الفلسطينيون وتصحيح خطأ تاريخي

التصنيفات : |
مارس 22, 2023 6:48 ص

*سنان حسن

خلال زيارة البروفيسور الروسي فيتالي نعومكن* إلى سوريا، ولقائه ممثّلي فصائل العمل الفلسطيني، سأل ممثّل إحدى فصائل المقاومة “إذا كانت روسيا تقوم بحرب من أجل تصحيح خطأ تاريخي ارتكبه ميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين واستعادة أجزاء من أراضيها التاريخية، وهنا ألا يحقّ للفلسطينيين بأن يصحّحوا خطأ تاريخياً ارتكبته مجموعة فلسطينية في ظل ظروف دولية وعربية غير مسبوقة وألا يعترفوا بـ”أوسلو” ولا بمخرجاته ويطالبوا بكل فلسطين من البحر إلى النهر؟”، فردّ نعومكن بأنّ “روسيا تدعم قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”.

والسؤال هنا: لماذا يحقّ للدول الكبرى أن تطالب بحقوقها وأراضيها وشنّ حروب لتحقيق ذلك؟، أما الفلسطينيون فممنوع عليهم استعادة أرضهم التاريخية التي لم تكن يوماً من الأيام أرضاً للصهاينة ومرتزقتهم؟، ولماذا الشرعية الدولية تقف أمام حقوق الفلسطينيين وأرضهم وتمنعهم من استعادتها؟.

شكّل توقيع اتفاق أوسلو في 13 أيلول/سبتمبر ‏1993‏ الذي جاء نتيجة ظروف دولية غير مسبوقة من انهيار المعسكر الاشتراكي الذي كان يقوده الاتحاد السوفياتي، وتزعّم الولايات المتحدة الأمريكية للعالم كقطب أوحد، وفي ظل وهن عربي غير مسبوق بعد حرب الخليج الأولى وتبعاتها على الأمن القومي العربي، وحصار طويل على منظمة التحرير الفلسطينية نفسها لتقديم تنازلات، شكّل نقطة تحوّل كبرى في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إذ شطب الاتفاق -الذي وقّعه ممثّلو منظمة التحرير- الكفاح المسلح، ورضي فيه الفلسطينيون بـ22% من أراضي فلسطين مقابل 78% لـ”إسرائيل” وإقامة حكم ذاتي وليس دولة مستقلة، في المقابل أعطى الاتفاق صك براءة للاحتلال الإسرائيلي عن كل الجرائم التي ارتكبها بحقّ فلسطين وشعبها وأرضها وحضارتها وما زال.

لماذا يحقّ للدول الكبرى أن تطالب بحقوقها وأراضيها وشنّ حروب لتحقيق ذلك؟، أما الفلسطينيون فممنوع عليهم استعادة أرضهم التاريخية التي لم تكن يوماً من الأيام أرضاً للصهاينة ومرتزقتهم؟، ولماذا الشرعية الدولية تقف أمام حقوق الفلسطينيين وأرضهم وتمنعهم من استعادتها؟

طبعاً، في ظل رفض فصائل فلسطينية للاتفاق المشؤوم الذي عدّته باطلاً ولا يحقّ لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا غيرها من المؤسسات والمنظمات أن تتنازل عن حقّ الفلسطينيين في الداخل والشتات، ورغم ذلك لم يتمّ الاعتداد بمواقفهم بل إنّ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بقيا متمسّكين بالاتفاق، واعتبرا أنّ ما يقوم به الفلسطينيون من عمليات فدائية ضد المحتل الصهيوني هو عمل إجرامي وفي كثير من الأحيان إرهابي مُدان، ولكن هل توقف الفلسطينيون عن النضال من أجل استعادة أرضهم التي اغتصبتها العصابات الصهيونية؟. بالتأكيد لا.

والحال، إنّ الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت في عام 2000 واستمرّت خمس سنوات كانت تعبيراً كاشفاً عن رفض الفلسطينيين كل ما تمخّض عنه اتفاق أوسلو المشؤوم وملحقاته، وأن المدافع عن الحقّ مهما كان سلاحه الذي في يديه لن يستطيع أحد كسره وحرفه عن مساره، والأمر لم يتوقّف عند الانتفاضة الثانية بل مستمر حتى الآن بثبات وتطوّر كبير، وما الحروب التي خاضتها غزة وكان آخرها معركة سيف القدس إلا تعبيراً عن ذلك، دون أن نغفل أنّ ذلك حدث في ظل تضييق وحصار طويل لقطاع غزة وآلة حرب إسرائيلية تمتلك تقنياتٍ تكنولوجية هائلة، لم تستطع أن توقف اندفاعة جيل “أوسلو” الذي ظنّ العدو أنّه يستطيع بأمواله وتغيير مناهجه أن يحرف بوصلته ويقتنع بالتعايش مع الكيان، وإذا به اليوم أشرس وأقوى وأمضى أكثر من أيّ يوم مضى على استعادة حقوقه وأرضه.

إنّ الفلسطينيين اليوم ورغم كل المحاولات الإسرائيلية والعربية والدولية لكسرهم ومنعهم من مواصلة نضالهم، يؤكدون بدمائهم أنّ حقّهم التاريخي في فلسطين لا يسقط ولن يسقط.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,