ماذا تبقّى من مخيّم ضبية؟
يونيو 15, 2022 8:25 ص*وفيق هوّاري – صمود:
” كان عمري لا يتجاوز الخمس سنوات حين هجّرونا من قرية البصّة في شمال فلسطين، توجهنا إلى عين إبل في لبنان ومنها إلى كفرشيما حيث مكثنا حتى العام 1953. بعدها نقلونا إلى منطقة ضبية وأسكنونا في مخيّم الملاحة، وسكنا في بركسات وبركيات وخيم. وفي عام 1955 استأجرت الأمم المتحدة أرضاً تملكها الرهبانية المارونية وحوّلتها إلى مخيّم للاجئين الفلسطينيين. انتقلنا إلى المخيّم عام 1956 وكان يحوي يومها نحو 300 منزلا”. هكذا روى سعد غالب (إسم مستعار) قصة بناء مخيّم ضبية.
يقع المخيّم المذكور على بعد 12 كلم شمالي العاصمة بيروت، على تلة تشرف على الطريق الدولية المؤدية إلى طرابلس. سكن المخيّم لاجئون فلسطينيون جاء معظمهم من قرية البصّة التي تقع عند الحدود مع لبنان وعلى مقربة من الناقورة، ويدين معظمهم بالكاثوليكية. وهو المخيّم الوحيد في الضواحي الشرقية للعاصمة بيروت .
ديموغرافيا المخيّم
يضيف غالب: “لا أعرف عدد العائلات أو الأفراد عند وصولنا إلى هنا .لكن الآن تسكنه 233 عائلة فلسطينية يبلغ عدد أفرادها نحو 800 شخصا، 99 عائلة فلسطينية حصلت على جنسية لبنانية ويبلغ عدد أفرادها نحو 300 شخصا. وهناك 56 عائلة لبنانية تحمل بطاقة إعاشة ويبلغ عدد أفرادها نحو 210 أشخاص و109 عائلة لبنانية يبلغ عدد أفرادها 370 شخصا. وحاليا، يسكن في المخيّم عدد غير معروف من العائلات السورية اللاجئة التي استأجرت 120 منزلاً في المخيّم”.
ويذكر غالب أنّه خلال التعداد الذي أجرته السلطة اللبنانية عام ٢٠١٧، رفض عدد من العائلات الفلسطينية إجراء مقابلات مع فريق العمل المعني.
ويقول أحد اللبنانيين الذين يقيمون في المخيّم، وقد اعتذر عن ذكر اسمه: “معظم العائلات اللبنانية قدِمت من منطقة عكار وسكنت منازل فلسطينيين تركوها بسبب الهجرة إلى أوروبا أو أمريكا. المكان رخيص نسبياً وقريب من أماكن العمل”، ويضيف: “بعض العائلات اللبنانية جاءت من الدامور والعيشية خلال الحرب اللبنانية”.
العلم والعمل
يوضح اللاجئ غالب: “كان رجال المخيّم يعملون في قطاعي البناء والبحر، من تبقّى منهم الآن يعمل في مهن هامشية مثل الحراسة وقيادة السيارات، في حين معظم النساء العاملات يشتغلن في محلات بيع الألبسة، لكنّ ذلك لا يلغي ارتفاع نسبة العاطلين من العمل”.
تفتح عيادة الأونروا أبوابها يومين أسبوعياً وتحوّل المرضى الذين بحاجة إلى استشفاء إلى عدد من المستشفيات المتعاقد معها، في حين يبيع مستوصف الراهبات أدويته بأسعار رمزية، وخصوصاً للمصابين بأمراض مزمنة.
أُقفلت مدرسة الأونروا في المخيّم منذ زمن بعيد وكان تلامذة المخيّم يتلقّون تعليمهم في مدرسة الكرمل في برج حمود والتي بدورها أُقفلت لاحقا. الآن، يدرس أطفال المخيّم في مدارس رسمية وخاصة قريبة من هذه الجغرافيا الضيّقة .
يُعلّق غالب على سياسة الترميم وإعادة البناء الي تمارسها الأونروا: “إنّها سياسة خاطئة لأنّ اختيار المنازل وإعادة بنائها يعتمد على العلاقات وليس على أساس الاحتياجات والأولوية، كما أنّ سفارتنا الفلسطينية لا تهتم بشكل كاف بنا”.
في مخيّم ضبية، يقدّم عدد من المنظمات غير الحكومية خدمات للمقيمين فيه مثل جمعية مار منصور، الأخوات الناصريات ومجمع الكنائس.
ويرتبط معظم العائلات الفلسطينية المقيمة في المخيّم، بأفراد منها هاجروا خلال الحرب وخصوصاً إلى الدانمارك والولايات المتحدة الأمريكية .
حرّاس الأمان
يستغرب من نلتقي به، لبنانياً كان أم فلسطينيا، عند السؤال عن العلاقة بين الفلسطينيين واللبنانيين، فيعلّق بولس (إسم مستعار) بالقول: “العلاقة بيننا ممتازة، هناك تزاوج بيننا منذ زمن بعيد. كثير منّا تزوّج من فلسطينيات، كذلك عدد من الفلسطينيين اقترن بلبنانيات، وأذكر أنّ مسؤول حزب القوات اللبنانية في المخيّم هو فلسطيني (إيلي حبيب)”. يصمت لحظات ويضيف: “طالما لا يوجد سلاح بين أيدي الجميع، فالمشكلات تُحل بالتوافق ولا يمكن أن تهتز العلاقات بيننا. نحن نعاني من ذات المشكلات.. لا كهرباء ولا مياه تصل إلى البيوت، ومشكلة الصرف الصحي على حالها، لماذا المناكفة والخصام؟؟”.
وحول مستقبل حياتهم، يختم بولس: “في هذا المخيّم الصغير، ننعم جميعنا بالأمان، حتى السوريين الذين يتبعون ديناً آخر نعيش معهم بوفاق، وأعتقد أنّ السبب يعود للدولة التي تبسط سيادتها على المكان، والقانون هو السائد”.
وسوم :
إيلي حبيب, الأمراض المزمنة, الأونروا, البركسات, الدامور, السلطة اللبنانية, العيشية, اللاجئون السوريون, اللاجئون الفلسطينيون, الهجرة إلى أوروبا, بيروت, صمود, فلسطين المحتلة, قرية البصّة, مخيّم ضبية, وفيق هوّاري