قوى المقاومة في مواجهة المتغيرات الإسرائيلية والأمريكية: التصعيد في كل الجبهات
نوفمبر 15, 2022 7:20 ص*قاسم قصير
شهدنا في الأيام الماضية حدثين مهمين ينعكسان على مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني، الأول يتعلق بنتائج الانتخابات الإسرائيلية والثاني بنتائج الانتخابات الأمريكية.
على صعيد الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، فإنّنا نتجه أكثر نحو معسكر يميني متطرف يمسك بالسلطة وقد يعتمد سياسات أكثر تشدّدا، وهذه النتائج تؤكد أنّ الأوضاع في فلسطين ستتجه أكثر نحو التصعيد والمواجهة بين قوى المقاومة والشعب الفلسطيني من جهة وبين المستوطنين الصهاينة والأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من جهة أخرى.
وبموازة ذلك، شهدت الانتخابات الأمريكية النصفية تصاعد الصراع بين الحزب الجمهوري ومؤيدي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من جهة، وبين مؤيدي الحزب الديمقراطي والرئيس جو بايدن من جهة أخرى وجاءت النتائج متقاربة، ففي حين حافظ الديمقراطيون على مجلس الشيوخ بصعوبة، احتفظ الجمهوريون بمجلس النواب، ولكن هذا الصراع قد يدفع الطرفين لاعتماد سياسة أكثر حدة في منطقتنا وتقديم الدعم للكيان الصهيوني، وهذا يعني مزيداً من التشدد في السياسات الأمريكية تجاه إيران وقوى المقاومة في المنطقة، بانتظار معرفة مصير الاتفاق النووي والسياسات الأمريكية والغربية تجاه إيران، في ظل التطورات الداخلية في إيران والتي لم تُحسم نهائيا، وقد برز بعض أجواء التصعيد في الأيام الأخيرة، ليس فقط في فلسطين، بل حتى على الحدود السورية – العراقية حيث نفّذت طائرات صهيونية عدواناً جوياً على قافلة نفط إيرانية كانت تتجه نحو سوريا وشنّت المزيد من الغارات الصهيونية على سوريا.
لبنانيا، ورغم توقيع اتفاق الترسيم البحري بين لبنان والكيان الصهيوني عبر الوسيط الأمريكي، فإنّ زعيم اليمين الصهيوني المكلّف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بنيامين نتنياهو كان قد هدّد مراراً بالإنسحاب من هذا الاتفاق، ورغم صعوبة اتخاذ مثل هذه الخطوة، فإنّ المخاوف من حصول تصعيد بين لبنان والعدو الإسرائيلي متوقعة، وقد يتخذ أشكالاّ متعددة ومنها زيادة الضغوط الأمريكية – الإسرائيلية على لبنان كما أشارت مسؤولة في الإدارة الأمريكية مؤخرا.
وعلى الجبهة الإيرانية، نشهد المزيد من التصعيد الأمريكي – الغربي ضدها بحجة دعم الاحتجاجات الشعبية على النظام، وهناك المزيد من العمليات الأمنية والعسكرية التي تستهدف إيران والتي تشكّل جبهة خلفية داعمة لقوى المقاومة في المنطقة.
يُضاف إلى ذلك، توقف الحوار المباشر بين إيران من جهة والسعودية ودول عربية من جهة أخرى، مما قد يدفع بعض هذه الدول لمزيد من التطبيع مع العدو الصهيوني بحجة مواجهة الخطر الإيراني، وكذلك في ظل تعثّر العودة إلى الهدنة في اليمن واستمرار أجواء التوتر في العراق ونجاح القوى التي تنسق مع إيران لتشكيل حكومة جديدة مما أوجد بعض الانزعاج لدى دول عربية، وكذلك في ظل استمرار تعثّر الحل للأزمات في لبنان وعدم انتخاب رئيس جديد، مما قد يجعل بعض هذه الدول ساحات للصراع في المنطقة ودخول العدو الصهيوني على خط التصعيد.
وفي ظل هذه المعطيات الأولية على الجبهة الأمريكية – الإسرائيلية، وما يجري في العالم العربي من تطورات وما يحصل من أحداث في إيران وتركيا، نحن قادمون على تصعيد ميداني وسياسي وأمني واقتصادي في مواجهة قوى المقاومة في المنطقة، وكل ذلك يفرض عليها أن تكون حاضرة وجاهزة للرد والتصعيد في كل الجبهات وعدم الاكتفاء بالتصعيد الحاصل في الضفة الغربية المحتلة والقدس من قِبل المقاومين، والمواجهات التي نشهدها يومياً بين الشعب الفلسطيني والمقاومين من جهة وبين جيش الاحتلال والمستوطنين من جهة أخرى.
نحن أمام مرحلة مهمة ودقيقة في الصراع مع الكيان الصهيوني المدعوم أمريكيا، وللأسف فإنّ بعض الدول العربية لا تزال سائرة في اتجاه التطبيع مع هذا الكيان الصهيوني بأشكال مختلفة أمنياً وعسكرياً وسياسياً ورياضياً واقتصادياً ودينيا، ونحن نشهد العديد من الخطوات التطبيعية في أكثر من دولة عربية وإسلامية، وكل ذلك يتطلب إعادة قراءة المعطيات الجديدة والبحث في كيفية تفعيل المواجهة عبر كل الجبهات العسكرية والميدانية والأمنية والثقافية والدينية.
وإذا كانت الضغوطات التي تواجهها بعض الدول العربية على الصعد الاقتصادية والشعبية والسياسية تمنعها من خوض المواجهة بشكل مباشر، فإنّ على قوى المقاومة والتيارات العربية والإسلامية والقومية واليسارية أن تعيد ترتيب أوضاعها وتشكيل جبهة شعبية داعمة للمقاومة ورافضة لكل أشكال التطبيع، وتبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الجامعة لكل القوى والقادرة على إعادة استنهاض المقاومة في كل المنطقة.
لذا، من المهم العمل على تخفيف التوترات في الدول العربية والإسلامية والعودة لمنطق التكامل الإقليمي والحوار العربي – التركي – الإيراني – الكردي وعدم الانجرار إلى صراعات جديدة ، كما أنّ دعوة الأزهر الشريف إلى حوار إسلامي – إسلامي يمكن أن تشكّل خطوة مهمة في تخفيف الصراعات المذهبية وإعادة توحيد الموقف الإسلامي والعربي وإعادة التركيز على أ ولوية القضية الفلسطينية.
*كاتب لبناني
وسوم :
الاحتلال الإسرائيلي, الانتخابات الأمريكية, التطبيع, الجبهات, الحوار الإسلامي, العالم العربي, الغارات الإسرائيلية, القضية الفلسطينية, الكيان الصهيوني, المتغيرات الأمريكية, المقاومة, ترسيم الحدود البحرية, جيش الاحتلال, صمود, فلسطين المحتلة, قاسم قصير, مجلس الشيوخ