الزلزال في مخيّم الرمل والأوجاع المشتتة

التصنيفات : |
فبراير 11, 2023 9:42 ص

*حمزة البشتاوي

ما كان ينقص أهالي مخيّم الرمل الفلسطيني وإخوتهم السوريين وهم ينتظرون ما يخفف عنهم  أهوال سنين الحرب، وتردّي الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات الأساسية، وانعدام البنى التحتية وانقطاع التيار الكهربائي والمياه والإتصالات وأزمة المواصلات، وتقصير “الأونروا” وباقي الجهات، حتى تُضاف لأوجاعهم كارثة الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 على مقياس ريختر، وأدى لسقوط عدد كبير من الضحايا من بينهم علا رنو وطفليها عيسى وإيلا.

وهم كانوا ينتظرون إتمام معاملة لمّ الشمل للسفر إلى ألمانيا حيث كان ينتظرهم الزوج والأب محمد أبو كف. ولكنّ أوجاع الغربة والموت تأبى إلا أن تلاحق الفلسطينيين من منفى إلى منفى ومن شتات إلى شتات.

وفي الحديث عن كارثة الزلزال الذي ضرب عدد من المحافظات السورية ومن بينها محافظة اللاذقية حيث يقع مخيّم الرمل للاجئين الفلسطينيين على شاطئها الجنوبي و تمّ انشاؤه في العام 1955 على مساحة تقدر بـ220 ألف متر مربع تقريباً ويسكنه حوالي ثمانية آلاف لاجئ فلسطيني غادر معظمهم منازلهم في المخيّم فور وقوع كارثة الزلزال الذي أدى لحظة حصوله إلى سقوط مبنييْن وهما بناية (الرنو) المؤلفة من أربعة طوابق وكل طابق شقتين وكذلك بناية (أم غادة) التي لم يمضِ على الإنتهاء من بنائها سوى بضعة أشهر، وهي بنفس حجم بناية الرنو.

وفي خوف وهلع شديدين وبطقس عاصف وبارد وتكبيرات ملأت شارع المخيّم وأزقته، توجه الأهالي نحو أماكن أكثر أمناً كالمساجد والمدارس الحكومية ومدارس “الأونروا” والأندية الرياضية وملاعبها وقاعاتها، وما زال حتى اليوم بعض الأهالي خارج منازلهم المصابة بتصدعات شديدة، وخاصة حوالي ثلاثين عائلة باتت منازلها مهددة بالسقوط.

بالإضافة لما خلّفه الزلزال من حالة نفسية صعبة وشيوع أخبار تدبّ فيهم الكثير من الرعب.

يتحدث أهالي مخيّم الرمل بحسرة عن الزلزال وتداعياته دون أن ينسوا لحظة واحدة، بأنّ الزلزال الصهيوني الذي أخرجهم من بلادهم هو الزلزال الأخطر الذي تتعرض له المنطقة منذ العام 1948. ولا زالت تداعياته وهزاته الإرتدادية تتوالى في فلسطين وجميع دول المنطقة منذ النكبة وأوجاعها حتى الآن.

ومنذ لحظة وقوع كارثة الزلزال حمّل أهالي المخيّم وكالة الأونروا المسؤولية عن تردّي أوضاعهم وتقصيرها الفادح وعدم تقديمها ما يكفي من الخدمات اللازمة والضرورية على المستوى الإغاثي في ظل الإحتياجات المتزايدة لهم على الصعيد الغذائي والصحي والنفسي وغيابها عن جهود الإغاثة الأولية في المخيّم والتي بدأت من خلال تحرك شباب المخيّم بشكل فوري للقيام بأعمال الإنقاذ وتقديم المساعدات، ومن ثم تضافرت جهودهم مع الهلال الأحمر الفلسطيني والجهات الحكومية وجيش التحرير الفلسطيني، إضافة لدور مغتربي المخيّم في مساعدة أهاليهم، الذين يعانون كأشقائهم السوريين بسبب الحصار الجائر المفروض على سوريا وشعبها والمقيمين فيها على حد سواء، وخاصة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا الذين سقط من بينهم عدد من الضحايا في كارثة الزلزال، ومنهم خمسة أفراد من عائلة فلسطينية واحدة في مدينة جبلة وثلاثة أطفال من مخيّم النيرب في مدينة حلب.

وإذا كان من الصعوبة الإجابة على سؤال طفلة ناجية وجّهته للمنقذين بعد أن أخرجوها حية من تحت الركام عن أهلها الذين ماتوا، فإنّ السؤال المطروح اليوم من قِبل الأحياء الذين تركوا منازلهم بسبب الزلزال هو: ما مصير المنازل التي تهدمت والمنازل التي تصدعت؟، خاصة تلك القريبة من البحر ومعظمها بحالة إنشائية سيئة، وتعاني أصلاً من تآكل جدرانها بسبب الرطوبة العالية وضعف في أساساتها، مما يجعلها غير آمنة للسكن، وبالتالي نزوح جديد وربما طويل لعدد من أهالي المخيّم، الذين يتحدثون بحسرة عن الزلزال وتداعياته دون أن ينسوا لحظة واحدة، بأنّ الزلزال الصهيوني الذي أخرجهم من بلادهم هو الزلزال الأخطر الذي تتعرض له المنطقة منذ العام 1948. ولا زالت تداعياته وهزاته الإرتدادية تتوالى في فلسطين وجميع دول المنطقة منذ النكبة وأوجاعها حتى الآن.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,