مبادرة تتحوّل إلى ظاهرة في عين الحلوة.. “العلم لا حدود له”
فبراير 9, 2023 6:50 ص*وفيق هوّاري – صمود:
لفتت الانتباه مبادرة أقدمت عليها إحدى الجمعيات الناشطة في مخيّم عين الحلوة، وهي تنظيم دورات تعليم اللغة الإنجليزية لسيدات فلسطينيات توقّفن عن الدراسة منذ فترة طويلة.
تقول أمينة سر جمعية “زيتونة” رشا الميعاري: “تهدف هذه المبادرة -التي أصبحت مشروعا- إلى تنظيم دورات لتعلُّم اللغة الإنجليزية من خلال تمكين النساء من أساسيات اللغة، القواعد، طريقة اللفظ واستخدام حاسة السمع لمعرفة المطلوب”.
لكن يبقى السؤال الأهم: لماذا ترغب نساء في أعمار متقدمة، بتعلُّم لغة أجنبية؟.
تجيب الميعاري: “إنّ معظم النساء لم يكملن الدراسة الأكاديمية، وهناك من لا يعرف لغة أجنبية أصلا، وعليهن مواكبة أولادهن بالدروس اليومية، خصوصاً أنّ مستوى التعليم خلال الفترة الماضية قد تدنّى كثيرا، وصار لزاماً على الأهل الاستعانة بمدرّسين خصوصيين، واليوم، وبسبب الوضع الاقتصادي لم يعد بمقدور العائلات دفع بدل أتعاب الدروس الخصوصية”.
وتوضح الميعاري أنّ مدة الدورة ثلاثة أشهر، وقد انتسبت إلى الدورة الأخيرة نحو عشرين سيدة، لديهن أولاد، “والآن ستكرر الجمعية التجربة بناء على طلب النساء اللواتي يسكنّ في أحياء مختلفة من مخيّم عين الحلوة وهذا ما ساعد على بناء علاقة صداقة بين المشاركات”.
أما المعوقات التي تواجه سير الدورة التعليمية، فتحصرها الميعاري باثنين: “المعوق الأول هو التفاوت الواضح بين مستويات المشاركات، والمعوق الثاني هو عدم الانضباط في الوقت من عدد من المشاركات بسبب الالتزامات العائلية”.
نُحبّ الحياة
تقول إحدى المشاركات، نسمة حليحل (٣٢ عاما): “يبلغ عمر ابني تسعة أعوام، هو في الصف الرابع، وأنا شاركت في الدورة لاساعده في دروسه اليومية، وفي الوقت نفسه أعمل على تطوير نفسي، وأتعلم سلوكيات جديدة تساعدني في مفاصل الحياة.. أشعر أنّني ناشطة واحب أن أشارك في الشأن العام”.
تركت غادة فانو (٣٩عاما) المدرسة منذ ٢٢ عاماً وكانت في الصف التاسع، وهي الآن ربة منزل ولديها أربعة أولاد، تشارك اليوم في الدورة “كي أستعيد معرفتي باللغة الإنجليزية، وأساعد أولادي في دروسهم، لأنّنا لا نملك إمكانية الاستعانة بمعلم خصوصي، لم أعمل في حياتي منذ زواجي، والآن أريد أن أعرف أكثر”.
ولصونيا ميري (٣٧ عاما) مبرر آخر لالتحاقها بالدورة، وهي ربة منزل وأم لأربع بنات، تقول: “أشعر بفراغ، أنا خريجة معهد سبلين، أعرف أنّ المناهج التعليمية قد تغيرت، وصارت معرفة اللغة الإنجليزية ضرورية، فأنا أستفيد وأُفيد بناتي”.
أما إبتسام أيوب (٣٥ عاما) فتحكي ظروفها: “تركت المدرسة في الصف الثامن، لدي ولدان، وعلي تدريسهما، لذلك من الضروري أن أتعلم الإنجليزية”.
وتحب هند القط (٤٥ عاما) اللغة الإنجليزية، وتشرح: “تركت المدرسة عندما كنت في الصف التاسع، والآن ندرس الإنجليزية بطريقة مختلفة، وأقضي الوقت بتدريس ابني الصغير، وأتمنى لو أستطيع إكمال دراستي”.
وتستعيد أمل حنفي (٤٣ عاما) ذكرياتها المدرسية من خلال هذه الدورة، “وفي الوقت نفسه أفيد ابني الصغير وأساعده في دروسه”.
وتُعيد سلفانا مدورية (٥٠ عاما) سبب المشاركة إلى رغبتها في عدم البقاء في المنزل، “إنّ متابعتي للدورة تفتح الباب لي للمشاركة في الشأن العام لأنّنا لا نتعلم اللغة فقط بل أيضاً بعض السلوكيات الاجتماعية”.
وتلفت النظر مشاركة زهرة يوسف عويد (٦٠ عاما) التي عبّرت عن هدفها من تعلم الإنجليزية بـ”مساعدة أحفادي في دراستهم، كما أنّني أتعلم كيف أقرأ ما يقع تحت يدي من أوراق أو كتب، وإذا فُسح لي المجال فسألتحق بدورة ثانية”.
وتُبدي المعلّمة حنان سعادة سعادتها في العمل على تطوير أوضاع السيدات المشاركات، وتقول: “ألحظ اهتماماً كبيراً من جانب المشاركات، اللواتي يُظهرن تعاوناً كبيرا، أشعر بحبّهنّ للمعرفة، على الرغم من تباين الأهداف، البعض لمساعدة الأولاد، والبعض لغويات تتعلق بالهجرة والسفر، وهناك من يريد إثبات الذات أمام عائلاتهن”.
إنّها تجربة تُثبت أنّ التعلُّم لا حدود له ولا يرتبط بسن معينة بل هو تطوير للذات وحاجة إنسانية للمعرفة في مختلف مشارب الحياة.