“التحديات الجيوسياسية التي تواجه الغاز في شرق المتوسط” في ندوة حوارية لمؤسسة الدراسات الفلسطينية
ديسمبر 3, 2022 3:28 م*وفيق هوّاري – صمود:
نظّمت مؤسسة الدراسات الفلسطينية ندوة حول الغاز في شرق المتوسط تحت عنوان: “الاحتياطات والتحديات الجيوسياسية” وذلك من الساعة التاسعة وحتى الثانية بعد ظهر الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2022، في قاعة “الكلمة الرمز… فلسطين” في مركز المؤسسة في بيروت.
وعُقدت الندوة على مدى خمس ساعات في جلستين، ترأس الجلسة الأولى رئيس مجلس الأمناء في المؤسسة د. طارق متري وترأس الجلسة الثانية د. حسن الشريف.
تحدّث في الجلسة الأولى بيتر ستيفنسون (عبر الزووم)، د. وليد خدوري، وأنطوان شلحت (عبر الزووم).
وفي الجلسة الثانية، تحدّث كل من: العميد الركن خالد حمادة، د. عبد الرحمن التميمي (عبر الزووم) ود. كارول نخلة (عبر الزووم).
بداية، رحب د. طارق متري بالحضور، مشيراً إلى أهمية انعقاد هذه الندوة التي تأتي في سياق اهتمام المؤسسة بالصراع العربي – الإسرائيلي، خصوصاً أنّها تتناول موضوع الغاز في غزة، وأنّ هذه الندوة هي محاولة لدراسة التأثيرات الجيوسياسية على مسألة النفط والغاز، وتأثير الطاقة على العلاقات السياسية.
ثم تحدّث بيتر ستيفنسون عن الإكتشافات، الإحتياطي، الإنتاج والتصدير للغاز وهو رئيس تحرير غاز شرق المتوسط في نشرة MEES فقال: “نشرت الولايات المتحدة الأمريكية معلومات حول إمكانات حوض غاز شرق المتوسط عام 2010، تقول المعلومات إنّ هناك نحو 1220 تريليون قدم مكعب من الغاز وهي كمية كبيرة واكتشافها يشكّل تحدياً جيوسياسيا. وكشفت أنّ في مصر نحو 20000 مليار متر مكعب من الغاز، وأنّها صدّرت 65% من الطاقة التصديرية وبقي 7000 مليار فائض لديها.
أما “إسرائيل” فاكتشفت نهاية 2021، 921 مليار متر مكعب، والقسم الأساس للسوق المحلي، وصدّرت كمية منها إلى الأردن”.
وأشار ستيفنسون إلى أنّ تركيا، سوريا، قبرص، فلسطين ولبنان بدون إنتاج حتى اللحظة. وأضاف: “إنّ “إسرائيل” وبعد تشغيل “كاريش” ستزود السوق المحلي، ومصر بحاجة لاكتشاف حقول جديدة، مع تزايد الطلب الداخلي، و”إسرائيل” ملتزمة بتزويد الأردن ومصر، وكي تصدّر إلى أوروبا بحاجة إلى شبكة أنابيب جديدة، ومعظم الشركات ليست مستعدة للاستثمار الآن”.
أما عن لبنان بعد الترسيم، فقد رأى أنّ لبنان بحاجة إلى عقد من الزمن، خصوصاً في ظل عدم وجود بنية تحتية للغاز، بالإضافة إلى الفساد المستشري، لذلك يجد البعض أنّ الحل بتصدير الغاز مباشرة. وكذلك الوضع في غزة إذ عليها الانتظار وقتاً طويلاً قبل الحصول على الغاز.
وأشار إلى أهم المعوقات وهي نقص القدرة التصديرية، وهذا ما تحاول “إسرائيل” حلّه مع قبرص، وأنّ أحد الحلول الممكنة هو توسيع شبكات الاستقبال في محطات الضغط والضخ في مصر واستخدام الخطوط النفطية، وربما تحتاج إلى شبكة أنابيب جديدة، لكنّها مكلفة. واستنتج ستيفنسون أنّ على الدول التغاضي عن المشكلات السياسية للوصول إلى حل اقتصادي.
تأثير الطاقة على التبدّل المناخي
تلاه د. وليد خدوري، وهو كاتب عراقي متخصص في أمور النفط، الذي بدأ حديثه عن التغيّر المناخي وأنّ لا حل له بدون تعاون عالمي، وأنّ الحرب الروسية – الأوكرانية تؤخر هذا التعاون.
وأضاف: “يدور الحديث عن تحوّل باستخدام الطاقة، ولكن ما زلنا نستخدم 85% لإنتاج الطاقة من النفط والغاز وننتج 5% من الرياح وأشعة الشمس، هل نستطيع تعديل ذلك؟ ما زال العالم يعتمد على النفط والغاز بشكل رئيسي. ويُقال أنّه في العام 2045 سيصبح الاعتماد بنسبة 80% على النفط والغاز و6.5% على الطاقة البديلة. أي أنّنا عام 2050 لن نستطيع الاستغناء عن الغاز كما يتوهم البعض”.
وحول موضوع الغاز أشار خدوري إلى أنّ معظم دول المنطقة تعتمد على الغاز للاستخدام الداخلي، وأنّ مصر بحاجة إلى اكتشاف حقول جديدة، وأنّها استعجلت بالتصدير ولم تأخذ بعين الاعتبار حاجة البلد من الغاز. أما لبنان فهو بحاجة للغاز داخلياً قبل التفكير بالتصدير خاصة أنّه سيواجه مشكلة التصدير عبر سوريا.
وتطرّق خدوري إلى مشكلة تواجه روسيا التي كانت تصدّر ما قيمته مليار دولار يوميا، وهذا توقف بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، فكيف ستعوّض روسيا عن ذلك؟، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ارتفع الإنتاج من 2 مليون برميل من النفط يومياً إلى 11 مليون برميل، ودخل إلى السوق الروسي عدد من الشركات الدولية، الآن انسحبت الشركات من روسيا، فمن يعوض عليها؟.
وخُتمت الجلسة الأولى مع أنطوان شلحت الذي تحدّث عن الجيوستراتيجيا في سياسة الغاز الإسرائيلية، فقال: “شهدت سياسة “إسرائيل” مع الغاز تطوراً كبيرا، في العام 2012 كانت تستورد الغاز من مصر، بعد اكتشاف حقلي تمار ولافيتا عام 2013 ركزت على أهمية استخراجها. وفي العام 2016 بدأت “إسرائيل” تصدير الغاز إلى مصر وعام 2017 إلى الأردن. والسلطة الفلسطينية تستورد الغاز من تمار لتوليد الكهرباء”.
وأضاف: “عام 2010 وفي معهد الأمن القومي في “تل أبيب” قال علماس بلعاد: “إنّ مشروع الغاز الطبيعي مهم جداً في السياسة الإسرائيلية، فهو يعني علاقة مستقرة ومتقاربة مع مصر، وتُحوّل أوروبا إلى سوق عادي، لكن له طرف سلبي يتعلق بمحور إيران – سوريا – حزب الله، لأنّ هذا المحور له مصلحة بالغاز، واكتشافه بركة مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وهو لعنة مع الآخرين”. وبرأيه، فإنّ المنطقة تشهد دوراً مهما لـ”إسرائيل” عبر تصدير الطاقة واتفاقات التطبيع.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أشار شلحت إلى قيام تحالف شرق المتوسط كسوق إقليمي للغاز عام 2019، وفي أيلول/سبتمبر 2020 نشأ تحالف اقتصادي بين: مصر، الأردن، “إسرائيل”، يونان، قبرص وإيطاليا لتصدير الغاز إلى أوروبا. كما سعت “إسرائيل” لشراء 90% من أسهم شركة بريطانية لتهيمن على حصة كبيرة من غاز مصر.
ورأى شلحت أنّ تركيا تسعى للتقارب مع “إسرائيل” للضغط على قبرص واليونان كي لا يحاصرا تركيا عبر استخراج الغاز.
وأضاف: “وعليه، فإنّ الغاز الطبيعي عامل رئيس في السياسة الإسرائيلية، لأنّه يعزز دورها الاقتصادي والسياسي، وتكون عضواً أساسياً في منتدى غاز شرق المتوسط. ومن خلال الاتفاقيات، تمسك بمصر والأردن وتفتح المجال للتعاون مع بلدان أخرى وتساهم في تحجيم الدور التركي. أما بخصوص الترسيم مع لبنان فإنّه لمصلحة “إسرائيل” سياسياً واقتصاديا”.
الجلسة الثانية: ترسيم الحدود البحرية في لبنان، مسارات في الأمن والاقتصاد والسياسة
ترأس الجلسة الثانية عضو مجلس الأمناء في مؤسسة الدراسات الفلسطينية الدكتور حسن الشريف، الذي أكد على أهمية موضوع الغاز في المنطقة وضرورة متابعته، وأعطى الكلام للعميد الركن خالد حمادة الذي ركز في مداخلته على الترسيم الذي حصل بين لبنان و”إسرائيل” منوهاً بأنّ الترسيم حدد الخط 23 بصفته حدود لبنان العقارية. وأشار إلى الثغرات القانونية بالقول: “لبنان أول بلد يرسم حدوده بعيداً عن البر، ولم يستفد من الحدود التي اتفق عليها عام 1923، ولا من اتفاقية الهدنة 1949، ولم يعد رأس الناقورة منطقة محسومة للبنان، ومن يقرأ نص الترسيم يجد أنّه لا يحقّ لأحد التنقيب في حقل قانا إلا بعد حصول التسوية حول البلوك رقم 9”.
وأضاف: “هناك خرق دستوري، توقيع رئيس الجمهورية لا يكفي، يحتاج الاتفاق إلى موافقة المؤسسات الدستورية، وتنازلنا عن رأس الناقورة”.
وأشار العميد خالد حمادة إلى منتدى غاز شرق المتوسط الذي تتزعمه مصر، لكنّ “إسرائيل” تلعب الدور الرئيس فيه. مما يعطيها موقع القوة الإقليمية لاستقرار الطاقة، ولن تكون مرفوضة من القوى الأخرى، بالتناغم مع “اتفاقات أبراهام”.
وختم حمادة بالتساؤل عن موقف لبنان، إذا ما كان يدرك مخاطر الانعزال، هل يسير إلى الانهيار الكبير، هل يدرك حجم الفساد، وهل سيبقى دولة نفطية مع وقف التنفيذ؟؟.
ونوّه عبد الرحمن التميمي، بأنّ ما يجري في مجال النفط والغاز هو البحث عن دور جديد ومهمة جديدة لـ”إسرائيل” والتي تسعى إلى تحالفات على أسس اقتصادية وسياسية جديدة. وخصوصاً أنّ اكتشاف الغاز في مناطق جديدة يخلق تنافس جيواستراتيجي بين بلدان وقوى مختلفة، وأنّ ما يُطرح حالياً هو شرق أوسط جديد تشكل “إسرائيل” جزءاً منه، وما زالت صفقة القرن مستمرة باتجاه إنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي وإقامة التطبيع والتعاون الاقتصادي في مختلف المجالات وليس الغاز فحسب.
وتناول التميمي موضوع حوض “غزة مارين” ومشكلة تكتم السلطة الفلسطينية حوله ما يثير أسئلة عدة: لماذا لا يتحدثون عنه؟، ما هي حصة فلسطين؟، ما هي الضمانات للحصول على الغاز؟ وما هو دور مصر في ذلك؟، ليستنتجَ أنّ منتدى شرق المتوسط سيكون ميدان صراع إقليمي ودولي.
وخُتمت الجلسة الثانية بمداخلة من د. كارول نخلة التي بدأت بالتساؤل حول مستقبل الغاز وكيف حوّلت الحرب الروسية – الأوكرانية عدداً من الدول إلى دول مديونة وتأثير ذلك على السياسات، فالغاز بحاجة إلى استثمارات على مدى طويل، وهذا غير موجود والوضع في لبنان غير مشجع، “نتحدث عن الغاز ونتجادل على التنقيب بدون جدوى، الصورة غير واضحة للمستقبل والعالم ما زال يستخدم النفط والغاز لإنتاج الطاقة، ونحن لا نعرف ماذا نفعل”.
وختم الندوة مدير عام مؤسسة الدراسات الفلسطينية خالد فراج مؤكداً على أهميتها وأنّ الغاز صار في صلب الصراع العربي – الإسرائيلي.
وسوم :
أطماع "إسرائيل", استخدام الطاقة, الاحتياطات, الاحلال الصهيوني, التبدّل المناخي, التحديات, الحرب الروسية - الأوكرانية, الخطوط النفطية, الغاز الطبيعي, النفط والغاز, بيروت, ترسيم الحدود البحرية, شبكة أنابيب الغاز, صمود, غاز المتوسط, غاز فلسطين, فلسطين المحتلة, مؤسة الدراسات الفلسطينية, محطات الضخ, منتدى غاز شرق المتوسط, وفيق هوّاري