فلسطين أمام الخيارات الكبرى: تصعيد المقاومة وأزمة الكيان واحتمال الحرب
مارس 15, 2023 7:42 ص*قاسم قصير
تمرّ الأوضاع في المناطق الفلسطينية المحتلة وداخل الكيان الصهيوني وفي الإقليم عامة بمرحلة شديدة التغيير والتطور السريع مما يعني أنّنا اليوم أمام مرحلة الخيارات الكبرى في الصراع مع العدو الصهيوني، والمنطقة كلها تعيش في أجواء تصعيدية مفتوحة بشكل كبير أمام احتمال اندلاع حرب كبرى.
فما هي أبرز المعطيات والتطورات الحاصلة في فلسطين وداخل الكيان الصهيوني وعلى صعيد الإقليم بشكل عام؟، وما هي الاحتمالات المتوقعة للتطورات القادمة؟، وهل سنكون أمام حرب شاملة أو مجرد تصعيد عسكري وميداني بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة؟، أم أنّ خيار التسوية الشاملة يمنع هذا التصعيد؟.
بداية، يمكن تسجيل هذه المعطيات على صعيد التطورات داخل فلسطين والكيان الصهيوني وفي الإقليم:
أولا: هناك تصعيد كبير في الصراع داخل فلسطين المحتلة بين الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة من جهة وبين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين من جهة أخرى، وقد شهدنا في الأسابيع الماضية تطورات خطيرة تحصل للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، فالاشتباكات العسكرية بين المقاومين والجيش الاسرائيلي تتمدد إلى كل المناطق والمخيّمات والمدن في القدس والضفة الغربية المحتلة وصولاً إلى داخل الكيان الصهيوني، وهناك تشكيلات فلسطينية مقاومة جديدة دخلت إلى ساحة الصراع، وكذلك ثمة تطور كبير في حجم العمليات ونوعيتها وقدرة المقاومين على الوصول إلى عمق الكيان الصهيوني، وبالمقابل نشهد تصعيداً من قِبل الجيش الاسرائيلي والمستوطنين وحجماً كبيراً في عدد الشهداء، إضافة للتطور الخطير في بلدة حوارة حيث نفّذ المستوطنون الصهاينة تحت نظر الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية أخطر هجوم على الشعب الفلسطيني من خلال عملية إحراق كاملة للمنازل والسيارات والبيوت، ويضاف لذلك التوتر المستمر بين قطاع غزة والكيان الصهيوني، مما يعني أنّنا أمام تصعيد عسكري وميداني كبير مفتوح على كل الاحتمالات.
ثانيا: التطورات التي يشهدها الكيان الصهيوني من صراعات داخلية على خلفية تغيير قوانين القضاء والصراع بين العلمانيين والمتدينين وتصاعد دور الأحزاب الدينية المتشددة وانعكاس ذلك على الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية، ورغم كل المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لتخفيف الصراعات وتأثيراتها فإنّها تتصاعد سواء على المستوى السياسي أو الشعبي، حيث نشهد تظاهرات تضم مئات الآلاف المعارضة لسياسات الحكومة الإسرائيلية وقد نجحت في إقفال طريق المطار لمنع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من السفر، كما منعت وزير الدفاع الأمريكي الذي كان يزور الكيان الصهيوني من الوصول إلى “تل أبيب”. وإزاء كل ذلك تكثر التحليلات والدراسات الإسرائيلية عن المأزق الوجودي للكيان الصهيوني وما يُسمى الخراب الثالث وأنّ نهاية هذا الكيان أصبحت وشيكة.
ثالثا: التصعيد الكبير في الإقليم، حيث يستمر الجيش الإسرائيلي في تنفيذ العمليات العسكرية في سوريا والعراق ويستهدف مطار حلب ودمشق وبعض النقاط الحدودية السورية – العراقية وصولاً إلى تنفيذ عمليات أمنية في داخل إيران، وفي المقابل هناك معلومات عن إمكانية حصول عملية إسرائيلية عسكرية كبرى تستهدف إيران وحلفاءها في المنطقة وأنّ هذه العملية تحظى بموافقة أمريكية.
وفي مواجهة التصعيد الإسرائيلي – الأمريكي هناك تصعيد في مواقف القادة الإيرانيين وقادة المقاومة وخصوصاً أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي تحدّث في لقاء خاص مع عدد كبير من الشخصيات العربية والإسلامية، عن التحضير لمعركة فلسطين الكبرى وعن استعداد محور المقاومة لخوض هذه المعركة.
رابعا: نشهد في الإقليم تغيرات سياسية مهمة ومنها عودة العلاقات الإيرانية – السعودية وعودة حركة حماس إلى دمشق وتحسن العلاقات العربية – السورية والعلاقات السورية – التركية، مما يعني أنّنا أمام متغيرات غير تقليدية في كل دول الإقليم.
والسؤال المركزي والهام: إلى أين ستؤدي كل هذه التطورات والأحداث؟ وهل سنكون أمام معكرة كبرى أو حرب شاملة؟ أم أنّ التصعيد العسكري سيستمر على كل الجبهات دون الوصول إلى حرب شاملة؟.
المتابعون للأوضاع في فلسطين المحتلة وداخل الكيان الصهيوني وفي دول الإقليم يؤكدون أنّنا أمام تغيرات غير تقليدية وأنّ كل الاحتمالات واردة، فالأوضاع داخل فلسطين مفتوحة على كل الاحتمالات وخيار المقاومة يتقدّم على كل الخيارات، والأوضاع داخل الكيان الصهيوني تتغير بسرعة كبيرة والأزمات تزداد، والتطورات في المنطقة تتسارع.. لذا، فإنّ خيار التصعيد الشامل أو الحرب المفتوحة موضوع على الطاولة ولا شيء مستبعد وعلينا أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات، إلا في حال حصول تسوية كبرى تُغيّر مسار الأمور مجدداً وتُعيد الهدوء إلى المنطقة.
*كاتب لبناني
وسوم :
إيران, الحرب المفتوحة, الخراب الثالث, السعودية, الشعب الفلسطيني, الكيان الصهيوني, المقاومة الفلسطينية, تسوية, تصعيد, حرب إقليمية, حزب الله, حوارة, سوريا, سياسة, صمود, عمليات أمنية, فلسطين المحتلة, قاسم قصير, قطاع غزة, محور المقاومة, معركة فلسطين