“12 تخت” ينبش في ذاكرة أيتام الثورة الفلسطينية

التصنيفات : |
مايو 17, 2023 6:21 ص

*وفيق هوّاري – صمود:

غصّت قاعة سينما إشبيلية، في صيدا جنوب لبنان، بالجمهور الذي حضر لمشاهدة فيلم “12 تخت”، وذلك مساء السبت 13 أيار/ مايو 2023.

الفيلم الذي أنتجته قناة الجزيرة الوثائقية وأخرجته الفنانة اللبنانية رين متري، يحكي في 100 دقيقة قصة أطفال فلسطينيين، كانوا أيتاما، من أبناء الشهداء. ومع انطلاقة الثورة الفلسطينية في أواخر الستينيات أصبحوا أولاد الثورة. صبياناً وبناتاً عاشوا ودرسوا في مدرسة مختلطة للأيتام في جبل لبنان في بلدة سوق الغرب. بعضهم وجد خلاصه في الفرقة الفلكلورية التي أسّسها الفنان عبد الله حداد في بداية السبعينيات. ليصبحوا لاحقاً من أيقونات الثورة وليسافروا حول العالم خلال حقبة شهدت تضامناً عالمياً مع القضية الفلسطينية.

بعض شخصيات الوثائقي من أبناء الشهداء كما أصبحوا عليه اليوم (صمود)

عاشوا لحظات شهرة قبل أن يتفرقوا خصوصاً بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ويقعوا في النسيان. مبنى المدرسة ما زال قائماً في سوق الغرب، يحمل آثار الحرب. مئات أولاد الشهداء الذين عاشوا فيه تفرقوا في أنحاء العالم.. فايز، بشار، هيام، عريفة، حورية، غسان وسميحة، يعودون إلى مكان الذاكرة حيث يتحدثون عن التهجير، الاستشهاد، الخسارة والحرمان ما يثير تساؤلات حول الهوية، التضحية والوطن.

وتحمل المدرسة إسم “بيت إسعاد الطفولة”، وقد بناه الاتحاد النسائي العربي – الفلسطيني في أوائل الستينيات من القرن الماضي، ولعبت اللبنانية المتزوجة من فلسطيني، خلال أربعينيات القرن الماضي، وديعة قدورة خرطبيل دوراً أساسياً في جمع التبرعات لإقامة هذا الصرح التربوي في سوق الغرب.

بيت إسعاد الطفولة (صمود)

يعرض الفيلم، ومن خلال مقابلات مع عدد من الأشخاص الذين عاشوا في الدار، المعاناة التي مروا بها في البداية بسبب قلة المواد الغذائية وعدم توفّر الألبسة المناسبة وخصوصاً في فصل الشتاء، إلى جانب المعاناة الأصلية التي كانوا يعانون منها بسبب اليتم وفقدان الصلة مع الأهل إذا وُجدوا.

لكنّ أوضاعهم تحسنت بعد الاهتمام الذي أبدته منظمة التحرير الفلسطينية بالمؤسسة خلال السبعينيات وصولاً إلى الاجتياح الإسرائيلي.

كان ملفتاً ما طرحه أحد الذين عاشوا في الدار أنّ نزاعاً داخلياً كبيراً كان يعيشه، عندما كان يشعر أنّه وحيد، لا أخ ولا أخت ولا أهل ولا مكان ينتمي اليه، كان يشعر أنّه غير موجود، لكنّه وجد انتماءً واحداً له هو الانتماء للقضية الفلسطينية.

وتتسأل أخرى عن سبب رحيل والدها وتخاطبه، بأنّه قد رحل ولكنّه لا يشعر بمرارة اليتم الذي تشعر به.

ضم “بيت إسعاد الطفولة” مئات من أبناء الشهداء، لكن قلة منهم وجدت خلاصها بالفرقة الفنية التي أنشأها الفنان الفلسطيني عبد الله الحداد، واعتمدت على إحياء التراث الفني الفلسطيني ونشره في أنحاء العالم من خلال الرقص والغناء الشعبي.

معظم المقابلات التوثيقية التي عرضها الفيلم طالت أعضاء من هذه الفرقة التي تفرَّق عناصرها إثر الاجتياح الإسرائيلي.

تلا عرض الفيلم نقاش بين المخرجة متري والمشاركين من الحضور، ولوحظ وجود عشرات من أبناء الشهداء في قاعة السينما وقد تجاوز معظمهم الستين من عمره.

كانت مناسبة لإعادة اللقاء مجدداً بعد نحو أربعين عاماً من التفرّق، كما كانت مناسبة لعرض عمل توثيقي لتجربة أبناء شهداء الثورة الفلسطينية وجدوا في الفن الفلسطيني باباً ينطلقون منه لبناء حياة جديدة من أجل إكمال النضال في سبيل القضية عبر وسائل مختلفة.

فيلم يستحق المشاهدة، لكنّه لم يُطلق رسمياً بعد على قناة الجزيرة الوثائقية.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,