تسريبات البنتاغون تكشف استمرار تنسيق السلطة الأمني مع الاحتلال
كشفت الوثائق الأمريكية الأمنية التي سُرّبت عبر مواقع التواصل خلال اليومين الماضيين، وأعلنت وزارتا الدفاع (البنتاغون) والعدل الأمريكيتين فتح تحقيق داخلي بشأنها، أنّ السلطة الفلسطينية حافظت على التنسيق الأمني مع الاحتلال خلال الفترة التي أعلنت فيها وقفه؛ في ما أظهرت التسريبات أنّ “إسرائيل” تقدّم الدعم اللوجستي والاستخباري لأوكرانيا، بينما تزن دعمها العسكري بسلوك روسيا في سوريا وإزاء إيران.
وحدث التسريب في وقت مبكر هذا العام، على الأرجح مطلع شهر آذار/مارس الماضي، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”، على منصة “ديسكورد” التي تحوي غالباً هواة الألعاب والدردشة الصوتية والمكتوبة؛ قبل أن يُكشف عنه الخميس، حينما بدأ تداول الوثائق على نطاق واسع بين روّاد مواقع التواصل، وبالذات تلك التي تتضمن معطيات عن الاستعداد القتالي للقوات الأوكرانية والموقف الميداني على الأرض قبيل الهجوم المضاد المرتقب في الربيع.
وتبيّن لاحقاً أنّ التسريبات تغطّي كذلك نطاقاً واسعاً من الملفات الأمنية، وتشمل، من بين أمور أخرى، الصين، والاتحاد الأوروبي، وكذلك الملف الفلسطيني، وأدوار “إسرائيل” في الحرب الأوكرانية.
وبحسب ما يظهر في منشور للصحافي الاستقصائي أريك تولر على “تويتر”، والذي دخل بنفسه إلى منصة “ديسكورد” واطّلع على التسريب قبل حذفها، فقد تضمّنت إحدى الوثائق الأمريكية قراءة أمنية للوضع في الضفة الغربية بعد قمة العقبة، والتي رافقتها عملية استشهادية في حوّارة، ثم هجمة ليلية للمستوطنين بالأسلحة النارية والعصي والعبوات الحارقة.
وتنصّ الوثيقة بشكل واضح على أنّ “العمليات الإسرائيلية والفلسطينية لتحديد مكان المسلّحين الفلسطينيين لا تزال مستمرة”، على عكس ما ظلّ يؤكده مسؤولون في السلطة حتى ذلك الحين. وتتوقّع الوثيقة الأمنية الأمريكية أن “تتفاقم الاضطرابات في الضفة”، وأن تستمر العمليات الفلسطينية وهجمات المستوطنين، “ما من شأن بأنّ ذلك سيدفع “إسرائيل” للتخلي عن اتفاق العقبة”، مع ملاحظة أنّ التقرير الاستخباري الأمريكي يعرّف “إسرائيل” ضمناً باسم “القدس”، وهو اصطلاح غير مألوف في اللغة الدبلوماسية الرسمية، رغم أنّ إدارة الرئيس جو بايدن لم تغيّر موقفها من القدس عما انتهت إليه إدارة سلفه دونالد ترامب.
وقبل نحو شهر من ذلك التاريخ، كانت السلطة قد أعلنت وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، عقب المجزرة التي اقترفها في 26 كانون الثاني/يناير في جنين وأسفرت عن استشهاد 10 فلسطينيين؛ ولم تعلن عن عودة الاتصالات في هذا الاتجاه. وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة “التحرير الفلسطينية”، حسين الشيخ، قد أكّد أيضا، لـ”العربي الجديد”، غداة قمّة العقبة، أنّ “وقف التنسيق الأمني ما زال قائما، لأنّ هذا مرتبط بتنفيذ “إسرائيل” وقف الإجراءات الأحادية”.
وتعود الوثيقة إلى تاريخ الثامن والعشرين من شباط/فبراير الماضي، أي بعد يومين من قمة العقبة، وتحتوي، كما يظهر في العنوان المتعلّق بمدّ شبكة 5G في الأردن ودور الصين فيه، الرموز المتعارف عليها داخل مجتمع الاستخبارات الأمريكي، من قبيل وسم الحكومة الأمريكية (USGov)، وإشارة (NF)، اختصاراً لـ(Not for relese to foreign government)، أي “ليس للمشاركة مع الحكومات الأجنبية”؛ وفقاً لورقة تعريفات واصطلاحات صادرة عن مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، وهو مجتمع الاستخبارات الذي يضم 16 وكالة حكومية أخرى، من بينها وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه).
والحساب الظاهر فوق الوثيقة، الذي يحمل اسم لوكا مع صورة لما يبدو أنّه جندي روسي، هو ذاته الحساب المسؤول عن تسريب وثائق الخطط العسكرية الأمريكية في أوكرانيا.
وكان تقرير لصحيفة “هآرتس” قد أكد، في وقت قريب من ذلك التاريخ، أنّ التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي ما زال متواصلا، وأشار إلى أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتخذ قراره “لأنّه لم يبقَ أمامه خيار آخر سوى خطوته الاعتيادية بالإعلان عن وقف التنسيق الأمني”.
وقال المحلل العسكري في الصحيفة عاموس هرئيل: “هي خطوة تكتيكية (وقف التنسيق) أكثر مما هي جوهرية. العلاقات الأمنية مستمرة وراء الكواليس. حتى في الأيام الأخيرة، استعان ضباط إسرائيليون وفلسطينيون بعضهم ببعض”.
وسوم :
الإدارة الأمريكية, الاحتلال الإسرائيلي, البنتاغون, التنسيق الأمني, الحرب الأوكرانية, السلطة الفلسطينية, الضفة الغربية, المخابرا الأمريكية, صمود, فلسطين المحتلة, قمة العقبة, محمود عباس, هجمات المستوطنين