اللاجئون الفلسطينيون بين زرقة البحر ورمل الذاكرة

التصنيفات : |
مايو 8, 2023 8:45 ص

*حمزة البشتاوي

يشكّل البحر بالنسبة إلى الفلسطينيين مادة خصبة للحكايات والذكريات الممزوجة بالأمل والألم، عن الحياة والغربة والمصير.

ومنذ ما قبل مقولة محمود درويش (هذا البحر لي) تتميز فلسطين الممتدة من النهر إلى البحر بحصة كبيرة من المسطحات المائية، وعُرف معظم أهلها بأنّهم أهل شواطىء ويمارسون الصيد ويركبون البحر للسفر ونقل البضائع.

ولكنّ علاقتهم ببحرهم تغيرت وتحولت بعد النكبة إلى علاقة مبنية على الذاكرة والحنين، خاصة لمن سكنوا مباشرة  في المخيّمات التي تقع بمحاذاة شاطىء البحر الأبيض المتوسط كما هي مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها في العام 1948 كحيفا ويافا وعكا والرملة واللد وعسقلان.

وفي المخيّمات، والبحر المؤقت تتسع ذاكرة اللاجئين الفلسطينيين بالأغاني الأشعار والأناشيد عن موج البحر وصوته، وعن الصيادين والمراكب والميناء والنوارس التي تردد معهم، هدي با بحر هدي طولنا في غيبتنا

وفي المخيّمات، والبحر المؤقت تتسع ذاكرة اللاجئين الفلسطينيين بالأغاني الأشعار والأناشيد عن موج البحر وصوته، وعن الصيادين والمراكب والميناء والنوارس التي تردد معهم، هدي با بحر هدي طولنا في غيبتنا.

ويصدح هذا الإيقاع عالياً في أربعة مخيّمات فلسطينية تقع على شاطئ البحر مباشرة من أصل 64 مخيّماً فلسطينياً أُقيموا بعد النكبة موزعين في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ودول سوريا ولبنان والأردن ويعيش فيهم نحو 7 ملايين لاجئ فلسطيني، والمخيّمات الفلسطينية الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط هي:

مخيّم الشاطئ

يُعتبر ثاني أكبر المخيّمات الموجودة في قطاع غزة وتبلغ مساحته 0،52 كيلومتراً مربعاً ويسكنه حوالي مائة ألف لاجئ ولذلك يُعدّ من أكثر المخيّمات اكتظاظاً بالسكان، وأُطلق عليه أسم مخيّم الشاطئ كونه يقع على شاطئ البحر مباشرة، ومعظم سكانه هُجّروا من مدن اللد ويافا وبئر السبع إثر نكبة العام 1948.

ومن أبرز أعلامه الشيخ الشهيد أحمد ياسين والدكتور الشهيد فتحي الشقاقي.

مخيّم الرشيدية

هو واحد من 12 مخيّماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان، يقع جنوب مدينة صور على شاطيء البحر ويبلغ عدد سكانه نحو 9000 لاجئ فلسطيني يتشاركون مساحته التي تُقدّر بـ267 دونم وتحيط به مناطق زراعية وبساتين الموز والليمون.

مخيّم نهر البارد

تأسس في العام 1949 ويبلغ عدد سكانه 31 ألف ومساحته اتسعت لتصل إلى حوالي 3 كيلومتر مربع ومعظم سكانه من قرى وبلدات الجليل لا سيما سعسع وصفورية والدامون وسموع والغابسية والشيخ داوود وعمقا، وسُمّيت حارات المخيّم بأسماء تلك القرى والبلدات التي هُجّر سكانها منها في العام 1948. وقد نهض المخيّم من جديد بعد الأحداث التي أدت لتدميره في العام 2007.

مخيّم الرمل

أُنشئ مخيّم الرمل في مدينة اللاذقية عام 1955 على مساحة تبلغ 22000 متر مربع على شاطئ البحر مباشرة، ويُقدّر عدد سكانه بنحو 7000 لاجئ فلسطيني، قدم معظمهم من مدن يافا وعكا وحيفا ومن قرى وبلدات طيرة حيفا وعين غزال وأجزم والطنطورة.

وفي هذه المخيّمات الأربعة، يصافح اللاجئون الفلسطينيون البحر صباحاً ومساء، ويتنفسون هواءً بحرياً يشبه هواء بحرهم وبرهم القريب، وكلما لامسوا الرمل والموج ينتابهم شعور إستثنائي يضيء الذاكرة عن جمال شواطئهم ومدنهم وقراهم. وبأمل وإصرار كبير يجددون التمسك بمقاومة الغزاة الذين يسرقون منهم زرقة البحر ورمل الذاكرة التي يحافظون عليها كما يحافظون على مفاتيح البيوت ويعدّون مراكب العشق للعودة إلى بحرهم وظل القمر والشجر الذي ينتظرهم في البلاد.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,