لِفلسطين يا مُحسنين

التصنيفات : |
أبريل 12, 2023 11:51 ص
مديرة جمعية زيتونة زينب جمعة (صمود)

*وفيق هوّاري – صمود:

يمر شهر رمضان المبارك هذا العام، على المقيمين في لبنان وهم يعانون من قسوة الانهيار المالي والاقتصادي الذي لم يعرف لبنان مثيلاً له منذ تأسيسه.

وتشهد الأسواق الغذائية تفلتاً بأسعار السلع التي لا تخضع لمراقبة جدية بسبب تحلل الإدارات المعنية.

ويسود اعتقاد لدى البعض أنّ أوضاع اللاجئين الفلسطينيين أفضل من اللبنانيين وأنّ العائلات الفلسطينية تشهد تكافلاً وتضامناً بمستوى أعلى من الوضع اللبناني.

لكنّ المتابع لأوضاع المخيّمات الفلسطينية يكتشف أنّ المعاناة واحدة، وأنّ الظروف المعيشية للفلسطينيين لا تقل قساوة عن اللبنانيين في ظل عجز الجميع عن تأمين متطلبات الحياة خلال شهر رمضان.

وتشهد المخيّمات الفلسطينية ظروفاً متشابهة من المعاناة وعدم قدرة الأهالي على تأمين احتياجات شهر الصوم.

ويمكن أن تشكّل حالات تعيش في مخيّم عين الحلوة كنموذج لوضع العائلات في مختلف المخيّمات الفلسطينية.

تقول رهيبة عويد: “باتت حياتنا صعبة للغاية، وخصوصاً خلال شهر رمضان، أنا أجول على الجمعيات التي توزع وجبات غذائية، ومنذ بداية الشهر الفضيل وأنا أتلقى مساعدات نقدية من الجيران، وخصوصاً أنّ زوجي يعاني من إعاقة تمنعه من العمل، عند بداية الشهر حصلت على كرتونة غذائية صغيرة، والآن أحاول الحصول على مزيد منها، لكنّ الجمعيات تخبرني بأنّها أوقفت التوزيع”.

وتزور عويد ابنتها المتزوجة أحياناً للحصول على وجبة عشاء، وتروي أنّها لم تتذوق اللحمة منذ شهرين.

وتضيف: “السؤال الذي يؤرقني هو كيف سنستمر بعد رمضان، خاصة إذا استمرت الأسعار بالارتفاع”.

ولا تختلف معاناة إيمان عثمان عن سابقتها، فهي متزوجة وأم لثلاثة أولاد، وزوجها عاطل عن العمل منذ 3 سنوات بسبب عطل بساقه وأعصابه.

تقول عثمان :”أعمل أحياناً بتنظيف المنازل على الرغم من إصابتي بتكلس العظام، لدي ولدان يعملان بشكل متقطع بسبب الوضع الراهن، وخلال هذا الشهر أتلقى مساعدات من الأهل ومن الجيران الذين يدرون بأوضاعنا، وأحاول الحصول على مساعدات من الجمعيات التي باتت مساعداتها غير كافية، وأنا أتطوع يومياً في إحدى الجمعيات كي أحصل على بعض الخضار. لا أنفي حصولي على كرتونة غذائية، لكنّها غير كافية، قبل رمضان أمضينا ثلاثة أشهر بدون تناول أي نوع من اللحوم، معظم أكلنا يعتمد على العدس والبرغل، حصلت في رمضان الحالي على كيلوغرام واحد من اللحمة، قسّمته إلى حصص صغيرة استخدم كل منها في طبخة. وأذكر أنّنا قبل رمضان فرغت قارورة الغاز وبقينا شهراً كاملاً نأكل أي شيء لا يحتاج إلى طهي أو تسخين”.

طلبت ابنتي مني سندويش همبرغر، لم أستطع شراء السندويش، وصارت تبكي وهي مريضة، ولكن ما العمل؟ لا أستطيع تلبية رغبة بسيطة لصغيرتي

أما منال فارس، فهي إمرأة متزوجة ولديها صبي (10 سنوات) وبنت (3 سنوات)، زوجها يعمل دهان موبيليا، وهو متوقف عن العمل منذ شهرين.

تقول: “أحصل على وجبات غذائية من جمعية زيتونة كلما طبخوا، ومن هذه الوجبات حصلنا على الدجاج المطبوخ الذي لم نتذوقه من أشهر”.

تنساب دموع عينيها مع كلامها وهي تروي: “طلبت ابنتي مني سندويش همبرغر، لم أستطع شراء السندويش، وصارت تبكي وهي مريضة، ولكن ما العمل؟ لا أستطيع تلبية رغبة بسيطة لصغيرتي”.

وتضيف: “في ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة والدي، الذي كان يسكن في البرج الشمالي، لم أستطع المشاركة في الذكرى لأنّني لم أستطع تأمين بدل النقل”.

*وماذا بعد رمضان؟.

**تجيب فارس: “لا حل سوى بسعي زوجي للحصول على فرصة عمل، في أي مجال على الأقل لتأمين لقمة العيش”.

ويعمل إبراهيم، زوج وجدان، بشكل متقطع، وهذا ما يمنعه من تأمين متطلبات العيش خلال رمضان، “لذلك نأكل المتوفر، وخصوصاً أنّنا حصلنا على كرتونة غذائية في الحي الذي نسكنه”.

وتجمع النساء على صعوبة الاستمرار على هذا الحال السيء بعد شهر رمضان، وأنّ متطلبات الحياة صارت صعبة المنال و”حوّلتنا إلى متسوّلات على أبواب الجمعيات”.

معونات “زيتونة” من الفلسطينيين حصراً

تقول مديرة جمعية زيتونة زينب جمعة: “نوزع يومياً كيساً من الخضار لكل عائلة، كما وزعنا في الأيام الماضية كميات من الخبز وفي بعض الأيام وجبات غذائية، بالإضافة إلى أدوات تنظيف وتمور، ونحن نوزع لنحو 60 عائلة بشكل متكرر، لكنّ الذين استفادوا من التقديمات المتقطعة حوالي 1000 عائلة في مخيّم عين الحلوة”.

وتصر جمعة على أنّ الجمعية ستكمل عملها الإغاثي طوال شهر رمضان، لكنّها تستطرد بالقول: “لم تصلنا أي تبرعات من الخارج هذا العام، بل حصلنا على تبرعات من أشخاص عاديين من أبناء شعبنا، وكنّا في الجمعية قد وفرنا بعض المال من أنشطة الجمعية كي نقوم بواجبنا خلال رمضان”.

وتختم جمعة بالقول: “إمكاناتنا هذا العام أقل من العام الماضي بسبب الوضع الاقتصادي والمالي من جهة وزيادة عدد العائلات التي تقدّمت بطلب المساعدة الغذائية”.

وتنطبق تجربة “زيتونة” على تجربة عدد من الجمعيات التي لا تملك إلا القليل في مواجهة احتياجات اللاجئين الفلسطينيين الذين تقول عنهم وكالة الأونروا أنّ 90% منهم أصبحوا تحت خط الفقر.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,