بعد مرور 41 عاماً على “صبرا وشاتيلا”.. متى يتحوّل المدفن إلى معلم وشاهد يؤرخ للمجزرة ويخلّد الذكرى؟
سبتمبر 16, 2023 5:00 ص*حمزة البشتاوي
بعد مرور 41 عاماً على المجزرة، يعود صوت الشاعر محمود درويش يتردد صداه في أرجاء المخيّم قائلا: “صبرا ودّعت فرسانها وزمانها واستسلمت للنوم من تعب ومن عرب رموها خلفهم”، ويترافق هذا الصوت مع السؤال الممضّ الذي يوجهه أهالي الضحايا إلى كافة المعنيين من فلسطينيين ولبنانيين حول متى سيتمّ إطلاق مبادرة جدية لتحويل المكان الذي دُفن فيه ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا إلى مكان يليق بكرامة الشهداء ويتحول إلى معلم وشاهد على مجزرة مشبعة بالدم والأشلاء، وهذا السؤال يُطرح والجرح ما زال مفتوحاً وما زال الدمع ملتهباً في المقل والأفئدة، على جريمة العصر الكبرى التي ارتكبها الصهاينة وعملاؤهم في صبرا وشاتيلا ضد النساء والأطفال والشيوخ من لبنانيين وفلسطينيين ومن جنسيات أخرى.. هم شهداء وليسوا مجرد أرقام في دفاتر الموت كما يريد أعداء لبنان وفلسطين والعدالة الذين استخدموا الفؤوس والبلطات والسكاكين والسواطير والحبال والبنادق الحاقدة لارتكاب المجزرة باعتبارها جزءاً من فيلم أمريكي – صهيوني – قواتي، طويل.
وما زالت حتى يومنا هذا رائحة الموت موجودة في ذاكرة أهالي الضحايا والناس وتفاصيل الأزقة في صبرا وشاتيلا التي تؤكد بأنّ الكيان الصهيوني هو المصدر الأساسي للإرهاب الدموي والمجازر الجماعية الممتدة من فلسطين إلى لبنان ولم يرتدع يوماً إلا بسبب وجود فعل وثقافة المقاومة وما زال هذا الكيان مستمراً بالتصرف على أساس أنّه غير خاضع للمحاسبة أو لأية قوانين ومعايير أخلاقية وإنسانية.
والكل يعلم أنّه لولا التواطؤ الأمريكي والدور الإسرائيلي المباشر وعملاؤه الحاقدون لما تمّ ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا التي ستبقى وصمة عار على جبين القتلة وتاريخهم البشع الذي لا يُمحى من ذاكرة الإنسانية.
وكي لا ننسى “صبرا وشاتيلا” سيجري هذا العام إحياء ذكرى المجزرة الواحدة والأربعين بمشاركة لبنانية وفلسطينية وعربية ودولية واسعة، وهذا يشكّل رسالة واضحة بأنّ هذه المجزرة يستحيل أن تسقط بالتقادم مع إستمرار المطالبة بتحقيق العدالة والقصاص من القتلة.
ومن أبرز الأنشطة التي ستُقام، إضافة للندوات واللقاءات، إحتفال في المركز الثقافي لبلدية الغبيري/ قاعة رسالات، حيث من المقرر أن يتحدث فيه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وبعده ستنطلق مسيرة حاشدة بمشاركة الوفود الأجنبية وشخصيات فلسطينية ولبنانية ومؤسسة بيت أطفال الصمود وكشاف ومسعفين من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والمؤسسات الأهلية اللبنانية والفلسطينية باتجاه مدفن ضحايا المجزرة، إضافةً لقيام الفصائل والأحزاب والمؤسسات اللبنانية والفلسطينية بعدد من المسيرات والوقفات والمعارض واللقاءات مع أهالي الضحايا وذلك للتأكيد على شعار: “كي لا ننسى صبرا وشاتيلا” التي تعيش فينا ألماً ووجعاً وذاكرة وتاريخاً لم ولن يرحم القتلة المجرمين الذين رصدتهم كلمات الشاعر محمود درويش في صبرا وشاتيلا حين قال:
“صبرا تنام وخنجر الفاشي يصحو
صبرا تنادي من تنادي
كل هذا الليل لي والليل ملح
يقطع الفاشي ثدييها.. يقلّ الليل
يرقص حول خنجره ويلعقه، يغني لانتصار الأرز موالاً
ويمحو
في هدوء في هدوء لحمها عن عظمها
ويمدد الأعضاء فوق الطاولة
ويواصل الفاشي رقصته ويضحك للعيون المائلة
ويجنّ من فرح وصبرا لم تعد جسداً
ركبها كما شاءت غرائزه
ويسرق خاتماً من لحمها ويعود من دمها إلى مرآته
ويكون.. بحر
ويكون.. بر
ويكون.. غيم
ويكون.. دم
ويكون.. ليل
ويكون.. قتل
ويكون.. سبت
وتكون صبرا
صبرا تقاطع شارعين على جسد
صبرا نزول الروح في حجر
وصبرا لا أحد”.
*كاتب وإعلامي
وسوم :
الاحتلال الإسرائيلي, اللاجئون الفلسطينيون, صمود, فلسطين المحتلة, لبنان, مجزرة صبرا وشاتيلا