قد يشير نمط عمل منفّذي العملية في القدس إلى منظمة قديمة

التصنيفات : |
نوفمبر 24, 2022 8:46 ص

*هآرتس/ عاموس هرئيل
يبدو أنّ العملية المزدوجة التي وقعت صباح أمس الأربعاء، في القدس وكأنّها عمل لمجموعة ماهرة نسبيا.
كان على شخص ما أن يخطط مسبقاً لوضع العبوتين في محطات حافلات مختلفة، وجمع معلومات استخبارية مسبقة، وتجميع العبوات، ووضعها، والابتعاد دون أن يتمّ القبض عليه – ثم تنشيط العبوات عن بُعد، وتوقيت التفجيرين معا، بينهما فترة قصيرة من الزمن.

في العملية، قُتل تلميذ المدرسة الدينية أرييه شيشوبك، وأُصيب 22 آخرون بجروح، هذا ليس عمل منفّذ منفرد، ومن المشكوك فيه أن يكون هذا عمل منظمة محلية جديدة على غرار “عرين الأسود” من نابلس، من ناحية أخرى، هناك مؤشرات على نمط عمل لمنظمة قديمة، مثل “حماس” أو “الجهاد الإسلامي”.

لن تكون مفاجأة كبيرة إذا اتضح في ما بعد أنّ خلية تعمل في القدس من شرق المدينة (بسبب حرية التنقل والإلمام بمنطقة العملية)، ربما بمساعدة وتمويل من الخارج.
تعود الهجمات على المحطتين إلى ذكريات قديمة ومؤلمة، في العقود الأخيرة، لم يكن هناك حدث ترك ندوباً مؤلمة على أرواح “الإسرائيليين” مثل هجمات الحافلات خلال الانتفاضة الثانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لذلك، كانت هذه في الغالب عمليات نضالية، حيث تمّ استخدام عبوات أكبر وأكثر فتكا.

هدأت التفجيرات “الانتحارية” مع نهاية تلك الانتفاضة، ومنذ ذلك الحين تمّ استبدالها في الغالب بمبادرات محلية أكثر ارتجالية.

أولئك الذين اختاروا أهداف الهجوم صباح أمس –محطات الحافلات في القدس– ربما يدركون الذكريات التاريخية للعبوات التي تأتي معها.

الخوف من التصعيد في أعقاب موجة العمليات التي بدأت في شهر آذار/ مارس من هذا العام ولم تنحسر منذ ذلك الحين، سيلقي بظلالها على التحركات السياسية.

وقعت الهجمات خلال فترة انتقالية، والحكومة المنتهية ولايتها، التي خسر أعضاؤها الانتخابات، لديها بالفعل قدم في الخارج؛ لم يتم تشكيل الحكومة الجديدة بعد.

بنيامين نتنياهو ليس على عجلة القيادة بعد، لكنّ شركاءه في المستقبل يسكبون الزيت على النار بالفعل.

وقد واجه الشخص الذي كان من المقرر أن يشغل منصب وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير ، صعوبة في التخلي عن عاداته القديمة وركض إلى مكان الهجوم. لكنّه اكتشف هناك أنّه لأول مرة في حياته كان عليه أيضاً تقديم إجابات وليس مجرد اتهامات.

الحلول التي اقترحها بدت نوعاً ما مستخدمة: اغتيال “إرهابيين”، حظر تجول على القرية التي خرج منها منفّذو الهجمات، و”إيقاف الرفاهية” في السجون.

الشخص الذي يدّعي أنّه العقل الأمني في قائمته، عضو الكنيست (والمقدّم في الاحتياط) زفيكا فوغل، كان لديه فكرة أكثر ذكاء: وطالب في لقاء راديو “FM103 “. “هل لدينا طائرات؟ هل توجد صواريخ؟ هل توجد مدافع؟ هل يوجد دبابات؟ يجيب علينا استخدامها”.

يعلم نتنياهو أنّ الظروف أكثر تعقيداً وأنّ رؤساء الأجهزة الأمنية امتنعوا حتى الآن عن القيام بعملية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية، مدعياً أنّ الاعتقالات المتكررة وتحقيقات الشاباك المتعددة كافية للتعامل مع التهديد الذي نشأ.

لكنّه سيضطر إلى رمي شيء ما لشركائه، في الخلفية: التوترات المستمرة في المسجد الأقصى ونية بن غفير الواضحة لمواصلة اقتحام المجد الأقصى حتى بعد أداء اليمين الدستورية كوزير.

ما كان يغلي على نار خفيفة إلى متوسطة لمدة ثمانية أشهر، قد ينزلق إلى صراع أوسع، في ضوء مزيج جديد من الظروف: إضعاف سيطرة السلطة الفلسطينية، وازدهار الخلايا المسلحة المحلية في الميدان، و حكومة يمينية متميزة سيتم تشكيلها قريباً في “إسرائيل”.

قُتل حوالي 30 “إسرائيليا” وأكثر من 140 فلسطينياً في العمليات منذ بداية العام، في الضفة الغربية وفي “مناطق الخط الأخضر”. لقد رأينا حتى الآن نشاطاً لمنفّذي العمليات الفردية والمجموعات المحلية وعدد قليل من المنظمات ذات الطابع المؤسسي، مثل “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.

من أجل اعتبار ذلك انتفاضة، هناك حاجة إلى عنصر إضافي: مشاركة شعبية واسعة من الجانب الفلسطيني.
إنّ وضع القدس في الصورة، خاصة إذا كانت متورطة في عمليات “انتحارية”، قد يرجح كفتها بالميزان في المستقبل.

حادثة جنين الغريبة تدل على ضعف السلطة الفلسطينية

في غضون ذلك، وقع حادث غريب في الضفة الغربية، بدا وكأنّه سيناريو مرفوض من الموسم المقبل من مسلسل “فوضى”.
دخل شابان درزيّان من أهالي الكرمل منطقة جنين قبل أمس الثلاثاء، وتورّطا في حادث سير. وتمّ نقل أحد الجريحين بطائرة هليكوبتر إلى “إسرائيل” والآخر اختُطفت جثته.
دارت خلال الليل مفاوضات محمومة بين ممثلين عن “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة بشأن إعادة الجثة.

وقد تمّ نقلها بالفعل إلى سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر في الصباح الباكر، ولكن بعد ذلك عاد مسلحون مرة أخرى وخطفوها.

جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يزال غير متأكد تماماً ما إذا كان الشاب لا يزال على قيد الحياة عندما حدث ذلك (بن غفير، وهو أقل اهتماماً بتوضيح الحقائق، قد قام بالفعل وأعلن عن مقتله في الهجوم).

في غزة، “حماس” ترفض إعادة رُفات “جنديين إسرائيليين” قُتلا في قطاع غزة خلال عملية “الجرف الصامد”، وبحسب كل المسؤولين الأمنيين، لا فائدة من ذلك.

ويظهر الحادث مرة أخرى ضعف السلطة في جنين التي تسيطر عليها بالفعل التنظيمات المسلحة، لكن إذا لم يكن هناك حل سريع لإساءة معاملة عائلة الشاب، فمن المحتمل أن نشهد تصعيداً آخر في شمال الضفة الغربية، والذي لن يتمحور هذه المرة حول حياة الإنسان، بل على جثمان الشاب الذي أُصيب في الحادث.

*المصدر: الهدهد.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,