الحرّ يفتك بالأسرى في السجون الملتهبة
أغسطس 5, 2023 8:37 ص*منى العمري – صمود:
نشرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة بيانات أولية، أشارت إلى أنّ شهر تموز/يوليو الفائت، هو الأكثر حرارة لهذا العام حتى الآن.
وبحسب منصة “طقس العرب”، فإنّ الخرائط الجوية تشير إلى أنّ الكتلة الحارة (القبة الحرارية) أثّرت على سبع دول عربية، هي: مصر، العراق، السعودية، سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين.
ولكنّ هذه الموجة لم تكن خفيفة الظلّ على فلسطين، وهنا بدت الكارثة..
الصيف ضيف ثقيل على الأسرى هذا العام
أوضح رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، أنّ “الاحتلال لم يكتفِ بما ورثه من سجون عن الإنتداب البريطاني، بل أضاف إليها منذ مطلع السبعينيات 4 سجون كبرى”.
وأضاف فروانة في حديثٍ لـ”الجزيرة نت” أنّ: “السجون الأربعة المستحدَثة تقع في عمق صحراء النقب جنوب فلسطين، ويقبع فيها نصف إجمالي عدد الأسرى، ويتحالف فيها سوء المناخ مع قسوة ظروف الإحتجاز وبشاعة السجّان، فتتفاقم معاناة الأسرى ويزداد ألمهم وعذابهم مع ارتفاع درجات الحرارة”.
وتابع: “في حزيران/يونيو وتموز/يوليو وآبأغسطس – خاصةً مع ارتفاع معدلات الموجات الحارّة – تتحوّل غرف الأسرى إلى جحيم، وزنازين التحقيق والعزل الإنفرادي إلى أفران، فالصيف ضيف ثقيل على الأسرى في النقب وعوفر ومجدو، وفي نفحة وعسقلان والدامون وبئر السبع وجلبوع والرملة وفي كل سجون الاحتلال”.
وأكّد فروانة أنّ استغاثات كثيرة وردت إليه في الأيام الأخيرة من سجون الاحتلال تعكس صوراً موجعة لآلاف الأسرى يشتكون اكتظاظ الغرف وسوء المناخ وقلة التهوية وانتشار الزواحف الخطيرة والسّامة والحشرات الضارة والقوارض، بالتزامن مع سخونة الهواء وشدة الحرارة وشحّ الأدوات المخففة لدرجة الحرارة. (1)
الحرارة تصل لـ48 درجة مئوية مُضافة لكيد الاحتلال
وفي هذا الصدد، أشارت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير لها، نقلاً عن محاميتها حنان الخطيب، إلى أنّ “الأسرى الفلسطينيين يعيشون ظروفاً معيشية صعبة في سجن جلبوع، لا سيّما مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة العالية والنقص الكبير في المراوح”.
وأضافت الهيئة: “إنّ سجن جلبوع من أكثر السجون التي يعاني فيها الأسرى نتيجة موجة الحرّ الشديدة حيث تصل درجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية، الأمر الذي يسبب معاناة مُتفاقمة لهم”.
وأكدت أنّ “إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية تستمر في قمع الأسرى حيث تمنع إدخال المراوح لهم وتقوم بمصادرتها، الأمر الذي يزيد من الخطورة على حياة الأسرى المرضى وكبار السن، ويزيد من معاناتهم لا سيما في ظلّ عدم توفر رعاية طبية حقيقية لهم”. (2)
كما قال المدير العام لهيئة شؤون الأسرى والمحررين وعضو اللجنة المكلّفة بإدارة الهيئة في قطاع غزة رأفت حمدونة: “إنّ الأسرى يعيشون رحلة عذاب كبيرة نتيجة المعاملة القاسية والمتعمّدة من أجل إذلالهم”، لافتاً إلى أنّ “المعاناة التي يواجهونها خلال عملية نقلهم إلى السجون الأخرى أو المحاكم، بسبب شدة الحرّ داخل الباصات في فصل الصيف، كونها مصنوعة من الصفيح السميك، ومقاعدها من الحديد وقليلة التهوئة، الأمر الذي يسبب ضيق تنفس لمستقلِّيها بسبب وجود ثقوب أعلاها، كل ذلك في ظل كثرة الدخان والروائح الكريهة والإكتظاظ”. (3)
صرخة الأهالي والجهات الحقوقية
طالب ذوو الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، المؤسسات الحقوقية والإنسانية ومجموعات الضغط الدولية والصليب الأحمر الدولي، بزيارة عاجلة للسجون للإطلاع على أحوال الأسرى في ظل ارتفاع درجة الحرارة، كما طالبت جهات حقوقية ومؤسسات مختصة بشؤون الأسرى، بالتدخل العاجل من أجل وقف معاناة الأسرى المتفاقمة.
وأشارت هيئات حقوقية إلى أنّ “الاحتلال لا يزال يمنع الأدوات المخففة للحرارة على الأسرى، الذين يقبعون بين أربع جدران في هذه السجون”.
بدوره، قال الأسير المحرر رامي أبو مصطفى: “إنّ موجة الحرّ تؤثر كثيراً على الأسرى، خاصة أنّهم موجودون في مناطق فلسطين الأشد حرارة”.
وأشار أبو مصطفى إلى أنّ “فكرة بناء سجون الاحتلال تكون مواجهة للشمس سواء في الشروق أو الغروب، لذلك طول الوقت الشمس مسلّطة على غرف الأسرى”.
وتابع: “الحرّ يمتد إلى ساعات الليل كون البناء الخاص بغرف الأسرى يحتفظ بالحرارة، لذلك تكون الأجواء في الداخل حارة جدا”. (4)
قطاع غزة يتحوّل لمقابر.. لا كهرباء ولا هواء
في السياق، تضرب قطاع غزة موجة شديدة الحرارة قفزت معها الحرارة إلى 38 درجة مئوية، وتعمّقت معها أزمة نقص الكهرباء المزمنة، حيث أدّت إلى تذمّر واسع في أوساط أكثر من مليوني فلسطيني يقطن أغلبهم في منازل متواضعة ومتلاصقة داخل مخيّمات وأحياء هذا الشريط الساحلي الصغير والمحاصر منذ عام 2007.
ومنذ مطلع الشهر الفائت، يعاني سكان قطاع غزة من أزمة نقص حادة في ساعات التغذية، إذ ارتفع مع درجات الحرارة معدل قطع الكهرباء يومياً إلى 12 ساعة، في حين لا تصل الكهرباء للمنازل لأكثر من 4 إلى 6 ساعات وفي ظل انقطاعات متكررة، انعكست بالغضب على حسابات النشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي.
ويُلقي نشطاء فلسطينيون بالمسؤولية على الاحتلال وطرفي الانقسام الفلسطيني الداخلي (السلطة وحماس) في ما يخص أزمة الكهرباء، إذ كتب أحدهم: “أخبروا المسؤولين أنّ منازل الفقراء أصبحت كالمقابر فلا كهرباء ولا هواء”.
وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء محمد ثابت لـ”الجزيرة نت”: “إنّ الأزمة تفاقمت (مطلع الشهر الفائت)، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاحتياج إلى 500 ميغاوات من الكهرباء، بينما المتوفّر لا يتجاوز 190 ميغاوات تكفي لوصول التيار الكهربائي للمنازل من 4 إلى 6 ساعات يومياً وقطعه لنحو 12 ساعة”. (5)
وفي محاولة للتغلّب على حرارة الجو، توافد الآلاف على الشواطئ هرباً من قيظ الصيف وانقطاع الكهرباء في منازلهم.
في حين، تستخدم بعض المنازل والشركات المولدات أو ألواح الطاقة الشمسية للتغلّب على انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، أما أولئك الذين لا يستطيعون شراء المولدات باهظة الثمن، فيستخدمون مصابيح تعمل بالبطاريات. (6)
*المصادر:
وسوم :
استغاثات الأسرى, الأسرى الفلسطينيون, الاحتلال الإسرائيلي, الانقسام الفلسطيني, القبة الحرارية, انقطاع الكهرباء, جهات حقوقية, درجات الحرارة, ساعات التغذية, سجن جلبوع, سجون الاحتلال, فصل الصيف, فلسطين المحتلة, معاناة الأسرى, موجة الحر الشديدة, هيئة شؤون الأسرى والمحررين