“أيّها النازل على الريح”.. وداعاً

التصنيفات :
سبتمبر 12, 2022 6:56 ص

رحل فجر أمس الأحد الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين (1942 – 2022) ، بعد انتكاسة صحية ألزمته المستشفى منذ أكثر من أسبوع.

ونعت إبنة الشاعر رباب والدها على صفحتها على الفايسبوك بهذه المرثية:

لم تعلّمني كيف تُكفّن القصيدة

وقد غسّلناها بدمع المحاجر

ولم تعلّمني كيف يُدفن الشعر

و لم تخبرني أنّ للشعر مقابر 

حفرت كل  تراب بيروت يا أبي

فما وسعتك بيروت

يا أيّها  الشاعر

فأين أواري جسدك المقدس 

وكيف ترثيك في الموت المنابر

ونعاه وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى ببيان جاء فيه:

“الغيوم التي في الضواحي” كانت تهرِّبُ قصائدَك على “رياحٍ حجرية” إلى حيثُ “حلقاتُ العزلةِ” و”منازلُ النَّرْدِ”، ليبتني بها “النازلون على الريح” “غرباءَ في مكانِهم” “ممالكَ عالية”.

نعم، شعرُكَ المتوَّجُ على “الشمس المرة”، “يناديكَ يا ملكي وحبيبي”: لماذا تركتَ “اليأسَ من الوردة” “يحرثُ في آبار” الحبرِ، ولا يدعُ لنا من الأبجديةِ إلا أن نكتب رثاءَك بكلماتِك؟

سينحني قليلًا جبل عامل من ثقلِ دمعةٍ في “كتاب الطواف”، وستبهتُ القوافي وتزفُّ حزنَها إلى الحداثة الشعرية، وستسكتُ عن الغناءِ الطيور التي أنت أميرالُها، لأنَّ رحيلَ شاعرٍ على هذا البهاء، يأخذُ الشعر إلى المعنى الأجلِّ الذي هو الصمت بخشوع.

رحمك الله! ” 

شمس الدين المولود في قرية بيت ياحون في قضاء بنت جبيل بجنوب لبنان، حائز على دكتوراه دولة في التاريخ، كما يحمل إجازةً في الحقوق.

تفتّحت موهبته الشعرية مبكرا، ويُعتبر من طليعة شعراء الحداثة في العالم العربي منذ العام 1973. وهو من طليعة “شعراء الجنوب”، وهي التسمية التي أُطلقت على مجموعة من الشعراء اللبنانيين من قرى وبلدات جنوبية مثل حسن عبد الله وشوقي بزيع والياس لحّود وجودت فخر الدين، وجميعهم دافع بكلامه وشعره عن الأرض والجنوب في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

شارك الراحل في العديد من المهرجانات الشعرية في أكثر من دولة عربية، وله الكثير من المقالات النقدية والأدبية عن الشعر والأدب والفكر، في المجلات والصحف اللبنانية والعربية، وهو عضو الهيئة الإدارية في إتحاد الكتّاب اللبنانيين.

لا ينحصر النتاج الشعري لشمس الدين في مجالٍ واحد، ويتميز أغلب شعره بتفاعله مع رموز التاريخ العربي والإسلامي.

وشارك الشاعر الراحل مع “الميادين الثقافية” في أكثر من تحقيق وتغطية، منها مواجهة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأكّد على ضرورة أن يكون للمثقف العربي موقف واضح من ذلك، حيث أعلن سحب كتابه “آخر ما تركته البراري”، الصادر عن دار “النهضة” في بيروت، من الترشّح لــ”جائزة الشيخ زايد للكتاب”.

للراحل الكبير دواوين كثيرة منها: أميرال الطيور، يحرث في آبار، منازل النرد، رياح حجرية، حلقات العزلة، الغيوم التي في الضواحي، غرباء في مكانهم، العودة إلى المنزل، عندما تهب العاصفة، ينام على الشجر الأخضر الطير، ويكون سيفك للبنفسج مائلا، للصبابة للبلبل وللملكوت وهو آخر دواوينه.


وسوم :
, , , , ,