ضحايا الزلزال من الفلسطينيين في مخيّمات الشمال السوري.. النكبة مستمرة

التصنيفات : |
فبراير 14, 2023 10:06 ص

*خاص – صمود:

لم يفرغ فلسطينو سوريا من لملمة جراحهم بعد عشرية سوداء عانوا فيها ما عانى إخوتهم السوريون من أوجاع وتهجير بفعل الإرهاب، حتى جاء الزلزال الذي ضرب سوريا في السادس من شباط/فبراير الجاري ليضيف لهم همّاً جديداً ويعيدهم إلى دوامة التهجير والبحث عن مأوى جديد.

الزلزال الذي نكب أربع محافظات سورية، كان للفلسطينيين منه نصيب في مخيّمات العائدين في الرمل الجنوبي باللاذقية ومخيّمي النيرب وحندرات في حلب من ارتقاء ضحايا وسقوط جرحى وتهجير آمنين من بيوتهم إلى غربة جديدة.

“صمود” رصدت على الأرض واقع المخيّمات الثلاثة من خلال التواصل مع الفعاليات والتنظيمات الفلسطينية، في التقرير التالي:

ضحايا مخيّم الرمل

أكد مسؤول إقليم اللاذقية في حركة الجهاد الإسلامي خالد غرير أبو سليمان، في تصريح خاص لـ”صمود” أنّ عدد الذين قضوا نتيجة الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا في مخيّم العائدين في الرمل الجنوبي باللاذقية بلغ سبعة وعشرين شخصا، أربعة فقط من الفلسطينيين والباقي من السوريين الذين يقطنون المخيّم، كما توفيت عائلة مكوّنة من ستة أشخاص في مدينة جبلة حيث تمّ نقل جثامينهم إلى المخيّم ليواروا الثرى، في حين تمّ انتشال 15 شخصاً أحياءً من تحت الأنقاض، موضحاً أنّه ليست هناك أرقام دقيقة عن عدد المهجّرين من المخيّم بفعل الزلزال ولكن يصل العدد تقديرياً إلى 1500 نسمة، مضيفا: “يضمّ المخيّم حوالي 700 كتلة سكنية وهو عدد كبير وبعد تعرّضه للزلزال المدمّر انهارت 3 مبانٍ وتضعضعت عشرات المباني بفعل الزلزال، كما لا يمكن إعطاء رقم دقيق عن المباني المهدّدة بالانهيار لأنّ لجنة الخبراء المشكلة من مجلس البلدية لا تزال تقوم بإحصاء الأضرار ومعاينة الأبنية والأمر يحتاج إلى وقت.

وبيّن أبو سليمان أنّه تم افتتاح أربعة مراكز إيواء، وهي مدرسة الخيرية ومدرسة رفعت دحو ومدرسة يوسف نداف وجامع فلسطين، حيث يتمّ تقديم المأوى والطعام والشراب للمتضرّرين من الزلزال من أهل الخير وبعض الجمعيات الخيرية، كما يتمّ تزويدهم بحليب أطفال وبطانيات، موضحاً أنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) قامت بتخصيص مساعدات على شكل وجبات طعام للمهجّرين، كما قامت سفارة دولة فلسطين بتقديم وجبات طعام ليوم واحد وتستمرّ الجهود الإنسانية من جمعيات وجهات مختلفة.

النيرب وحندرات أقلّ الأضرار

وفي حلب التي تضمّ مخيّمي النيرب وحندرات وبعد التواصل مع مسؤول في إحدى الفصائل الفلسطينية رفض الكشف عن اسمه، تحدّث عن واقع المخيّمين مبيّناً أنّه “لا يوجد أي أبنية تعرّضت للدمار الكلي أو الانهيار في مخيّم النيرب، حيث يوجد فقط مئذنة جامع القدس سقطت والحمد لله لا يوجد أضرار بشرية نتيجة سقوطها، كما يوجد حوالي سبعة أبنية تضرّرت أساساتها ويمكن أن تسقط بأي هزة قوية تضربها من جديد، وبالتالي هي بحاجة إلى تدعيم”، كاشفاً عن وجود لجنة خاصة للكشف على الأبنية تقوم بعملها خلال الأيام السابقة حتى اليوم.

وعن عدد الضحايا الذين ارتقوا خلال الزلزال، بيّن المسؤول الفلسطيني أنّه استُشهد في اليوم الأول طفلتان نتيجة هروبهما وسقوط جدار عليهما، كما استُشهد طفل أُصيب معهم في اليوم نفسه وكان في العناية المركزة، أما بخصوص أعداد الجرحى والمصابين فيوجد إصابات متفاوتة وطفيفة أخطرها لامرأة تعرّضت لكسر في الحوض وهي حالياً في مشفى الرازي.

أما في ما يتعلق بمراكز الإيواء في المخيّم، فقد أوضح المسؤول الفلسطيني أنّه ليس هناك مراكز إيواء بشكل رسمي، ولكن توجد صالة للسيد عدنان السيد استقبل فيها النازحين بشكل غير رسمي والمركز الثقافي أيضاً فيه بعض العائلات بشكل غير رسمي والمزارع المحيطة بالمخيّم، موضحاً أنّ أهالي المخيّم والمناطق المجاورة سعوا بشكل فردي لتأمين الاحتياجات الأساسية ضمن إمكاناتهم من لباس أو حرامات أو بطانيات أو حتى الطعام، وكاشفاً أنّه لا يوجد إلا الهلال الفلسطيني قدّم بشكل متواضع في اليوم الأول بعض الخيام مع بعض المدافئ والحرامات وباقي المبادرات كانت من فصائل المقاومة الفلسطينية، مبيّناً أنّه بعد اليوم الأول بدأت المساعدات بالوصول إلى مدينة حلب وجرى تقسيم المساعدات أو الجهات بشكل المربعات الجغرافية لكل فريق إنقاذ ومساعدات منطقة معينة بحلب، ولم يكن المخيّم حتى الآن ضمن المناطق التي خُصّصت بالمساعدات بشكل مباشر.

أما عن مخيّم حندرات في الشمال، فقد أوضح المسؤول الفلسطيني أنّه لم يكن هنالك ضرر كبير ولم تُسجّل إصابات بين القاطنين، لكن كانت هنالك حالة نزوح من المخيّم حيث التجأ الناس إلى أقاربهم وبعضهم سكن في مركز إيواء افتُتح في إحدى المدارس وهو مركز إيواء غير رسمي.

وبيّن المسؤول الفلسطيني أنّ مخيّم حندرات وعلى عكس باقي المناطق في حلب كان ملجأً للعائلات الهاربة من هول الزلزال، حيث وصل عدد العائلات النازحة باتجاه المخيّم حوالي 60 عائلة تقريباً من مختلف مناطق حلب، وهؤلاء بالأصل كانوا من مخيّم حندرات وقد هجروه نتيجة الأوضاع والحرب وسكنوا في المدينة، ونتيجة للزلزال عاد جزء منهم إلى المخيّم.

شهادات الناجين من مخيّم العائدين

رصدت “صمود” شهادات بعض الناجين من الزلزال من مخيّم العائدين في الرمل الجنوبي باللاذقية في المقابلات التالية:

فاطمة شحروري (إحدى سكان المخيّم): “عند حوالي الساعة الرابعة والثلث فجراً استيقظنا على اهتزاز قوي وصوت غريب مسموع من الأرض يشبه صوت المحرّكات الضخمة تبعه أصوات تكسير زجاج نوافذ وانهيار جدران أبنية وأصوات صرخات نساء وأطفال الحي، هنا طلبت من زوجي أن يخرجنا من المنزل إلى مكان آمن.. كانت الأرض تهتز بشدة وكنا نتوقّع انهيار البناء في أي لحظة… أخرجنا الأطفال دون سترات أو حتى أحذية وعند نزول الدرج سمعنا صوت تحطّم عنيف، وإذ بالبناء المقابل لنا قد انهار بالكامل وتوفّي فيه 19 من جيراننا. بعد إخلاء البناء، عدنا في الصباح الباكر لنأخذ بعض الملابس لنا وللأطفال ففوجئنا بأنّ البناء الذي نسكن فيه متصدّع وغير صالح للسكن، وأكدت لجنة الخبراء لنا أنّه لا بد من إزالة البناء… كل عفش بيتنا لا يزال في الداخل ولكنّ المختصين أوصونا بعدم المغامرة والدخول للبناء قبل التدعيم تمهيداً للإزالة. إنّها كارثة حقيقية ونحمد الله أنّنا نجونا”.

من جانبه، قال  محمد الزبن (أحد سكان المخيّم): “عدت إلى منزلي متأخراً تلك الليلة وقرّرت أن أبقى مستيقظاً إلى ما بعد صلاة الفجر لكي أصلي وأنام. شعرت بالزلزال فهرعت إلى زوجتي وأولادي لأجليهم إلى مكان آمن، نزلت معهم الدرج بسرعة وصرخت منادياً الجيران ليخلوا البناء وعندما وصلت إلى الباب قمت بفتحه فانهار البناء المقابل لنا وسقط على مدخل البناء وبفعل الضغط أُلقي بي إلى الخلف وملأ الغبار المكان… لثوانٍ ظننت أنّنا سنموت، نهضت مسرعاً لأطمئن على زوجتي والأولاد والتقيت بالجيران جميعاً على الدرج، توقّف الزلزال في تلك اللحظة وبدأنا عملية الإخلاء. ذهبنا إلى مركز للإيواء بعد أن كان لديّ شقتان في المبنى القديم، والآن ستتمّ إزالة المبنى الذي كنّا نسكنه بسبب التصدّعات وعشرات البيوت ضمن المخيّم كذلك لم تعُد صالحة للسكن. نسأل الله أن يرحم الموتى ويجيرنا في مصابنا”.

بدورها قالت ربا السعد (إحدى سكان المخيّم): “استيقظنا ليلاً على اهتزاز عنيف وصراخ نساء الحي، منزلي في الطابق الأرضي ومع ذلك وجدنا صعوبة في الخروج منه، كان الجو عاصفاً ودرجات الحرارة متدنية والمطر ينهمر بغزارة. بفعل الاهتزاز سقطت الأواني في المطبخ واللوحات الجدارية، استمرّ الزلزال نصف دقيقة لكنّني شعرت بأنّه استغرق وقتاً طويلاً جدا، اتصلت فور انتهاء الزلزال بجاراتي للاطمئنان عليهن ولا سيما أنّ بعض الأبنية انهارت ضمن المخيّم وبالفعل دعوت جيراننا للمكوث عندنا ريثما تتبيّن لنا الحالة العامة وسمعنا نبأ انهيار ثلاثة أبنية وأنّ السكان تحت الأنقاض، وبسرعة تطوّع الكثير من شبان الحي للمساعدة، ولكنّ الأمر لم يكن سهلاً فالطقس لا يساعد أبداً وإزالة الأنقاض تحتاج إلى معدات وآليات ثقيلة… تواصلت الجهات المعنية مع البلدية وبدأ العمل منذ الساعات الأولى في الإنقاذ، حيث تمّ إنقاذ 15 شخصاً من تحت الأنقاض وهم يعيشون حياتهم ويحملون ذكرى الزلزال في أذهانهم على مدار أيام عمرهم التي سيحيونها.. البناء الذي نسكنه لم يتضرّر ولكن العديد من الأبنية باتت بحاجة إلى تدعيم أو إزالة، الزلزال الآن هو حديث الجميع في مخيّمنا.. كابوس انتهى ولكنّنا لم نستيقظ منه بعد”.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , ,