التهشيم الاستراتيجي للكيان الصهيوني

التصنيفات : |
أكتوبر 18, 2023 8:16 ص

*محمد حسين

يعيش الكيان الصهيونى في أسوء مراحله منذ قيامه عام 1948 بعد العملية المزلزلة التي أصابته (طوفان الأقصى) التي وجهت ضربة قوية لهذا الكيان على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية والاجتماعية وأنجزت نقلة نوعية بالصراع معه.

لقد حقّقت عملية طوفان الأقصى تهشيماً استراتيجياً لكافة منظوماته، لن يستطيع الحد من تداعياتها التي تهدد مستقبله إلا بتحقيق إنجاز استراتيجي في هذه المعركة مع قوى المقاومة  التي أعتقد إذا ما فشل فيها فإنّ مستقبل وجود “إسرائيل” سيكون على مفترق طرق في المستقبل القريب.

إنّ عملية القتل والتدمير الممنهج لقطاع غزة لن ترمم هذا التهشيم الاستراتيجي وهو يدرك ذلك جيدا، وليس آخرها دماء الشهداء الأبرياء الذين سقطوا في المجزرة المروعة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، أمس، في مستشفى المعمداني في غزة وراح ضحيتها 500 شهيد وخلّفت آلاف القلوب الثكلى على الأبرياء من شعبنا المقاوم بالروح والأبدان.

لقد أسقطت عملية طوفان الأقصى فكرة البقاء لديه من خلال:

أولا، تحطيم أسطورة جيش الاحتلال الإسرائيلي “الجيش الذي لا يُقهر”، هذه الأسطورة التي أخافت غالبية النظام  الرسمي العربي وبعض الفلسطينيين حتى وصلت إلى فكر جزء من النخب العربية وحتى من الشعوب العربية.

إنّ تحطيم الأسطورة يعني أيضاً فقدان ثقة الحلفاء (أمريكا والغرب) بقدرة “إسرائيل” على الدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء خارجي

ثانيا، إنّ تحطيم هذه الأسطورة يعني فقدان الثقة المتعالية لدى المجتمع الإسرائيلي الذي كان يعتقد أنّ لديه جيشاً قوياً يستطيع ليس هزيمة الفلسطينيين فحسب بل هزيمة كل العرب أيضا، وأنّه يستطيع أن يحقّق له الأمن المطلق.. ما يعني عليه التفكير بمغادرة هذه الأرض التي لا توفر له الأمان المطلق كما كان يعتقد.

ثالثا، إنّ تحطيم الأسطورة يعني أيضاً فقدان ثقة الحلفاء (أمريكا والغرب) بقدرة “إسرائيل” على الدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء خارجي وبالتالي سيصبح هذا الحليف والشريك والقاعدة المتقدمة لهم في المنطقة العربية مثار شك في قدرته على البقاء.

على مستوى المؤسسة الأمنية، كانت أجهزة الأمن الإسرائيلية (الموساد، الشين بيت، الشاباك، إلخ) مثار إعجاب المجتمع الإسرائيلي وحلفاء الكيان الصهيوني، كما هي مثار رعب للعديد من الدول التي كانت تخشى من عملياتها وقدرتها على الوصول لأي هدف من الأهداف التي تريدها، لكنّ عملية طوفان الأقصى وجّهت لها ضربة قاسمة ومرغت أنفها في التراب أمام المجتمع الإسرائيلي وأمام العالم كله، ليخرج  الناطق باسم الخارجية الأمريكية ويقول: “لا نعرف ماذا حصل وكيف حصل وكيف استطاع الفلسطينيون تجاوز كل المنظمومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، لقد أصبحت هذه المؤسسة مثار سخرية لكافة المحللين الاستراتجيين في العالم. حتى مراكز أبحاثهم الأمنية التي كانت تشكّل مرجعية للعديد من مراكز الأبحاث العالمية والعربية والفلسطينية أُصيبت بالصدع”. 

إن فكرة البقاء أصبحت على المحك بالمعنى الاستراتيجي لهذا الكيان في المدى المنظور، في مقابل هذا الانتصار الاستراتيجي الذي تحقّقه المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى، ستحاول “إسرائيل” ومن خلفها أمريكا والغرب عبر عملية التدمير الشامل الذي ترتكبه في قطاع غزة وقتل آلاف المدنيين العزّل لوضع المقاومة الفلسطينية في زاوية (الندم) على الهجوم المحكم والمباغت الذي قامت به في السابع من أكتوبر، وإسقاط فكرة المقاومة التي يؤمن بها الشعب الفلسطيني والعربي لاسترداد حقوقه المشروعة.

يدور القتال الآن، بعد عملية طوفان الأقصى، بالمعنى الاستراتيجي، حول فكرة من يسقط من؟، الاحتلال أم المقاومة؟

ستقاتل “إسرائيل” من أجل فكرة البقاء وترميم كيانها الذي تهشّم عبر محاولة تحقيق إنجاز  نوعي على قوى المقاومة في غزة من خلال عملية برية لا أحد يستطيع الآن رسم سيناريو محدد لها ولتداعياتها على المنطقة بأسرها، خاصة بعد التطورات الأخيرة، وما ستحمله أيضاً زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة.

بالمقابل، سيواجه الشعب الفلسطيني ومقاومته وسيصمدون متمسكين بفكرة إمكانية هزيمة الاحتلال الصهيوني بالمقاومة وحدها وليس بمفاضات التسوية التي لم تأتِ للفلسطينيين إلا بمزيد من الاحتلال وجرائمه.

يدور القتال الآن، بعد عملية طوفان الأقصى، بالمعنى الاستراتيجي، حول فكرة من يسقط من؟، الاحتلال أم المقاومة؟.

إذا خرجت المقاومة الفلسطينية من هذه المعركة سليمة فإنّ “إسرائيل” ستدخل بكل تأكيد في العد التنازلي لوجودها.

* مسؤول المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية في سوريا


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,