مسار الواجب المقدس: كتائب الشهيد أبو علي مصطفى

*نسيب شمس

تعود كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، بالنسب، إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة التي نشأت في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1967 على أثر اندماج ثلاثة فصائل فلسطينية، هي: منظمة أبطال العودة -التي كانت تنتمي بشكل غير مباشر إلى حركة القوميين العرب- وجبهة التحرير الفلسطينية والجبهة القومية لتحرير فلسطين باسم منظمة شباب الثأر، والتي كانت عبارة عن تنظيم إقليم فلسطين لحركة القوميين العرب.

جاء في البيان السياسي الأول للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنّ هدف هذا الاندماج هو “تحقيق وحدة جميع تلك القوى التي تدرك أنّ طبيعة المعركة وأبعادها والقوم المناهضة لها، تحتّم تضامن جميع الجهود والصفوف الثورية في شعبنا، لأجل معركته الطويلة المريرة ضد أعدائه”.

ووجّه البيان دعوة مفتوحة إلى جميع القوى والفئات الفلسطينية للاتحاد في عمل ثوري قومي، لبلوغ وحدة وطنية متينة بين جميع فصائل الكفاح المسلح الفلسطيني.

وأعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إيمانها بالمبادئ التالية:

1. العنف الثوري هو اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو.
2. إنّ الحرب ضد العدو في كل أرض تحتلها جيوش العدو هي الأسلوب التاريخي للعمل، حتى تبلغ المقاومة مرحلة تستطيع فيها فتح جبهة واسعة ضد العدو، وتتحول الأرض الفلسطينية إلى أتون يحرق الغزاة بنيرانه.
3. يجب أن لا تقتصر المقاومة المسلحة على المحاربين وحدهم، فلكل فلسطيني على جميع المستويات دور يلعبه في مقاومة العدو. ولن يكون هناك تعامل مع العدو بل مقاطعة تامة لجميع منظماته الاقتصادية والمدنية والسياسية.
4. إنّ المقاومة المسلحة هي الأسلوب الفعال الوحيد الذي تستطيع الجماهير تبنّيه في تحدي العدو الصهيوني.
5. الجماهير مادة المقاومة، ولا يمكن الوصول إلى تجنيد قواها إلا بواسطة تنظيم ثوري شعبي.
6. إنّ حرب الجماهير الفلسطينية في الأراضي المحتلة جزء فعال من الثورة العربية ضد الإمبريالية العالمية وأتباعها. ولا بد من وجود صلة عضوية بين نضال شعبنا الفلسطيني ونضال الشعوب العربية التي تواجه الخطر ذاته من العدو نفسه. وسيحدد العمل الفلسطيني المسلح من من يقف معه أو ضده على المستوى العربي.

وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر 1967 صدر أول بلاغ عسكري عن عملية قام بها مقاتلو الجبهة قرب مستوطنة الزراعة (زراعيت).

اتخذ مؤتمر حركة القوميين العرب المنعقد عام 1966، قراراً بفصل العناصر الفلسطينية في الحركة وإلحاقها بمجموعة تُسمى إقليم فلسطين، وقاد هذه المجموعة د. جورج حبش

الجدير بالذكر، أنّ مؤتمر حركة القوميين العرب المنعقد عام 1966، اتخذ قراراً بفصل العناصر الفلسطينية في الحركة وإلحاقها بمجموعة تُسمى إقليم فلسطين، وقاد هذه المجموعة د. جورج حبش، وضمّت أحمد اليماني (أبو ماهر) وعبد الكريم حمد (أبو عدنان)، والدكتور وديع حداد. ووافق المؤتمر على فكرة شن النضال المسلح داخل الأراضي المحتلة، إلا أنّه أرجأ تاريخ البدء بمثل هذا النضال “لأجل التدريب والإعداد والإتصال بالداخل” آنذاك.

الجناح العسكري لحركة القوميين العرب

اشتهرت الجبهة الشعبية بتركيزها بشكل خاص على استخدام أساليب حربية سمتها “العمليات الخارجية”، وجعلت “العالم مسرحاً للعمليات الفدائية”. واستطاعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن تلفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية في السبعينيات من خلال عمليات خطف الطائرات. كما أنّها شاركت في السبعينيات والثمانينيات، في الانتفاضات الفلسطينية في الأراضي المحتلة.

وبعد سنوات من النضال المسلح حول العالم، والكثير من العمليات الجريئة، لم تنسَ الجبهة الشعبية الداخل المحتل، فكانت ولادة قوات المقاومة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي تعتنق أيديولوجيا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أي أنّها تعتمد أيديولوجيا اليسار الماركسي، وكانت تخوض الكفاح المسلح داخل الأراضي المحتلة، فكانت عملية الباص 300 أو ما يُسمى عملية عسقلان وذلك في 12 نيسان/ أبريل 1984.

كانت الانطلاقة الفعلية عام 2000 مع اندلاع انتفاضة الأقصى، حيث أخذت بالهجوم المسلح على دوريات الاحتلال الصهيوني وتفخيخ العبوات، ومهاجمة المستوطنات والمراكز العسكرية الإسرائيلية

أما الانطلاقة الفعلية فكانت عام 2000 مع اندلاع انتفاضة الأقصى، حيث أخذت بالهجوم المسلح على دوريات الاحتلال الصهيوني وتفخيخ العبوات، ومهاجمة المستوطنات والمراكز العسكرية الإسرائيلية. واشتدت قبضة قوات المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال، حيث خاضت العديد من المعارك مع العدو،  أبرزها معركة مخيّم العين، كما ساهمت في التصدي للعدوان الإسرائيلي على غزة.

في 27 آب/ أغسطس 2001 قصفت طائرة حربية صهيونية مكتب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رام الله، وارتقى الأمين العام شهيداً، وفي ذكرى الأربعين قامت قوات المقاومة الشعبية باغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي، كما تمّ تفجير موقع ناحل عوز العسكري كرد على اغتيال أبو علي مصطفى.

كان ذلك إعلاناً عن انطلاق كتائب الشهيد أبو علي مصطفى من رحم قوات المقاومة الشعبية.

وبُعيد استشهاد أبو علي مصطفى، انطلقت عمليات فدائية نوعية ضد العدو الإسرائيلي، فتعرضت الآليات العسكرية الإسرائيلية للتفجير، كعملية 26 كانون الثاني/ يناير 2003

وشهد العام 2001، وبُعيد استشهاد أبو علي مصطفى انطلاق عمليات فدائية نوعية ضد العدو الإسرائيلي، فتعرضت الآليات العسكرية الإسرائيلية للتفجير، كعملية 26 كانون الثاني/ يناير 2003.

وكانت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى أول من أطلق قذائف الهاون من أرض قطاع غزة عام 2001.

وكان السلاح الأقوى بطولة الاستشهاديين في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، كما حصل في عملية تباح تكفا البطولية، حيث قام البطل الاستشهادي سائد كمال حنني بتفجير نفسه في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2003.

قامت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى بقصف كبوش سعد ونحال عوز في 21 كانون الثاني/ يناير 2008، كذلك قصف مفتاحيم وسيديروت وكفار عزة.

كما شاركت في معركة “الصمود والإادة” عام 2008، وكذلك معركة “أيام الغضب” عام 2004.

قامت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى بعملية جريئة في القدس، تمثّلت باقتحام معهد ديني يهودي غربي القدس في دير ياسين، وتبنّت العملية في بيان وُزّع في 18 تشرين الثانوي/ نوفمبر 2014.

كما مارست كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الحرب السيبرانية، حيث قامت بهجمة إلكترونية تحت عنوان عملية “الشهب الثاقب”، التي نفّذها الفريق الأمني الإلكتروني، وذلك في 21 كانون الثاني/ يناير 2017.

ونجحت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى باستخدام سلاح القناصة ضد جنود العدو الإسرائيلي، وكان لها العديد من العمليات الناحجة في هذا المضمار، حيث أوقعت العديد من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، عدا عن حالة الهلع التي عاشها الجنود من قناصة الكتائب.

قامت السلطة الفلسطينية بحظر عمل كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في أراضي السلطة الفلسطينية، كما أقدمت هذه السلطة على اعتقال العديد من قادتها وقادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبرزهم  أمينها العام الجديد أحمد سعدات

تعرّضت الكتائب بُعيد اغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى، وردها باغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.. للملاحقات، فقامت السلطة الفلسطينية بحظر عمل كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في أراضي السلطة الفلسطينية، كما أقدمت هذه السلطة على اعتقال العديد من قادتها وقادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبرزهم  أمينها العام الجديد أحمد سعدات، كما تمّ اعتقال منفّذي عملية الوزير الإسرائيلي، وكذلك قائد الجناح العسكري.

وحصل اصطدام بين قوات السلطة الفلسطينية وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى بسبب عدم التزام الأخيرة بالتهدئة مع الاحتلال الاسرائيلي، التي تفرضها السلطة على بقية فصائل المقاومة.

وقامت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى بتفجير سيارة مفخخة شمال قطاع غزة أمام مقر لجنة الارتباط الفلسطينية – الإسرائيلية عام 2002. كما وقعت اشتباكات عام 2006 بين الكتائب وقوات السلطة في عدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية بُعيد اعتقال أحمد سعدات في سجن أريحا.

وما زالت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى على سلاحها حتى تحرير فلسطين، حيث تعتبر أنّ الرد المسلح على جرائم الاحتلال والخروقات الصهيونية كافة، واجب مقدس.

*باحث وكاتب لبناني