الاحتلال للمقدسيين: “مركز حياتكم” ليس هنا

التصنيفات : |
ديسمبر 20, 2022 9:54 ص

*وسام عبد الله

أعلنت سلطات الاحتلال الاسرائيلي عن ترحيل الأسير الفلسطيني الحقوقي صلاح الحموري إلى فرنسا، وسلب 13 ألف فلسطينياً حقّ الإقامة في القدس، وهو ما يُعتبر جزءاً من جوهر سياسة الاحتلال بتفريغ المدينة من أبنائها لتبقى غلبة سكانها من المستوطنين، ولتغلقَ قوات الاحتلال مدينة القدس بوجههم، بالتهجير والقتل وهدم المنازل.

سياسة إلغاء التأشيرات

أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أمس الإثنين، عن رفض وزارة الداخلية الإسرئيلية منح إقامة لـ13 ألف مقدسي منذ عام 1995 حتى يومنا هذا، لتمنعهم من الإقامة في القدس وتجبرهم على الرحيل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، أو دفعهم على الهجرة القسرية والطرد خارج فلسطين كما حصل مع المحامي صالح الحموري الذي يحمل الجنسية الفرنسية، ، بعد 9 أشهر من اعتقاله إداريا، وهو ما يطرح تساؤلاً عن حال الفلسطينيين الذين لا يحملون جنسية آخرى فما يكون حالهم؟.

المتابع للقضية الفلسطينية يعتقد أنّ معنى تهجير الفلسطينيين من أرضهم يرتبط فقط بالقتل وهدم القرى والأبنية، أو ربما، هو انتهى منذ نكبة 48، ونكسة 67 -كونها الأكثر وضوحاً وعلى العلن- لكن بعيداً عن المعارك العسكرية تتبع سلطات الاحتلال سياسة التهجير تحت عباءة القانون، وتمنح الحقّ لنفسها، في طرد أبناء القدس من ممتلكاتهم وتسليمها للإسرائيليين. كيف يتمّ ذلك؟.

مرّت سياسة إلغاء التأشيرات للفلسطينيين بعدة مراحل، بداية كانت سنة 1967 حيث أعلنت سلطات الاحتلال أنّ الفلسطيني يفقد حقّه بالإقامة الدائمة في القدس إذا أقام خارج “القدس الشرقية” لمدة سبع سنوات، أو نتيجة حصوله على إقامة أو جنسية دولة أخرى، تليها مرحلة ما بعد عام 1995 حيث يُحرم حتى لو أقام مدة تقل عن سبع سنوات، أو أقام في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيُعتبر مقيماً بالخارج، ويُعرف بتغيير “مركز الحياة “، وهو ما نرى نتائجه هذه الأيام. والمرحلة الأخيرة كانت بعد سنة 2006 حيث امتلك وزير الداخلية حقّ إلغاء الإقامات بناء على معيار “خرق الولاء”.

الوثائق هي أداة إثبات أنّ القدس “مركز الحياة ” الفعلي للفلسطيني، لذا تنفّذ قوات الاحتلال حملات تفتيش مستمرة ومداهمة للمنازل للتأكد من صحة المعلومات عن مكان السكن، ورغم ذلك، تُعتبر هذه القوانين متبدلة وليست ثابتة نظراً للثغرات والتبريرات في النصوص التي تُصدرها المؤسسات الرسمية الإسرائيلية.

سياسة إلغاء التأشيرات بدأت منذ عام 1967، حيث أصدرت الحكومة أمراً عسكرياً بفرض قانونها على الأراضي التابعة لبلدية الاحتلال في شرقي القدس، على الرغم من اعتبار “القدس الشرقية” أرضاً محتلة وخاضعة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وما تقوم بها سلطات الاحتلال من طرد الفلسطينيين من القدس يُعتبر انتهاكا للقوانين والمعاهدات الدولية. 

وثائق المقدسيين

يحمل أبناء القدس وثائق للسماح لهم بالدخول إلى مدينتهم وإثبات مكان سكنهم، ومنهم من يحمل جواز سفر أردني مؤقت، فحمل سكان المدينة الجنسية الأردنية في مرحلة سلطة الأردن على القدس قبل احتلال المدينة سنة 1967، وإعلان ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، فك الارتباط مع الضفة الغربية وسحب الجنسية منهم، حيث مُنحوا جواز سفر مؤقت وبطاقة خضراء. بعد النكسة وضم “إسرائيل” لمناطق إضافية تحت سلطة بلدية القدس، أصبح القانون الإسرائيلي يُطبَّق عليهم وأُطلقت صفة “المقيم في دولة إسرائيل” على من يحمل “البطاقة الزرقاء” التي تُعتبر هوية مقيم وليس مواطن.

فالوثائق هي أداة إثبات أنّ القدس “مركز الحياة ” الفعلي للفلسطيني، لذا تنفّذ قوات الاحتلال حملات تفتيش مستمرة ومداهمة للمنازل للتأكد من صحة المعلومات عن مكان السكن، ورغم ذلك، تُعتبر هذه القوانين متبدلة وليست ثابتة نظراً للثغرات والتبريرات في النصوص التي تُصدرها المؤسسات الرسمية الإسرائيلية.

جريمة ضد الإنسانية

يُعرّف القانون الدولي عملية التهجير القسري بأنّها “ممارسة ممنهجة تنفّذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراضٍ معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلاً عنها”،  فما يحدث في القدس لا ينضوي تحت مُسمى وثائق رسمية روتينية، إنّما يصل إلى وصفه بـ”جريمة حرب”، حيث تنص المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على معايير محددة تُعتبر أفعالها “جريمة ضد الإنسانية”، ومنها الترحيل القسري.. حين يُرحّل أو يُنقل قسراً شخص أو أكثر إلى دولة أخرى أو مكان آخر بالطرد أو بأي فعل قسري آخر لأسباب لا يعرّفها القانون الدولي، وأن يكونوا موجودين بصفة مشروعة في المنطقة التي أُبعدوا وطُردوا منها.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,