“الجهاد الإسلامي” بعد معركة غزة الأخيرة: قراءة في النتائج والخيارات المستقبلية
أغسطس 13, 2022 8:28 ص*قاسم قصير
خاضت حركة الجهاد الإسلامي مؤخراً معركة جديدة في مسيرة المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وانطلقت هذه المعركة تحت عنوان “وحدة الساحات” لإطلاق الأسرى والدفاع عن حقوقهم، وقد عمد العدو في المقابل إلى استهداف قطاع غزة ومواقع “الجهاد الإسلامي” فيه، مما أدّى إلى سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، فكان رد الحركة عبر إطلاق مئات الصواريخ على المستوطنات الصهيونية والمدن في فلسطين المحتلة. وبعد ثلاثة أيام، توقّفت المعركة على أساس تعهدات مصرية بتحقيق مطالب الحركة في مقابل إعلان “الجهاد الإسلامي” وقف إطلاق النار.
وقد أعلن الأمين العام للحركة زياد نخّالة أنّها نجحت في فرض شروطها على الاحتلال من خلال مفاوضات غير مباشرة أسفرت عن وقف إطلاق النار في غزة.. لكن، ماذا بعد الهدنة؟ وهل ستلتزم “إسرائيل” بتطبيق الشروط التي جرى الإتفاق عليها وأهمها إطلاق سراح الأسيرين بسّام السعدي وخليل عواودة، أم نحن أمام سيناريو يتكرر بعد كل عدوان على غزة؟ وما هي دلالات هذه المعركة الجديدة في مسيرة المقاومة الفلسطينية؟.
حتى كتابة هذه السطور لم يكن العدو الصهيوني قد طبّق الشروط المطلوبة، وكانت صحة الأسير خليل عواودة في تدهور مستمر، في حين أنّه تمّ تمديد الحجز الإداري للشيخ بسّام السعدي، إضافة لقيام العدو بتصعيد ميداني من خلال استهداف عدد من كوادر كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح في مدينة نابلس، مما يعني أنّ العدو الصهيوني يخوض معركة مواجهة مفتوحة ضد المقاومين سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وهناك مؤشرات على إمكانية نقل المعركة إلى ساحات أخرى ومنها لبنان، كما أشار أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب عاشوراء.
قراءة في النتائج
وبانتظار وضوح صورة الوضع الميداني، وأفق الإتفاق الذي تمّ ومدى الإلتزام الصهيوني به، فإنّ المعركة الأخيرة التي خاضتها حركة الجهاد الإسلامي كان لها نتائج عديدة سواء على المستوى الميداني أو السياسي أو مستقبل القضية الفلسطينية، ومن أبرز هذه النتائج:
أولا، لقد فرضت حركة الجهاد الإسلامي، مرة أخرى، شعار “وحدة الساحات” بين الضفة الغربية وغزة وكل مواقع المواجهة مع العدو الصهيوني، وإنّ معركة الأسرى هي جزء أساسي من معركة المقاومة بكافة أبعادها، وإنّ الحركة حاضرة دوماً لنصرة الأسرى والمناضلين في الضفة الغربية.
ثانيا، رغم أنّ هذه المعركة لم تستمر سوى ثلاثة أيام، وأنّ العدو الصهيوني عمل لحصر المعركة في مواجهة الجهاد الإسلامي، فقد استطاعت الحركة توجيه ضربات قاسية للعدو ومدنه ومستعمراته، مع أنّها لم تستعمل سوى عدد محدود من الصواريخ، مما دفعه لطلب وقف إطلاق النار وعدم توسيع دائرة المعركة، وهذا يؤكد أنّ قوى المقاومة الفلسطينية قادرة على فرض أجنداتها على العدو الصهيوني، وأنّ معركة شاملة في مواجهة العدو سيكون لها انعكاسات كبرى على مستقبل الصراع.
ثالثا، إنّ الإتفاق على وقف إطلاق النار لا يعني أنّ المعركة انتهت، لأنّ تنفيذ الإتفاق والعمل لإطلاق الأسرى ومواجهة الإعتداءات الصهيونية سواءً في الضفة الغربية أو في قطاع غزة أو في ساحات أخرى ينبغي أن يستمر، وهناك مؤشرات كثيرة تدل على أنّ العدو الصهيوني قد ينقل المعركة إلى ساحات أخرى، وقد يستهدف قادة المقاومة أمنياً أو عسكرياً سواء داخل فلسطين أو خارجها، وهذا ما حصل في مدينة نابلس وقد يحصل في مدن أخرى ومناطق أخرى، وهذا يتطلب الإستعداد والجهوزية من قِبل قوى المقاومة في المرحلة المقبلة.
رابعا، كشفت معركة غزة الجديدة الإنقسام الواضح في العالم العربي والإسلامي بين محور المقاومة وفلسطين من جهة ومحور التطبيع والتعامل مع الكيان الصهيوني من جهة ثانية، ومن هي القوى التي تقف مع فلسطين ومقاومتها ومن هي الجهات التي تصمت عن أي عدوان صهيوني وتحمّل الفلسطينيين مسؤولية ما يجري، وكل ذلك يؤكد ضرورة تصعيد المواجهة في كل الساحات وعبر كل الأساليب وتعميق التعاون بين قوى المقاومة إستعداداً لأي مواجهة مقبلة.
خامسا، هذه المعركة هي معركة أخرى ضمن مسيرة الصراع الطويل مع العدو الصهيوني، وهي تؤكد أنّ التوزانات تتغير، وأنّ تنظيم واحد من قوى المقاومة يفرض معادلات مهمة في مسار المعركة، فكيف لو أنّ المواجهات وصلت إلى خوض معركة شاملة مع العدو الصهيوني في التوقيت المناسب؟!.
سادسا، لا بد من الإستفادة من مجريات ما حصل ميدانياً وسياسياً كي يتمّ تحديد أي ثغرة في المواجهة والعمل لتعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف.
وفي الخلاصة، لم تنتهِ معركة غزة، ووقف النار لا يعني أنّ المواجهة انتهت، بل تحوّلت إلى مسارات أخرى والأيام المقبلة قد تشهد مواجهات بأشكال وأساليب مختلفة حتى تحقيق النصر الشامل وتحرير كامل التراب الفلسطيني.
*كاتب لبناني
وسوم :
الأسرى الفلسطينيون, السيد حسن نصر الله, العدو الصهيوني, المقاومة الفلسطينية, بسّام السعدي, حركة الجهاد الإسلامي, حزب الله, خليل عواودة, زياد نخّالة, صمود, صواريخ المقاومة, فلسطين المحتلة, قاسم قصير, لبنان, محور المقاومة, معركة غزة, نابلس, وحدة الساحات, وقف إطلاق النار