“إسرائيل” والتجسس: نحن لا نثق حتى بحلفائنا

التصنيفات : |
مارس 24, 2023 7:32 ص

*وسام عبد الله

الكيان الصهيوني الذي تأسس على الكذب، لا يمكنه أن يصدّق أحدا، فالتجسس بالنسبة له ليس عملية استخبارتية فقط، وإنّما عدم شعور بالأمان في عالم يعرف أنّه يرتكب جرائم ضد الإنسانية، فتتحوّل القرصنة والتدخل في الانتخابات إلى عملية لمنع وصول أحد يرفع الصوت ضدهم.

“فريق خورخي” الإسرائيلي

كشف تحقيق نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الشهر الماضي، عن تلاعب وكالة إسرائيلية تُعرف بإسم “فريق خورخي”، بتدخلهم بأكثر من 30 عملية انتخابية، باستخدام القرصنة ونشر المعلومات المضللة الآلية على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر حملات تشهير تنقلها عشرات الآلاف من الحسابات المزيفة.

وبحسب التحقيق، يترأس الوكالة الناشط السابق في القوات الخاصة الإسرائيلية “تال حنان”، والذي ينشط باستخدام الإسم المستعار “خورخي “. وأوضح “حنان” كيف يمكنهم جمع المعلومات الاستخبارية عن المنافسين، بما في ذلك استخدام أساليب القرصنة للوصول إلى حسابات مثل Gmail وتلغرام. ويعمل الفريق المقرصن على تزوير مواد ابتزاز، ونشر معلومات مضللة، وزرع معلومات استخبارية كاذبة، ونشر حملات مستهدفة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأبرز البرامج المستخدمة في عملياتهم هو (Advanced Impact Media Solutions) الذي يُعرف اختصاراً بـ”Aims”، ويتحكم بأكثر من 30 ألف ملف شخصي مزيّف على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي سياق التحقيق الصحفي، أخبر “خورخي” المراسلين السريين، الذين تظاهروا بأنّهم وسطاء لعميل إفريقي محتمل، أنّ السعر لحملة رئاسية 15 مليون يورو، وقدّر لهم تدخل فريقه في الانتخابات الإفريقية المزعومة بحوالي 6 ملايين يورو. كما أشار إلى أنّه كان يعمل على انتخابات كينيا، دون أن يُعرف من وظّفه، وأوضح أنّ ثلثي الحملات الرئاسية التي تدخلوا فيها كانت في إفريقيا، لكنّ موادهم الترويجية تشمل دولاً في أوروبا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا ومنطقة البحر الكاريبي.

تتّخذ (فريق خورخي) من مستوطنة “موديعين” في الضفة الغربية مقراً لها، وتعمل على إشاعة الفوضى في دول أجنبية، وكذلك التدخل في الانتخابات لصالح أنظمة معينة

وقال زوهار شقيق حنان، إنّ هناك ثلاثة أعمال لا يقبلها فريقهم، فهم لا يقدّمون خدمات في “إسرائيل”، وليس لهم سياسات على المستوى الحزبي الأمريكي (يزعمون أنّهم رفضوا دعوة للمساعدة في انتخاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب)، ولا شيء ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قال حنان: “لدينا فريق في اليونان وفريق في الإمارات، لقد أكملنا 33 حملة على المستوى الرئاسي، 27 منها كانت ناجحة”.

وقالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن وجود شركة إسرائيلية (فريق خورخي) تتّخذ من مستوطنة “موديعين” في الضفة الغربية مقراً لها، وتعمل على إشاعة الفوضى في دول أجنبية، وكذلك التدخل في الانتخابات لصالح أنظمة معينة.

أمريكا و”إسرائيل” والتجسس على الحليف

يقول المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي: “إنّ التدخل الإسرائيلي في الانتخابات الأمريكية يفوق بكثير أي شيء يمكن أن يكون الروس قد فعلوه”. كما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية سنة 2018، أنّ ريك غيتس مستشار الحملة الانتخابية لـ”ترامب”، طلب من شركة استخبارات تابعة للاحتلال عام 2016 المساعدة في هزيمة المرشحيْن الجمهوريين المنافسين لـ”ترامب” والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون من خلال حملة تضليل إلكترونية. وقالت الصحيفة إنّه “لا يوجد دليل على أنّ حملة ترامب اتبعت مقترحات الشركة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لممارسة التضليل الإعلامي وجمع البيانات”. وتلك الشركة بحسب الصحيفة، هي “Psy-Group”، التي تضمّ عملاء سابقين في الاستخبارات الإسرائيلية.

يشكّل برنامج “بيغاسوس” جزءاً من المنظومة الأمنية لدى كيان الاحتلال، ومن أهم عمليات القرصنة التي نفّذها، اختراق هواتف 10 دبلوماسيين أمريكيين في أوغندا وحول العالم

وفي العام الماضي، كشفت تحقيقات عن تجسس “إسرائيل” عبر برنامج “بيغاسوس”، الذي تملكه شركة “إن إس أو” الإسرائيلية، وكانت هذه الشركة تشكّل جزءاً من المنظومة الأمنية لدى كيان الاحتلال، لكونها لا تستطيع بيع البرنامج إلا بموافقة الموساد أو الحكومة. ومن أهم عمليات القرصنة التي نُفّذت ولها تأثيرها على الأمن القومي الأمريكي، هو اختراق هواتف 10 دبلوماسيين أمريكيين في أوغندا وحول العالم.

ماذا تريد “إسرائيل”؟

وفقاً لتقرير صادر عن معهد أكسفورد للإنترنت، عام 2020، استخدمت 81 دولة على الأقل حملات تلاعب منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو دليل على توسع عملية القرصنة والتضليل والكذب في مجال الانتخابات، لما للمجالس التشريعية من تأثير على القرارات السيادية للدول وعلاقاتها الدولية. ومن هذا المنطلق تتّخذ “إسرائيل” طريق التلاعب بالانتخابات، فأولا، هي لا تثق بأحد، ولا حتى بحلفائها، فهي بحاجة إلى المشاركة في القرار السياسي بشكل مستمر من الداخل، ومحاولة إقناع الأحزاب والمرشحين أنّ التعاون معها يسهّل عليهم الوصول إلى السلطة. ثانيا، تسعى “إسرائيل” إلى التأثير على السياسية الخارجية للدول، فهي المدركة لحقيقة صورتها الإجرامية، وإحدى الأدوات هي التزوير والدفع نحو وصول شخصيات سياسية تعمل على تلميع صورة الكيان في الخارج، وتوقيع اتفاقيات تعاون معه، وخير مثال على ذلك هو التدخل في الدول الإفريقية، كما ذكر تقرير “فريق خورخي”.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , , , ,