غزة تقاوم وترفض بالدم ما كُتب بالحبر من خطط التهجير
أكتوبر 27, 2023 6:39 ص*حمزة البشتاوي
نتيجة النكبة التي وقعت على الشعب الفلسطيني في العام 1948 والتهجير القسري، لجأ إلى قطاع غزة عدد كبير من أبناء مدن وبلدات وقرى بئر السبع ويافا واللد والرملة، ليتحولوا بفعل المجازر وإرهاب العصابات الصهيونية من مواطنين إلى لاجئين، وأقاموا في خيم نُصبت لهم على عجل، وبشكل مؤقت بانتظار عودتهم إلى بيوتهم التي كانوا يتوقعون العودة إليها بعد أسبوع على أبعد تقدير، ولكنّ الوقت طال واستُبدلت الخيم ببيوت مسبقة الصنع ثم منازل مبنية من الحجارة والإسمنت تقي من حر الصيف وبرد الشتاء، وذلك ضمن نطاق ثماني مخيّمات يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون في قطاع غزة وهي: رفح، خان يونس، دير البلح، النصيرات، البريج، المغازي، الشاطئ وجباليا.
ويعيش في هذه المخيّمات وفق تقديرات “الأونروا” مليون وأربعمائة ألف لاجئ فلسطيني، يشكّلون نحو 70% من إجمالي عدد السكان، وتبلغ الكثافة السكانية داخل هذه المخيّمات الثمانية حوالي 55 ألف نسمة في الكيلومتر المربع الواحد.
وتبلغ مساحة قطاع غزة الذي يشكّل 1,33% من مساحة فلسطين التاريخية 365 كلم بطول 45 كلم وعرض يتراوح ما بين 7 إلى 12 كلم، ويبلغ عدد سكانه الإجمالي مليونين وأربعمائة ألف من الفلسطينيين الذين يعانون منذ ما قبل العدوان الحالي من حصار مستمر منذ العام 2007، ومن تداعيات خمسة حروب أخطرها ما يجري الآن من حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي يستند إلى خطة مكتوبة ومعدة مسبقاً لتهجير أهالي قطاع غزة إلى صحراء سيناء.
وتحدّث عن بعض تفاصيل هذه الخطة نائب وزير خارجية الاحتلال الأسبق داني أيالون الذي قال: “هذه الخطة تهدف لإعادة هندسة قطاع غزة سكانياً عبر إرغام عدد كبير من السكان على التوجه عبر ممر آمن باتجاه صحراء سيناء على مساحة سيتمّ تجهيزها بالخيام والماء والغذاء”.
ويحاول جيش الاحتلال التمهيد لتنفيذ هذه الخطة بارتكاب المزيد من المجازر وتدمير المنازل والبنى التحتية وقطع كلي للماء والكهرباء، وحرمان أهالي قطاع غزة من أدنى مقومات الحياة.
وتُعتبر هذه الخطة محاولة إسرائيلية لمحو صورة الهزيمة التي حصلت بعد عملية طوفان الأقصى، واستبدالها باستعادة صور النكبة الأولى والتهجير، وفق المقولة الصهيونية القديمة أرض أكثر بسكان أقل، بدعم مطلق من الإدارة الأمريكية وعدد من حكومات الدول الغربية التي وافقت على إعطاء الضوء الأخضر الأمريكي لحكومة الحرب الإسرائيلية كي تقتل وتقصف وتدمر المنازل والأبراج السكنية والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، لدفع الناس المتروكين بالعراء لمغادرة أرضهم ومنازلهم.
ولكنّ أهل غزة الذين صمدوا طيلة سبعة عشر عاماً من الحصار والحروب يواجهون العدوان وأهدافه ببسالة وصمود أسطوري وإرادة عصية على الإنكسار، رغم ارتفاع وتيرة شهوة القتل والتدمير لدى جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين الذين هربوا من مستوطنات غلاف غزة ويهربون عبر المطار بجوازات سفرهم الأصلية، ومنهم من أقاموا بالفنادق أو في الخيام التي نُصبت لهم في مدينة إيلات قرب الحدود المصرية.
وأما أهالي غزة وبمعنويات عالية، يزداد أصرارهم على رفض تكرار النكبة مرة ثانية متمسكين بالبقاء أموات أو أحياء، ويقاومون بفداء وتضحية وشجاعة غير مسبوقة، تخيف جيش الاحتلال المدجج بمختلف وأحدث أنواع الأسلحة من الدبابة وصولاً إلى حاملات الطائرات، وغزة بكل ما فيها لا تستسلم بل تستمر بإعطاء حصص جديدة من دروس الصمود والبطولة كأسلوب راسخ ومتجذّر فيها، لتعلن لمن يسمع أو يرى بأنّ ما كُتب بالحبر من خطط للتهجير ترفضه غزة بالدم، وهي سوف تقضي على أحلام الغزاة بقتلها ورميها في البحر، وتعلن كعادتها جدارتها الكاملة بالنصر والحياة.
*كاتب وإعلامي
وسوم :
الأونروا, الإدارة الأمريكية, الاحتلال الإسرائيلي, العدوان على غزة, اللاجئون الفلسطينيون, جرائم الاحتلال, حمزة البشتاوي, خطط تهجير أهل غزة, سكان غزة, صمود, طوفان الأقصى, عصابات المستوطنين, فلسطين المحتلة, مخيّمات غزة, مستوطنات غلاف غزة