كتائب أبو علي مصطفى: لندعْ أفعالنا تتحدّث
أبريل 1, 2023 8:46 ص*أحمد الطناني – غزة:
شكّل إعلان كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن مسؤوليتها عن عملية حوارة الثالثة بتاريخ 25 آذار/مارس، رسالة قوية خطّتها رصاصات مقاتلي الكتائب التي أصابت جنود لواء “كفير” المعروف بإجرامه وتنكيله الدائم للمواطنين الفلسطينيين في بلدة حوارة.
لم يتوقف إعلان الجناح العسكري للجبهة الشعبية عند عملية حوارة الأخيرة، بل وفي مقابلة صحفية كشف الناطق باسم الكتائب أنّ الجبهة مسؤولة عن آخر عمليتين في حوارة، قاصداً بذلك العملية التي استهدفت سيارة مستوطنين في نفس المنطقة بتاريخ الـ19 من نفس الشهر، حيث أُصيب منفّذها البطل الرفيق ليث نصار، من قرية مادما قلعة الشهيد يامن فرج قائد كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في نابلس، والاستشهادي شادي نصار منفّذ العملية الاستشهادية في مستوطنة أرائيل، بذات الشهر قبل 20 عام.
“الشعبية” حاضرة في كل الجبهات
دشنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مرحلة جديدة بإعلانها تبنّيها الرسمي عن العمليات سالفة الذكر، حيث لم تتبنَّ “الشعبية” وجناحها العسكري أي عملية فدائية في الضفة المحتلة والقدس بشكل رسمي منذ العام 2007 تقريبا، ليس لغيابها عن ساحة الفعل الكفاحي في الضفة، ولكن لتقديرات محددة مرتبطة بخصوصية الساحة والضرورات الأمنية لرفاقها على الأرض، ولأسباب أخرى قد تكون قدّرتها قيادة الجبهة. فعليا، فضّلت الجبهة الشعبية طوال الفترة الماضية أن تبتعد عن الفعل الاستعراضي، وأن تترك الحديث لفعلها لا لكلماتها، وهو ما أكده رفاقها في الميدان.
تشهد ساحات الفعل الكفاحي للجبهة الشعبية ورفاقها العديد من العمليات البطولية، جزء منها نجح في تحقيق ضربته وجزء آخر أعلن الاحتلال عن تفكيكه قبل التنفيذ، في ما لم تنجح كل ضربات وحملات الاعتقال الواسعة التي ينفّذها الاحتلال في اقتلاع الجبهة الشعبية وأذرعها الفاعلة، حيث نفّذ رفاق الجبهة الشعبية عدداً مهماً من العمليات النوعية خلال سنوات ما بعد انتفاضة الأقصى، ونسب الاحتلال لها العديد من الخلايا والتشكيلات التي أعتقلها وكانت بصدد تنفيذ عمليات كبرى، وكان أبرز هذه العمليات عملية “عين بوبين” التي نُفذت في الـ23 من آب/أغسطس 2019 عبر عبوة ناسفة فُجّرت عن بعد، حيث أعلن جيش الاحتلال أنّ الخلية المسؤولة عن تنفيذ العملية تنشط منذ العام 2017 ونفّذت أكثر من 7 عمليات إطلاق نار على أهداف مختلفة، وأنّها جزء من تنظيم عسكري واسع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
لم تبدأ عمليات رفاق أبو علي مصطفى عند “عين بوبين” كما لم تنتهِ عند “حوارة”، ولم يتوقف الرفاق عن انخراطهم في الاشتباك لحظة، منذ انتهاء انتفاضة الأقصى ترك رفاق الجبهة الشعبية بصمات مهمة في معادلات الاشتباك والمواجهة في الضفة الغربية عبر قافلة كبيرة من الشهداء والأسرى المشتبكين، كانت لهم إسهامات نوعية مهّدت البيئة والطريق لحالة الاشتباك الواسع الذي تشهده ساحات الضفة الغربية اليوم.
أرسلت الجبهة الشعبية -بتبنّيها الرسمي للعمليات الأخيرة- عدة رسائل لأكثر من مستوى حول معادلة الاشتباك والمواجهة في الضفة الغربية، كان أهمها تبديد كل أوهام أرباب “العقبة” و”شرم الشيخ” حول إمكانية القضاء على ديمومة الفعل المقاوم، بل هو فعل سيستمر ويتصاعد، ومنحته الجبهة الشعبية ولاءها، بإعلانها الغطاء الوطني الذي سيتصدّى لمحاولات أي طرف الاستفراد بمجموعات المقاومة في الضفة الغربية.
الرهان الخاسر
أكدت العمليات الأخيرة أنّ كل أوهام الاحتلال بنجاح جهوده العملياتية والأمنية في تفكيك البنى التحتية حديثة النشأة لمجموعات المقاومة ما هي خزعبلات تكشف عدم تشخيص حقيقي لطبيعة الأوضاع في الضفة الغربية، ولحجم مساهمة التنظيمات والفصائل في المعادلة، وحجم حضورها وطبيعة إداراتها لقواعد الاشتباك والمواجهة، لتؤكد الجبهة الشعبية بإعلانها أنّها تدير معادلة مواجهة ميدانية وأمنية بعقل بارد ورؤية استراتيجية بهدف الحفاظ على ديمومة الاشتباك وتوجيه الضربات النوعية باختيار واعٍ للأهداف والرسائل التي تحملها العمليات الفدائية.
وكالعادة، وكلما ظنّ الاحتلال أنّه نجح في القضاء على حضور الجبهة الشعبية وفكك بُناها التنظيمية والجماهيرية والكفاحية، يخرج المارد الأحمر أكثر صلابة وقوة، وبأشكال جديدة من التنظيم والفعل ليضربَ ضرباته ويسمع صداها كل من راهن على القضاء عليها وعلى معادلة الاشتباك والمواجهة، وفي مقدمتهم رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” الذي يحمل ثأراً شخصياً مع الجبهة الشعبية التي قتلت شقيقه “يوناتان نتنياهو” في عملية من عمليات الشهيد “وديع حداد”.
وجّه “نتنياهو” أجهزة أمنه وجيشه إلى ضرورة اقتلاع وجود الجبهة الشعبية للأبد، مؤكداً أنّه لا يريد أن يسمع اسم هذا التنظيم مرة أخرى، وذلك على أثر عملية “عين بوبين” حيث صوّب الاحتلال ضربته الواسعة لهياكل الجبهة الشعبية، ولاحق حتى أجسامها الجماهيرية وبنيتها الاجتماعية، وقيادتها التاريخية، واستعر هوس ملاحقة مؤسسات المجتمع المدني بدعوة صلتها بالجبهة، في محاولة لتفكيك معادلة الصمود لتنظيم لم يتوقف استهدافه يوما، إلا أنّها معادلة عجز وسيعجز أعتى أجهزة الأمن وآلات البطش والقتل عن الفتك بها، فهي معادلة رسّختها دماء الشهداء وعذابات الأسرى.
تُرسل الجبهة الشعبية رسالتها بالنار والحديد، أنّ القادم أعظم، وأنّ الاشتباك سيستمر ويتوسع، وأنّ العمل الكفاحي سيشهد فعلاً أكثر تنظيماً وتأثيراً وتركيزا، وأنّ كتائب الشهيد أبو علي مصطفى ستكون على عهد شعبها وقادتها الشهداء، على عهد يامن فرج، أمجد مليطات، بشار حنني، رائد نزال، خضر طالب، عماد مبروك، معتز وشحة، عدي وغسان أبو جمل، تامر الكيلاني، أيمن محيسن، عمر مناع، حمدي أبو دية، حسين قراقع، تامر الميناوي.. على درب أبو علي مصطفى، مقاومة لا مساومة.
*كاتب فلسطيني
وسوم :
أبو علي مصطفى, أحمد الطناني, الأسرى المشتبكون, الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, الرهان الخاسر, الضفة الغربية, المستوطنون الصهاينة, المقاومة الفلسطينية, انتفاضة الأقصى, تفكيك الجبهة الشعبية, حكومة نتنياهو, رسائل الجبهة الشعبية, صمود, عمليات استشهادية, عمليات الثأر, عمليات فدائية, عملية حوارة, عملية عين بوبين, فلسطين المحتلة, كتائب أبو علي مصطفي, معادلة الاشتباك والمواجهة, وديع حداد, يوناتان نتنياهو