع الثمن من العتيد والعتاد؟.

يدرك سركيس أبو زيد أهمية التوسع في المرحلة الحالية بدراسة تأثير التطبيع على نهاية الكيان، فيؤكّد: “إنّ التطبيع يُضعف من عصبيتهم ويزيد النقمة من الداخل، ومن الجهات الداعمة الخارجية، فأنا كأمريكي -وأعتقد أنّ الإسرائيلي يطبّع مع العرب- فما السبب والمبرّر الذي يدفعني لأقدّم له الدعم؟، حتى الرأي العام الغربي بدأ بالإنقلاب عليهم، وسيكون هناك نقمة داخل الدول العربية على الأنظمة، فما حدث في مصر والأردن من دعاية بأنّها ستنعم بالإزدهار، أين هي الأن من أزماتها الإقتصادية؟”. ويضيف: “العامل الديني له تأثيره أيضا، لا يستطيع العرب التغاضي عنه في ما يتعلق بالمقدّسات، فالأنظمة تتجه للتطبيع لأنّ الثقة بأمريكا تضاءلت، وتحاول التوجه نحو “إسرائيل”، وهذا سيكلفها أثماناً في القادم من الأيام”.

“نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا. وهناك إمكانية حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني”.

شواهد من الكتاب

يقول أبراهام بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي الأسبق: “نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا. وهناك إمكانية حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني”.

وعن الهجرة المعاكسة، يقول مسؤول وحدة الهجرة والإستيعاب في مركز الحكم المحلي ميخائيل جنكر بأنّ حرب لبنان الأخيرة زادت من عدد الراغبين في ترك “إسرائيل”.

أما الكاتب وعضو الكنيست السابق أوري أفنيري، فقد أصدر كتاباً تحت عنوان (“إسرائيل” بدون صهيونية) يشير فيه إلى أنّ نهاية الكيان مثل ممالك الفرنجة، محاصرة عسكرياً لأنّها تجاهلت الوجود الفلسطيني ورفضت الإعتراف بأنّ أرض الميعاد يقطنها العرب.

*كاتب لبناني