التطبيع.. إنهاء للسلطة ونسف للسيادة

التصنيفات : |
أكتوبر 6, 2023 7:21 ص

*محمد القيق – الضفة المحتلة:

في مواجهة المقاومة الفلسطينية وإصرار الشعب على نيل حقوقه ورفض الاحتلال؛ بات الأخير يُسرّع قطار التطبيع ويضيف قاطرة جديدة إليه، في ظل وجود أخريات عدة منذ عام 1979 ولغاية اليوم.

كل ذلك في محاولة لطمس أهم حقيقة وهي أنّ فلسطين أرض يحتلها اليهود ويقيمون فيها قاعدة عسكرية أمريكية يغلّفونها بمستوطنين، ويربطون ذلك بتاريخ ودين ويحيطون القاعدة بأنظمة استبداد جيشها، حارس الكيان وأمنها، رعباً للعربي وحماية للاستبداد.

يواصل الاحتلال تسريع هذا المشهد الذي عززه الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” ويواصل إضافة مقطورات جديده إليه، الرئيس الأمريكي الحالي “جو بايدن”، وأهدافها كبيرة جداً وعابرة للحدود في إطار رؤية الكيان بأنّ حدود “إسرائيل” من النيل إلى الفرات.

هناك أهداف متعددة للتطبيع لا يمكن وضعها في خانة واحدة وطمس عمق اللجوء لها؛ وهي الحاجة الاقتصادية، فنفي ذلك يتمثّل بقيام دول عربية غنية بالتطبيع دون أن يكون ذلك من أجل المال، ولذلك فإنّ الأهداف، منذ عقود، لترويض الشعوب العربية على وجود “إسرائيل”، تخدم استراتيجية الغرب

هناك أهداف متعددة للتطبيع لا يمكن وضعها في خانة واحدة وطمس عمق اللجوء لها؛ وهي الحاجة الاقتصادية، فنفي ذلك يتمثّل بقيام دول عربية غنية بالتطبيع دون أن يكون ذلك من أجل المال، ولذلك فإنّ الأهداف، منذ عقود، لترويض الشعوب العربية على وجود “إسرائيل”، تخدم استراتيجية الغرب ومنها:

– معادلة الجغرافيا التي يُراد فيها ضرب المعنوية العربية وإبقاء الحلم العربي مجرد أغنية يمزّق واقعها حدود وقطيعة وحروب وإفقار ومناكفة.

– التطبيع هو رخصة النظام المطلع للدخول إلى العالم كله، حيث يحصل النظام المطبِّع على الامتياز السياسي الدولي، وهذا الشرط تضعه أمريكا على العالم.

– التطبيع معادلة الاتزان في الشرق الأوسط التي من خلالها تنفتح الجيوش على بعضها والمخابرات تتداخل ويصبح العدو هو الشعب، وأما الجيش فستكون العقيدة الواحدة منسقة بما تجريه أمريكا في برنامج التدجين وتبادل الخبرات وانخراط الجهات وتوزيع الأدوار.

– التطبيع سلاح الإسرائيلي الذي سيكون أقوى في وجه أي دولة عربية لا تطبّع، وسيكون السيف الذي ستضرب به في كل بقعة بعد فتح الحدود والمجال الجوي وأجهزة المراقبة ووجود اللجان المشتركة.

– التطبيع هو الوصفة التي يحاول الاحتلال وأنظمة العرب استخدامها في إطار الحرب المعنوية على الفلسطينيين وترهيبهم وتعجيزهم كي يستسلموا، وكذا هي الوصفة ضد الشعوب لدمجها وتخريب مرتكزات أفكارها عن التاريخ.

– التطبيع هو مقبرة السلطة الفلسطينية ووأد كل بنود السيادة في اتفاقية اوسلو، وهو الهدف الأهم الذي من أجله جاءت فكرة اوسلو وتمخّضت قمة بيروت، فولّدت المبادرة العربية للسلام التي كان توقيتها وبنودها مشكوك فيها منذ لحظتها، حيث أنّ القمة من أجل نصرة فلسطين؛ فكيف بها باتت منقذاً للكيان واستجداء للتطبيع؟!.

يتجلى ما يريده الاحتلال من إنهاء وجود الفلسطينيين السياسي، وإبقاء المشهد أمنياً في الضفة الغربية وهدم الجسر فوراً بعد استكمال ما لأجله أنشىء جسر “أوسلو” وهو: التطبيع

هنا، وفي هذا المضمار يتجلى ما يريده الاحتلال من إنهاء وجود الفلسطينيين السياسي، وإبقاء المشهد أمنياً في الضفة الغربية وهدم الجسر فوراً بعد استكمال ما لأجله أنشىء جسر “أوسلو” وهو: التطبيع.

اليوم يُحاصَر الفلسطيني في كل شيء حتى في أروقة جامعة الدول العربية؛ في ظل الاعتداء على الفلسطينيين لا تسمع حتى بياناً أو إدانة، بل بات كل فريق الجامعة يغرّد خارج سرب العروبة والقضية ومن هو داخل السرب فهو منبوذ ومحاصر ومتقطعة به السبل.

اليوم، هناك مفارقة قلبت الموازين بين التطبيع المنشود وقرار الشعب الفلسطيني بالمقاومة وتفعيلها والثبات والصمود رغم كل المحبطات من حوله.

ولكن، للشعب ومقاومته كلمته، ومفادها أن “لو قبّلوا يد نتنياهو وبن غفير من المحيط إلى الخليج سيبقى الفلسطبني يقاوم وينشد التحرير”

فكانت وحدة ساحات في مواجهة تطبيع عابر للجبهات؛ وكانت مقاومة تنسف تنسيقاً وتفضح تطبيعا، وكان الإصرار في وجه التثبيط الذي كشفت الأيام أنّ جلّ حلقاته عربية بامتياز؛ والتخدير والتمرير سيد الموقف في بيانات تراكم غبار الوهم والوعود على ورقها وتداخلت حروفها وانمسحت منها أهم الكلمات كالعروبة والثبات ودعم الشعب الفلسطيني، ليبقى وحيداً في الميدان يواجه على كل الصعد ينشد حقّاً أقره العالم وكفلته القوانين.

وما زال بعض العربان يحاول إلغاء ما فيها من مضامين ليتحقّق هدفهم “وجدت إسرائيل لتبقى، ووُجدنا لمنع فلسطين من الحياة”.

ولكن، للشعب ومقاومته كلمته، ومفادها أن “لو قبّلوا يد نتنياهو وبن غفير من المحيط إلى الخليج سيبقى الفلسطبني يقاوم وينشد التحرير”، هذا هو بيت القصيد ونقطة الضعف التي أصابت “إسرائيل” وأدركت أجهزتها الأمنية وحكومتها أنّ مرحلة قادمة ستكون صعبة رغم وجود التطبيع، فهذا أعطى للفلسطينيين دفعة للثبات بعد الخذلان وهذا ما كان بعد جولة التطبيع عام 2021، وجاءت “سيف القدس” التي نشأت من خلاها وحدة الساحات، والضفة اشتعلت، والمواجهة توسّعت.

*كاتب فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,