“بريكس 2023”.. لماذا تغيب فلسطين؟
أغسطس 24, 2023 5:27 ص*أحمد حسن
في ستينيات وسبعينيات وحتى ثمانينات القرن الماضي لم تغب فلسطين وقضيتها عن أي تجمع إقليمي أو عالمي تحرّري الطابع، بل إنّ بعض هذه “التجمعات” أُقيمت خصيصاً نصرة لقضيتها المحقّة، لكنّها ومنذ توقيع اتفاقية “أوسلو” بدأت بالانسحاب التدريجي من هذه التجمعات، وإذا كان يمكن تفهّم بعض ذلك، وإن على مضض كبير، في ظل سيطرة القطب الأمريكي الواحد على العالم، واقتناع “عرب السادات” -وهم ذاتهم ممولو وداعمو “أوسلو”- أنّ 99% من الأوراق بيد واشنطن، إلا أنّ الغياب، المادي والمعنوي، عن “بريكس 2023” يبدو مدوياً هذه المرة في ظل مفارقتين جليتين، أولهما، أنّ هذه الجولة الجديدة من “بريكس” وبغض النظر عن نتائجها الآنية، إلا أنّها تؤشر فعليا، وعلى المدى الأبعد، إلى “نهاية القرن الأمريكي” بحسب وصف صحيفة “الأوبزرفر” لها، وثانيهما، ارتفاع الوزن النوعي للمقاومة الفلسطينية والعربية الأخرى ضد “إسرائيل” وأمريكا ومخططاتهما في المنطقة، وبالتالي إمكانية استثمار ذلك لتعميق حضور “القضية” عالميا، خاصة في ظل إعلان نحو 40 دولة في الانضمام إلى مؤسسي “بريكس”، للإعلان عن اعتراضهم على “عدم توازن وغياب للعدالة” في، وعلى، كل المستويات، وفلسطين معنية أكثر من غيرها من عدم التوازن وغياب العدالة.
والحال، فإنّ الغياب الفلسطيني أنتج تغييباً “بريكسيا” لقضتيها التحرّرية المحقّة، فمن الملاحظ أنّ لـ”بريكس” بنوداً خمسة وهي: التوسع، عملة موحدة، بنك التنمية الجديد، أوكرانيا والأمن الغذائي، وأنّ هذه البنود -التي اتسع أحدها لأوكرانيا وهو أمر مفهوم وضروري- غابت، أو غُيّبت، عنها فلسطين، لكن الأخطر من ذلك أنّ هذا الغياب الذي يبدو مقصوداً لا يعني سوى استمرار السلطة في الرهان على الأمريكي، وهو للحقيقة رهان موضوعي، ووجودي، لأفراد السلطة ذاتهم باعتبار أنّهم لا يستطيعون النزول من القطار الأمريكي إلا إلى محطة النهاية، فقد ربطوا مصيرهم به للأبد.
والحق، فإنّ الحضور الفاعل كان أمراً واجباً بقدر ما هو ضرورة وطنية فائقة الأهمية، سواء من الناحية السياسية التكتيكية أو الاستراتيجية، وعلى الأقل للقول لواشنطن إنّ هناك طريقاً آخر، كما للقول للشعب الفلسطيني -والسلطة الآن في حاجة قول ذلك- إنّنا مع كل حراك تحرّري من الظلم في هذا العالم، وإنّنا نساند إقامة نظام عالمي أكثر توازنا، وفق ما قال رئيس الدولة المضيفة “سيريل رامافوزا”، فذلك بالمطلق في صالح فلسطين وقضيتها.
خلاصة القول، مرة أخرى يُضيّع الركض خلف الوهم الأمريكي فرصاً فلسطينية هامة جدا -وإن لم تكن محقّقة فـ”بريكس” تعاني أيضا- لإعادة بعض الاهتمام الدولي بهذه القضية، خاصة وأنّ شعبها لم يُقصّر يوماً في بذل دمائه لإبقاء شعلتها مضيئة ورايتها عالية، وهذا الشعب، بالتحديد، هو الأمل ولا أحد غيره.
*كاتب سوري
وسوم :
أحمد حسن, اتفاق أوسلو, الاحتلال الإسرائيلي, السلطة الفلسطينية, الشعب الفلسطيني, القرن الأمريكي, القضية الفلسطينية, القطار الأمريكي, المقاومة الفلسطينية, بريكس 2023, دول البريكس, سيريل رامافوزا, صمود, فلسطين المحتلة, مجموعة بريكس