قمة العقبة.. السلطة تفوّض “إسرائيل” بقتل الفلسطينيين

التصنيفات : |
فبراير 28, 2023 8:19 ص

*سنان حسن

ساعات معدودة كانت كفيلة بأن تجعل كل مقررات اجتماع العقبة الأمني في مهب الريح، فالمسؤولون الإسرائيليون بمن حضر الاجتماع، ومن لم يحضره، كانوا حريصين على التأكيد أنّ الكيان لن يتوقف عن إجرامه ووحشيته وأنّ كل ما صدر عنه لن يتمّ تطبيقه إسرائيليا، ولعل ما قاله رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي يؤكد ذلك: “خلافاً للتقارير المتعلقة باجتماع الأردن، لا تغيير في سياسات “إسرائيل”. خلال الشهور المقبلة ستسوّي “إسرائيل” 9 بؤر استيطانية، وستصادق على 9500 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية. ليس هناك أي تجميد في البناء”. في حين كان وزير الأمن  الداخلي  إيتمار بن غفير أكثر وضوحاً في رفضه كل مخرجات الاجتماع بالقول: “ما حدث في الأردن يبقى في الأردن”.. أما بنيامين نتنياهو فقال: “البناء الاستيطاني وتشريع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية سيتواصلان دون أي تغيير.”

هل باتت المكاسب والمصالح الشخصية أهم من فلسطين وما فيها؟

إذا، لماذا سلطة “أوسلو” متمسكة بهذه الحوارات والمفاوضات العبثية إذا كان العدو الصهيوني يريد منها صك براءة أو تفويض لقتل المزيد الفلسطينيين.. فهل باتت المكاسب والمصالح الشخصية أهم من فلسطين وما فيها؟.

خلال الفترة الماضية ومع وصول حكومة بنيامين نتنياهو النازية إلى الحكم والتصعيد الخطير الذي قاده بن غفير وسموتريتش وغيرهما من المسؤولين الإسرائيليين ضد الفلسطينين والذي كان آخره إقرار مشاريع قوانين في الكنيست الصهيوني منها تمرير قانون نزع الجنسية عن المعتقلين الفلسطينين أبناء الـ48 وعائلاتهم والمصادقة بالقراءة التمهيدية على إلغاء قانون فك الإرتباط، القانون الذي يهدف لشرعنة مستوطنة حومش تمهيداً لإعادة المستوطنات شمال الضفة الغربية والتي أزيلت بناء على قانون فك الإرتباط في عهد رئيس الوزراء حينها (2005) أرئيل شارون، إضافة لإعلان المتطرّف “بن غفير” سن قانون بإعدام منفّذي العمليات الفدائية وطلب “سموتريتش” بمصادرة أملاكهم أي منفّذي العمليات وتحويلها للمستوطنين. ولكن، كل هذا التهويل والاقتحامات والتنكيل الذي تمارسه قوات الاحتلال لم يمنع الفلسطينين من الاستمرار في تنفيذ عمليتاتهم المقاوِمة الواحدة تلو الأخرى والتي كان آخرها مقتل مستوطن في عملية أريحا أمس.

قدّمت سلطة “أوسلو” قائمة من الطلبات لتعود إلى ممارسة دورها في قمع المقاومة وملاحقة الشباب الفلسطيني الثائر

في ضوء هذا التصعيد الكبير من قِبل الحكومة الإسرائيلية، دخلت الولايات المتحدة على خط التهدئة ومحاولة استقطاب مصر والأردن من جديد لجر سلطة “أوسلو” إلى مزيد من التنازلات وإعادة الزخم إلى التنسيق الأمني لاحتواء عمليات المقاومة وإعادة الهدوء إلى مدن الضفة والقدس قبل بداية شهر رمضان الكريم، فقد أفضت المشاورات إلى عقد اجتماع العقبة الأمني حيث كانت المفاجأة فلسطينياً وبدلاً من طلب التهدئة من قوات الاحتلال لإيقاف عملياتها الإجرامية في مدن الضفة، قدّمت سلطة “أوسلو” قائمة من الطلبات لتعود إلى ممارسة دورها في قمع المقاومة وملاحقة الشباب الفلسطيني الثائر، حيث كشف الباحث الإسرائيلي يوني بن مناحيم أنّ مطالب السلطة الفلسطينية التي سيقدّمها حسين الشيخ وماجد فرج في قمة العقبة تتضمن إدخال أسلحة ومعدات لقوات الشرطة الفلسطينية في الضفة وتجنيد عشرة آلاف عنصر أمن جدد وتدريب خمسة آلاف من الموجودين، وإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع الجيش الإسرائيلي والولايات المتحدة بهدف منع دخول قوات الاحتلال إلى مناطق (A) تنوكأنّ الإسرائيلي لا يقتل الفلسطينين بدم بارد ولا ينكّل بهم حيث يظهر من قائمة مطالب السلطة وكأن الفلسطينين هم من يقود حرب الإبادة ضد الإسرائيليين، وأنّها كسلطة مُقصّرة بواجباتها والتزاماتها تجاه الصهاينة ويجب عليها حمايتهم. وعليه، فإنّ البيان الصادر عن قمة العقبة طالب بخفض التصعيد ومنع المزيد من العنف ولكن لم تمضِ سويعات على انتهاء الاجتماع حتى أقدم مستوطنون وبمؤازرة قوات الاحتلال على الاعتداء على أهالي نابلس والقرى المجاورة لها بعد عملية حاجز حوارة ومنعوا سيارات الإسعاف من نقل الجرحى الذين وصلوا إلى المئات بعد حرق عشرات البيوت وتحطيم مئات السيارات.. فهل ما جرى هو خفض سقف التصعيد؟.. بالتأكيد لا.

العدو الصهيوني مهما أعلن عن التزامات.. لن ينفّذها، لأنّ اللغة الوحيدة التي يفهمها هي لغة القوة

إنّ البيان الذي خرج به اجتماع العقبة وما تلاه من جريمة ارتُكبت بحقّ نابلس وأهلها يؤكد من جديد أن “إسرائيل” تريد من وراء كل هذه الاجتماعات واللقاءات أن تكون سلطة “أوسلو” اليد التي تلاحق بها المقاومين وتضربهم، أما الحديث عن التزام بحلول سياسية وغيرها من الالتزامات السابقة ليس إلا أوهام في عقول مسؤولي السلطة الفلسطينية ومن يشد على أيديهم.

لقد أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية قبل اجتماع العقبة وبعده أنّ المراهنة على المفاوضات العبثية هي إضاعة للوقت وهدر لحقوق الشعب الفلسطيني الذي يدرك أنّ حقوقه لا يمكن استرجاعها إلا بالقوة، فالعدو الصهيوني مهما أعلن عن التزامات.. لن ينفّذها، لأنّ اللغة الوحيدة التي يفهمها هي لغة القوة وما حصل في معركة سيف القدس خير دليل على ذلك.. لكن الواضح والمؤكد أنّ المصالح الشخصية للرئيس عباس وفريقه فوق كل اعتبار.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , ,