المستوطنون.. ذراع الردع التائه

التصنيفات : |
يونيو 22, 2023 6:10 ص

*محمد القيق – الضفة المحتلة:

تتراشق الأطراف الإسرائيلية الاتهامات بالمسؤولية عن التدهور الأمني الحالي، بل وتذهب بعيداً في اتهامات للجيش بالشلل التام أمام تصاعد المقاومة في الضفة الغربية، ليظهر بشكل واضح مؤخراً عنصر المستوطنين الذين ينفّذون هجمات واسعة.

لك أن تسمّيهم الحرس الوطني الذي حصل على تشريعه وزير الأمن القومي “بن غفير” أو شبيبة التلال التي يتزعمها وزير المالية “سموترتش”، ولكن في المحصلة بات دورهم فعالاً وهجومياً في سياسة الحكومة الحالية.

لا تجد حكومة “نتنياهو” نفسها في هذه المرحلة إلا عاجزة وبشكل واضح أمام تآكل الردع الذي كان يتبجّح به جيش الاحتلال، وكذلك تطوُّر المقاومة في الضفة الغربية والتي كان من أبرز معالمها مؤخراً تفجير العبوات وإعطاب دبابات مصفحة وإصابة طائرة الأباتشي في جنين وصولاً إلى عملية “عيلي” الأكثر خطورة في منظور الأمن لما فيها من دلالة عسكرية وتنفيذ مزدوج وبقعة أمنية محصنة على الشارع الواصل بين نابلس ورام الله.

ويُضاف إلى ترهل الموقف الرسمي لحكومة الاحتلال شح الطرق والخطط للتخلص من مربع في جبهة الضفة الغربية التي لم تشتعل كلها حتى اللحظة، واقتصر على مربع الرعب كل من نابلس وجنين وطولكرم وأريحا، في ظل تسخين ميداني سيقود باقي أجزاء الضفة للانخراط ناهيك عن ترقب جبهات عدة شمالاً وجنوباً وشرقاً لأي عملية عسكرية واسعة تشنها قوات الاحتلال في الضفة الغربية.

لماذا المستوطنون وإطلاق العنان لهم الآن وخلال الأيام القادمة؟، لأنّهم وسيلة الحكومة الحالية والسلاح المتاح في المشهد

ولا يمكن تجاهل الردع المتآكل بعد عملية سيناء من الجندي المصري الشهيد محمد صلاح وما لها من أثر استراتيجي على إعادة الصراع لقواعده الأصلية، وما سبقها من جولة ثأر الأحرار وإعادة قصف “تل أبيب” وهيبة الاحتلال.

كل ذلك جعل الحكومة الحالية في زاوية لا يمكن لها أمام متغيرات دولية وترتيبات إقليمية وتحذيرات أمريكية إلا أن تستخدم “الكارت” الرابح لها والسلاح الفتاك وهو المستوطنون.

لماذا المستوطنون وإطلاق العنان لهم الآن وخلال الأيام القادمة؟، لأنّهم وسيلة الحكومة الحالية والسلاح المتاح في المشهد لعدة أسباب:

-تفريغ غضب المستوطنين للتغطية على فشل الجيش في توفير الأمن.

-محاولة ضرب وتمزيق الحاضنة الشعبية من خلال تخريب ممتلكاتهم وروتينهم ليرتدّ ذلك سلباً على المقاومة.

-تجنب تنفيذ عملية عسكرية في الضفة الغربية حتى لا يتمّ انتقادها دولياً خاصة بعد تحذير أمريكا وعدة أطراف من القيام بها.

المستوطنون الآن هم اليد الضاربة لحكومة الاحتلال وكل هجوم يقومون به منظّم ومنسّق ومغطّى أمنياً

-إبقاء المشهد للمستوطنين مع تدعيم المصادقة على وحدات جديدة وإبعاد مؤقت للحملة العسكرية لتفادي فتح جبهات جديدة وتداعيات يرى فيها المستوى الأمني أنّها خطيرة ولا تُحمد عقباها.

لذلك، المستوطنون الآن هم اليد الضاربة لحكومة الاحتلال وكل هجوم يقومون به منظّم ومنسّق ومغطّى أمنيا.

وما هو الردع والرادع الذي يُفشل هذا السلاح في هذا التوقيت؟، هو رص الصفوف الشعبية وتشكيل مجموعات المقاومة الميدانية وترتيبات شعبية فصائلية في إطار مجموعات حراس الدار وعيون البلد وغيرها من المسمّيات التي يجب الانخراط فيها وتعزيزها وإسنادها من كل مؤسسات البلدة والمدينة والقرية والمخيّم، وأصحاب رؤوس المال لتعزيز المجموعات، كما أنّ الوحدة الوطنية بإرادة حقيقية باتت مطلباً ولزاماً على السلطة، والتوقف عن الاستفراد بالقرار الذي جعل كل بيت فلسطيني تحت النار مع غياب الاستراتيجية، ومما لا شك فيه أنّ استنفار الفصائل على كل الصعد الدولية والمحلية سيكون جزءاً مهماً في منظومة الردع الفلسطيني.

*كاتب فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , ,