دُفن فيها 280 شهيدا.. التعرّف على 4 مقابر جماعية في الطنطورة
منذ 75 عاماً كانت المقابر الجماعية لشهداء قرية الطنطورة الذين قُتلوا على يد العصابات الصهيونية غائبة عن الأذهان، وبعد عام ونصف العام من التحقيقات المكثفة من قبل مركز “عدالة” ولجنة أهالي الطنطورة ومؤسسة “فروزنيك أركيتكشر” الدولية، جرى التعرف على أربع مقابر جماعية.
واستُخدمت خلال التحقيقات أساليب حديثة ومتطورة في البحث عن الأدلة المادية لعلم الآثار والبحث عن الأماكن. بالإضافة إلى تقاطع الشهادات والمعلومات خلال الروايات من قِبل أهالي الطنطورة الناجين وذوي الشهداء، وشهادات الجنود الإسرائيليين الذين شاركوا في المجزرة.
واستخدم فريق البحث وسائل تقنية عالية جداً مثل التصوير بالظل وثلاثي الأبعاد، وبالاستناد إلى المباني التي بقيت على شاطئ الطنطورة، إذ جرى إعادة رسم القرية والتعرف بذلك على المقابر الجماعية.
وبحسب التحقيق، فإنّه جرى التعرف على أربع مقابر جماعية، قُبر فيها 280 شهيداً من الرجال والأطفال والنساء، وبحسب التحقيق فإنّ غالبية القتلى كانوا من الرجال.
تروي جيهان سرحان نجلة وصفية الأعمر التي هُجّرت من قرية الطنطورة إلى الفريديس، في حديث لـ”عرب 48″، بالقول: “إنّ العصابات الصهيونية هاجمت الناس حين كانوا نياماً في ساعات الليل، إذ أفرغت البلدة من الرجال من سن 12 حتى 55 عاما، ومن ثم جاءت عمليات الإعدام البشعة في وضح النهار، حيث كان القتل في كل حي وفي كل زقاق في الطنطورة”.
وأضافت: “إنّ العصابات جاءت بنية القتل المتعمد وليس فقط بنية إفراغ البلدة، وأكبر دليل أنّها لم تكتفِ بالترحيل أو الأسر، إنّما بالإعدام بدم بارد لمجرد أنّهم عرب فلسطينيون”.
وعبّرت سرحان عن شعورها بالحزن والأسى حين تزور قرية الطنطورة المهجرة، وذكرت “يتملكني الشعور بالحزن والأسى، من الصعب أن أتقبل هذا الشعور وخصوصاً أنّ أبناء عائلتي وأقربائي تحت هذه الأرض، حتى عمي محمد إحسان الأعمر، المقبور في هذه المنطقة لا نعرف أين يتواجد قبره بشكل محدد”.
وتابعت “بودي أن أعرف أين كان منزل والدتي ومنزل جدي، لأنّ هذه الذكريات هي جزء من إحساسي ومن مشاعري المختلطة التي لا تفارقني أبدا. كانت تروي والدتي كم كانت الحياة جميلة قبل النكبة، كم كانت الطنطورة جميلة بأهلها وناسها، وكم كانت متطورة يُقبل عليها الناس من خارج فلسطين”.
وطالبت سرحان الحكومة الإسرائيلية بتحديد المقابر الجماعية بشكل فوري، وقالت: “لنا الحقّ بأن نعرف أين يتواجد ذوونا الشهداء وأن نقيم لهم الذكرى المشرفة وكذلك الاعتراف بمجزرة الطنطورة بشكل رسمي”.
وروى سامي علي الذي تابع التحقيق وقضية الطنطورة، بالقول إنّ “العصابات الصهيونية كانت تقتل الرجال بأربع طرق، الأولى إعدام بالرشاش من مسافة قريبة من أجساد الشهداء وتحديداً في القسم العلوي من أجسادهم، إضافة إلى الحرق بالقنابل المشتعلة إذ كانت تلاحقهم بشكل شخصي، وهناك من أُعدموا داخل البيوت بالقنابل التي دخلت إليها العصابات من النوافذ، كما كانت تقتلهم داخل براميل وتطلق النار عليهم. مشاهد القتل كانت بشعة جدا”.
وتحدث عن احتلال الطنطورة قائلا: “إنّ الاحتلال استمر ليومين، والمجزرة كانت عبارة عن يومين ولكنّها كانت دموية جدا”.
وقال كمال مصري وهو حفيد لمهجرين من الطنطورة: “إنّ جدّي الذي كان يعمل في دفن الموتى في وقت النكبة روى لي أنّه سجّل 120 شهيداً قام بدفنهم بيديه، وسجّل أسماءهم وهناك من لم يسجّل أسماءهم خوفاً من أن يقتلوه وينكّلوا بمن تبقّى”.
وكان نحو 1500 فلسطيني يقطنون قرية الطنطورة إلى الجنوب من مدينة حيفا قبل أن تحتلها العصابات الصهيونية في 23 أيار/مايو 1948 وترتكب مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 200 فلسطيني.
*المصدر: وكالة معا + “عرب 48”
وسوم :
العصابات الصهيونية, جرائم الاحتلال, صمود, عرب 48, فلسطين المحتلة, قرية الطنطةرة, مجزرة الطنطورة, مقابر جماعية, مقابر جماعية في الطنطورة